نشرت صحيفة محلية الأسبوع الماضي تصريحاً للقنصل التجاري الكوري الجنوبي على هامش معرض للعطور الكورية أقيم في مدينة جدة، ذكر فيه أن سبب ارتفاع أسعار البضائع الكورية بثلاثة أضعافها مقارنة بالسعر الذي تباع به في بلد المنشأ هم بعض الوكلاء المحليين وأن بلاده لا تتدخل في عملية تحديد الأسعار، بل تهتم بمستوى جودة المنتج. نحن المستهلكين وللأسف لا حول لنا ولا قوة للتصدي لهؤلاء الوكلاء (الهوامير)، والذين أدمنوا الضحك علينا، وجففوا جيوبنا منذ عشرات السنين. استبشرنا خيراً بانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، التي من ضمن استحقاقاتها للدول الأعضاء فيها إلغاء الحاجة إلى وكلاء محليين للدول المصدّرة لنا بضائعها، ولكن للأسف الوضع لم يتغيّر، واستمرت الوكالات التجارية كما هي، ولم نشهد المصانع الأم الأجنبية تدير منشآتها لدينا، ونلحظ ذلك في وكالات السيارات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، المهم أن المستهلكين المحليين وعندما يقارنون الأسعار في البلد المصنِّع وأسعارها لدينا تصيبهم صدمة، وبعضهم قد يذهب إلى هذا البلد أو ذلك ويجلب بضاعته الشخصية مباشرة من هناك ويوفّر مبالغ ليست بالقليلة، ولكن الكل لا يستطيع القيام بمثل هذه الرحلات لظروف عدة. بعضنا يدعو إلى مقاطعة بعض السلع، ولكن هذا الأسلوب يفشل بالغالب، لأنه يحتاج إلى وعي جماعي من جمهور المستهلكين، والتجارب المحلية شاهد على ذلك وإن اختلفت الأسباب، التي قد يكون من بينها أسباب سياسية ودينية وتجارية. تصريح الملحق التجاري الكوري الجنوبي لافت، وأعتقد أن خلفه أسباباً أضرت بمبيعات بلاده التجارية وليس تعاطفاً معنا، إذ سكت هو وكثير من الملاحق التجاريين لكثير من الدول سنوات طويلة ووكلاؤهم يفترسوننا وهم صامتون، ولكن يبدو أنه مع الركود الاقتصادي وضعف القوة الشرائية لدى المستهلك المحلي، التي حدثت في الأشهر الأخيرة، بدأت تأتي بنتائجها من حيث الوعي الاستهلاكي، وأكبر دليل على ذلك التخفيضات التي نشهدها في السوق المحلية، التي تصل إلى نصف القيمة للبضائع مقارنة بأسعارها السابقة. البعض يجادل بأن الشركات المصدّرة عليها مسؤولية أخلاقية في ضبط الأسعار في الأسواق الخارجية، ولكن هذا حلم وسراب، إلا أنه باعتقادي أن المسؤولية تقع على الجهات الرسمية المحلية لدينا، وخصوصاً وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك، فوزارة التجارة على رغم الجهد الذي تبذله مشكورة في هذا الجانب، إلا أنها مقصّرة في عملية ضبط الأسعار التي يجنيها الوكلاء المحليون منا، فكثير ما نسمع عن استدعاء الآلاف من السيارات من الوكلاء في بعض الدول، وفي المقابل نوعية المركبة نفسها في سوقنا المحلية لا يتخذ الإجراء نفسه إلا في مرات قليلة وعلى استحياء، أمّا هامش الربح فالوزارة نادراً ما تتدخل في هذه المسألة، وهذا تقصير واضح من الجهات الرسمية، بدعوى أن اقتصادنا يتبع النظام الاقتصادي الحر، ولكن كثيراً من الدول الرأسمالية لا تترك مواطنيها للاستغلال الواضح من الوكلاء الأجنبيين في بلادها. هل دور وزارة التجارة فقط محصور في تلقي شكاوى عمليات ما بعد البيع؟ أم في إعطاء تصاريح للوكلاء لعمليات التخفيضات التي يقومون بها؟ لا شك في أن دور الوزارة وحماية المستهلك يجب أن يتعدى ذلك ويحمينا مــن وكلائنا المحليين. نقلا عن الحياة