أبدى متخصصان ماليان تفاؤلهمها بأداء مؤشر السوق السعودي للعام الجاري، مشيرين في حديثهم ل "الرياض" أن السوق سيحقق خلال 2014 مكاسب لارتفاع الكفاءة التشغيلية لعدد من الشركات بالإضافة لبداية الإنتاج التجاري للشركات حديثة التشغيل، محذرين في الوقت ذاته من المضاربات غير المبررة لمن لا يملك المعرفة الكافية، والتي وصفوها بمثابة (محرقة للمال) لافتين الى ان دخول المستثمر الأجنبي للسوق السعودي، سيكون الاثر الإيجابي، وخاصة عند اعلان الخبر، لاحتمالية دخول مؤشر السوق السعودي بمؤشر الاسواق الناشئة. وأرجع مدير المحافظ الاستثمارية عضو جمعية الاقتصاد السعودية بدر بن صالح البلوي أسباب الارتفاعات المتتالية التي يشهدها السوق السعودي منذ نهاية 2012 الى النمو المحقق والنتائج المميزة التي حققتها الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودي للعام 2013، حيث ارتفعت أرباح الشركات المدرجة 27% بنهاية العام 2013، متوقعاً أن يستمر النمو خلال العام الحالي في ظل ارتفاع الكفاءة التشغيلية لعدد كبير من الشركات، بالإضافة الى بداية الإنتاج التجاري للشركات حديثة التشغيل التي كانت سابقا تحت طور الإنشاء وهو ما سيضاف للسوق خلال العام الحالي، لافتاً الى أنه في الجانب الآخر من استمرار السياسة المالية التوسعية في الإنفاق بالإضافة الى انخفاض أسعار الفائدة حفز السيولة الى أخذ مزيد من المخاطر والتوجه الى فتح مراكز استثمارية في سوق الأسهم السعودي وهو ما عزز من أداء السوق خلال الفترة الحالية. أسواق الأسهم ذات حساسيه عالية وحول أهم المهددات التي قد تقلص من الأداء الإيجابي لسوق الأسهم، أكد البلوي أن أسواق الأسهم بشكل عام ذات حساسية عالية تجاه أي مفاجآت أو أخبار غير متوقعة وهذا ما يبرر ردة الفعل العنيفة في بعض الأحيان تجاه أي متغير غير محسوب أو مفاجئ، مضيفاً أن المخاطر السياسية على رأس المعطيات التي قد تحد من الأداء الإيجابي في حال تطورت الأوضاع سواء على الساحة الخليجية أو العالمية، مبيناً أن التطورات الاقتصادية والمعطيات الاقتصادية سواء كانت على المستوى الدولي أو المحلي ستكون إيجابية ومن المتوقع استمرارها خلال الفترات القادمة. وحول الاحاديث التي تداولت بأن سوق الأسهم بدأ بتكوين فقاعة شبيهة بتلك التي حدثت في عام 2006 قال البلوي " تُعرف فقاعة الأسواق بأنها الزيادة المضطردة والمتسارعة في القيمة السوقية لأصل ما، كما يقصد بهذا التعبير وصف لبعض الاقتصاديات التي تشهد رواجا اقتصاديا كبيرا خلال فترة زمنية محدودة دون أن تستند لقاعدة متينة قادرة على توليد دخل منتظم على أسس دائمة ويمكن تعريفها أيضا بأنها وصف لحالة تحدث عندما تتسبب المضاربة غير المبررة على أصل مالي مما يؤدي الى زيادة متسارعة في سعر تلك الأصل مع تهميش القيمة الحقيقية وانحرافها بشكل غير منطقي عن السعر الأساسي أو العادل"، مضيفاً بأن الارتفاعات التي حدثت بالسوق استندت على معطيات أساسية جيدة دعمت وعززت من أداء السوق، ولكن هناك شركات مدرجة أعتقد البلوي أنها مرتفعة وبشكل مبالغ فيه ولا تعكس القيمة الحقيقية ولا التوقعات المستقبلية لها وهذه الدفعة أتت لأسباب مضاربية بحتة وهو ما قد يؤدي الى انفجارها في أي وقت عندما تنتهي حالة التفاؤل تجاه هذه الشركات. التوقعات المستقبلية ولفت بدر البلوي الى أن التوقعات المستقبلية لسوق الأسهم السعودي وما اذا كان السوق في طور تكوين فقاعة مستقبلية أم لا، أوضح أنه من الصعوبة تحديد ذلك في الوقت الحالي خصوصا وأن الفترة الحالية تعكس الأداء الجيد للشركات، بالإضافة الى توقعات وتطلعات المتعاملين المستقبلي مشيراً الى أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار حجم النقد العالي داخل الاقتصاد السعودي وهو ما قد يدفع الأسعار الى أعلى من القيمة