حلب - يواصل الجيش السوري تقدمه في شرق حلب بالتزامن مع فرار آلاف المدنيين من مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، إلا أنه مني بخسارة أمام تنظيم الدولة الإسلامية الذي تمكن مجددا الأحد من السيطرة على مدينة تدمر الأثرية. وفي مدينة حلب، حقق الجيش السوري تقدما جديدا على حساب الفصائل المعارضة بسيطرته على حارة الأصيلة قرب المدينة القديمة فضلا عن أجزاء واسعة من حي المعادي، وفق ما أفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن. ومنذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، تمكنت قوات النظام على إثر هجوم لها من إحراز تقدم سريع داخل الأحياء الشرقية في حلب وباتت تسيطر على أكثر من 85 بالمئة من مساحة هذه الأحياء التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين. ويتركز تواجد الفصائل المعارضة حاليا في الأحياء الجنوبية الشرقية من مدينة حلب، حيث تتواصل الاشتباكات العنيفة على عدة محاور، وسط قصف متجدد لقوات النظام على آخر الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة، وفق المرصد السوري. وردت الفصائل المعارضة بإطلاق القذائف الصاروخية طوال الليل وحتى الصباح على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. نزوح هائل ودفع هجوم قوات النظام منذ حوالي شهر 120 ألف شخص إلى الفرار من الأحياء الشرقية، وفق المرصد السوري. وتوجه معظمهم إلى أحياء تحت سيطرة قوات النظام. وشهد منتصف ليل السبت الأحد جولة جديدة من النزوح. وأشار عبدالرحمن إلى أن النازحين الجدد توجهوا إلى الأحياء الغربية أو تلك التي سيطرت عليها قوات النظام مؤخرا في شمال ووسط مدينة حلب. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بدورها الأحد عن "خروج أربعة آلاف مدني من القسم الجنوبي من أحياء مدينة حلب الشرقية"، مشيرة إلى أن حركة النزوح مستمرة حيث يتم نقل المدنيين الفارين بواسطة حافلات إلى "مراكز إقامة مزودة بجميع المواد والاحتياجات الأساسية اللازمة". ونقل أحد السكان في الأحياء الجنوبية الشرقية مشاهدته بعد منتصف الليل لحشود من السكان يفرون باتجاه الأحياء الغربية. ووصف ما يحصل بـ"النزوح الهائل". من جهته، توقع وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون الأحد أن يسيطر الجيش السوري على مدينة حلب. وقال "يبدو الآن للأسف أن حلب ستسقط". ويأتي ذلك غداة اجتماع دولي لدول تدعم المعارضة في باريس بحث الوضع الإنساني في حلب. واعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري من جهته أن "القصف العشوائي من قبل النظام ينتهك القوانين أو في كثير من الحالات يعتبر جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب". وتسعى دمشق إلى استعادة السيطرة على حلب ثاني مدن البلاد، في خطوة من شأنها أن توجه ضربة موجعة للفصائل المعارضة. وفي حال استعاد النظام كامل حلب، سيكون قد أمسك بمفاتيح مفاوضات السلام المحتملة بعد فشل ثلاث جولات محادثات غير مباشرة هذه السنة بإشراف الأمم المتحدة. وقال كيري بعد الاجتماع إن "العودة إلى طاولة المفاوضات هو أفضل ما يمكنهم القيام به"، في إشارة إلى المعارضة، مضيفا "الأرجح أنهم بصدد خسارة حلب. ما زالوا قادرين على الحصول على تسوية سياسية تشرف معركتهم وكل ما استثمروا من أجله". بدوره، دعا البابا فرانسيس الأحد للسلام في سوريا وحلب تحديدا. وقال "أدعو الجميع من أجل اختيار الحضارة وليس الدمار، والسلام لأهل حلب وسوريا". تدمر في يد الجهاديين وعلى جبهة أخرى في وسط سوريا، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية الأحد مجددا على مدينة تدمر الأثرية برغم القصف الجوي الروسي وذلك اثر انسحاب الجيش السوري منها باتجاه الريف الجنوبي، وفق عبدالرحمن. ونقلت وكالة أعماق المرتبطة بالتنظيم المتطرف أن "قوات الدولة الإسلامية تحكم سيطرتها على كامل مدينة تدمر". وشنّ التنظيم المتطرف الأحد هجوما جديدا على تدمر بعد ساعات على طرده منها اثر غارات روسية كثيفة. وكان التنظيم قد تمكن على إثر سلسلة هجمات أطلقها الخميس في ريف حمص الشرقي مساء السبت من دخول مدينة تدمر والسيطرة عليها لوقت قصير بعد ثمانية أشهر على طرده منها المرة الأولى. إلا أن الغارات الروسية الكثيفة أجبرت الجهاديين فجر الأحد على الانسحاب، وفق ما أكدت وزارة الدفاع الروسية. لكن تنظيم الدولة الإسلامية بدا عازما على التقدم مجددا داخل المدينة الأثرية. وأسفر هجوم الجهاديين منذ يوم الخميس عن "مقتل ما لا يقل عن مئة عنصر من قوات النظام في مدينة تدمر ومحيطها"، بحسب حصيلة للمرصد السوري. واستعاد الجيش السوري السيطرة على مدينة تدمر في مارس/اذار بإسناد جوي روسي وتمكن من طرد الجهاديين الذين كانوا قد استولوا عليها في مايو/ايار 2015.