العادلة بسبب حجم النقد المرتفع داخل الاقتصاد السعودي وضيق القنوات الاستثمارية وهو ما قد يضع علاوة لبعض الشركات. وحول هل سيكون حاجز 10000 نقطة عقبه أمام المؤشر العام خلال الفترة القادمة قال البلوي " بالرغم من المعطيات الإيجابية للشركات والتوقعات التي تشير الى استمرار وتيرة النمو مستقبلا، إلا أنني أعتقد أن المستويات الحالية عادلة الى حد كبير وأخذه بعين الاعتبار النمو المتوقع على ضوئه أعتقد أن تجاوز مستوى 10.000 نقطة سيكون مرهونًا بتدفق قوي للسيولة التي اخذت شكلًا ودائعًا خلال الفترة السابقة أو محفزاً أقوى يدفع المستثمرين الى ضخ مزيد من النقد والاحتفاظ بالأسهم المملوكة حالياً ". وفيما يعتقد البعض أن سوق المال غير خاضع للتحليل الأساسي و يسير وقفا لنظريات فنية، بيّن البلوي أن النظرة الأساسية هي أول خطوة للإقدام على الاستثمار بعيدا عن السلوك السوقي للمتعاملين مبيناً أنه لا يمكن بناء محفظة استثمارية جيدة دون دراسة جادة للمعطيات الأساسية سواء على مستوى الاقتصاد أو الشركات أو عملاء الشركات "الموردين والمستوردين" مضيفاً بأنه يجب معرفة الوضع المالي لكل طرف ذي علاقة بالشركة التي يرغب المتعامل امتلاك حصة فيها، مبيناً أن هذا لا يعني تهميش الجانب الفني، فالتحليل الفني يقيس سلوك المتعاملين تجاه السوق أو الشركة، معتقداً أن القرارات الاستثمارية التي تتخذ بناء على خليط من التحليل الفني والأساسي تكون نتائجها أفضل وتخفض معها نسبة الخطأ في القرار. عودة الشهية الاستثمارية للسوق بدورها قالت منيرة الدوسري، مديرة صناديق استثمارية ومحللة فنية معتمدة من الجمعية العالمية للمحللين الفنيين الى انه ومن مراقبة السيولة في الفترة السابقة يبدو واضحا عودة الشهية الاستثمارية للسوق والتي بدأت كالمعتاد بدخول السيولة الذكية وهي سيولة المؤسسات وكبار المستثمرين وتلاها الافراد بطبيعة الحال، مشيرة الى أن السيولة في الآونة الاخيرة في معظم الاوقات تؤكد مسار السوق فهي ترتفع عند ارتفاع السوق وتنخفض عند الانخفاض، لافتة الى أن هذا مؤشر ايجابي وأضافت " نلاحظ ايضا دخول سيولة شراء في مراحل جني الارباح التي يوجهها المؤشر عند المقاومات وبعد الارتفاعات القوية ويعتقد كثير من المستثمرين ان هذه السيولة خرجت من العقار بالتحديد وجاءت الى سوق الاسهم السعودي ولهذا جزء كبير منها كان على شكل ودائع في البنوك حال دون استثمارها الرغبة في تجنب المخاطر آنذاك الى حين ان يعطي السوق مؤشرات قويه للدخول". وحول رأيها في قطاعات السوق وما هي القطاعات التي سوف تستحوذ على اهتمام المستثمرين الفترة القادمة، قالت الدوسري " من الملاحظ منذ بداية العام الارتفاعات القوية على قطاع التطوير العقاري الذي ارتفع بأكثر من 28% منذ بداية العام ويعد افضل القطاعات اداء حتى اليوم، ويندرج تحت هذا القطاع عدد من الشركات المستثمرة في عقارات الاماكن المقدسة التي تعد اغلى عقارات العالم فهي تشهد ارتفاعات قوية لأسباب مختلفة منها من يتنظر تعويضات من الحكومة مرتبطة بخطط التوسعية مثل شركة طيبة ومكة ومنها من ينتظر اخبار التشغيل و بيع وحدات مثل جبل عمر ومدينة المعرفة، ويبدو ان هذا القطاع سيستمر في تحقق اداء قوي رغم الارتفاعات الكبيرة في السنوات الماضية بسبب اقبال المستثمرين. وفيما يخص قطاع التجزئة ثاني افضل قطاعات السوق اداء حيث انه ارتفع بنسبة 25% منذ بداية العام فهو ايضا من القطاعات الحيوية التي رغم ارتفاع التقييمات ومكرر الارباح فيها لاتزال تشهد ارتفاعات قوية و هذا القطاع يعكس بشكل كبير القوة الشرائية للمواطن السعودي والنمو الاقتصادي فالسعودة الوظائف، تأنيث المحلات بالإضافة لحافز (مساعدات الباحثين عن عمل في المملكة) كلها اسباب تصب في مصلحة هذا القطاع وشركاته ولهذا فإن القطاع يحتوي على شركات مختلفة المجالات وتتمتع بربحية جيدة وآفاق نمو كبيرة على المدى البعيد، وبالنسبة للقطاع البنكي وهو اكبر قطاعات السوق السعودي من حيث القيمة السوقية للاسهم الحرة التي تزيد نسبته عن 28% فقد شهد هذا العام اخبار محفزة تمثلت بزيادة عدد كبير من البنوك لرؤوس اموالها و بعض منها كانت الزيادة كبيرة وغير متوقعة مثل بنك الرياض والبنك الفرنسي وسامبا وارجت البنوك هذه الزيادة لرغبتها في التوسع في الاقراض وزيادة الكفاءة المالية وهذا من شأنه ان يحفز النمو الاقتصادي من جانب انفاق الافراد والشركات. ومن الاخبار المهمة للقطاع هذا العام اعلان البنك الاهلي الرغبة في طرح اسهمه لاكتتاب وهذا كفيل بأن يجلب سيولة اضافية للقطاع، ولكن تبقى اسعار الفائدة المحرك الرئيسي لهذا القطاع و يجب مراقبة البيانات الاقتصادية الأمريكية وتحركات الفدرالي عن كثب، ومن القطاعات الكبيرة والمؤثرة في مؤشر السوق السعودي لاستحواذه على ثاني اكبر قيمة سوقية للاسهم الحرة بنسبة تزيد على 25% هو قطاع البتروكيماويات فمن الملاحظ ضعف ادائه منذ بداية العام مقارنة بأداء السوق والقطاعات الاخرى يعود ذلك لانخفاض اسعار المنتجات والتعرض المباشر للاقتصاد العالمي وبالأخص الاقتصاد الصيني الذي يعاني من بعض التحديات على مستوى النمو والانفاق ولكن يبقى هذا القطاع من القطاعات المهمة والتي تجذب المستثمرين بسبب انخفاض مكرر الربحية لبعض الشركات بالإضافة لانخفاض سعر القيم مقارنةه بالشركات المماثلة المدرجة في الاسواق العالمية ". الوعي الاستثماري وحول تحسن الوعي الاستثماري عند متداولي السوق السعودي، قالت الدوسري إن الكثير من المستثمرين اليوم ومتداولي السوق السعودي يبحثون عن الشركات ذات العوائد المجزية والتقييم الجيد والشركات التي لها توسعات ومحفزات حقيقة مبينة أن هذا الوعي جاء نتيجة دروس قد تكون كلفت بعضهم الشيء الكثير بسبب اخذ التوصيات غير المعتمدة على اسس سليمة و المضاربات غير المبررة التي اعتبرتها لمن لا يملك المعرفة الكافية بمثابة (محرقة للمال) لافتة الى ان اغراء الربح السريع وقلة الصبر يسيطر على بعض المتداولين، مشيرة الى أن هذا ما يعرضهم لمخاطر كبيرة خصوصا حين تتشبع الاسهم بالشراء وبعد الارتفاعات القوية لشركات، يجب على المستثمرين في سوق الاسهم محاولة تثقيف انفسهم لدعم قرارتهم الاستثمارية بقراءة موجزة لقوائم الشركات اخبارها وخططها التوسعية واذا وجدوا صعوبة في ذلك عليهم استشارة اهل المعرفة والخبرة. دخول المستثمر الاجنبي وأفادت منيرة الدوسري أن المتعاملين في سوق الاسهم ينتظرون خبر دخول المستثمر الاجنبي للسوق السعودي منذ مدة طويلة، لافتة الى انه من الصعب التكهن بالتوقيت، مبينة بأن الاثر من دخول المستثمر الأجنبي ايجابي وخاصة عند اعلان الخبر واحتمالية دخول مؤشر السوق السعودي بمؤشر الاسواق الناشئة اسوة بالسوق الاماراتي والقطري المتوقع ادراجهم في مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة في شهر مايو هذا العام، مؤكدة بأن التأثير سيكون على اسهم معينة دون اخرى فيجب الاخذ بعين الاعتبار ان المستثمر الاجنبي سيكون "اختياريًا" والمقصود بذلك انه سيتوجه للاستثمار في الشركات التي تتمتع بأساسيات قوية في سوق الاسهم السعودي. واختتمت منيرة الدوسري حديثها بتوقعاتها لسوق الاكتتابات قائلة: "اعتقد في ظل الاوضاع الحالية واستنادا على رأي المختصين واعلانات الشركات الراغبة في طرح اسهمها ان يشهد السوق السعودي اكتتابات كبيرة هذا العام والعام القادم لان الوضع الحالي الايجابي لسوق الاسهم السعودي والنجاح الباهر للاكتتابات الأخيرة سيحفز الكثير من الشركات لطرح اسهمها للاكتتاب واعتقد ان تكون السمة الغالبة على الاكتتابات القادمة هي جودة الشركات وكبر حجم الاكتتاب مقارنة في الاعوام الماضي".