برعت السويد في إعادة تدوير النفايات، لدرجة أنها تستورد القمامة من بلدان أخرى منذ عدة سنوات، للحفاظ على استمرار تشغيل مصانع إعادة التدوير. واستمرت نسبة النفايات المنزلية في السويد، التي تذهب إلى مكبات القمامة أقل من 1 في المئة منذ عام 2011. بريطانيا تطمح لهذا النظام الفعّال، لأنها تتكبَد تكاليف نقل باهظة لإرسال النفايات لإعادة تدويرها في الخارج، بدلاً من دفع الغرامات بسبب عدم إرسالها إلى مكب النفايات بموجب قانون ضريبة طمر النفايات لعام 1996، وفق ما جاء في صحيفة الاندبندنت البريطانية. حققت المملكة المتحدة تقدماً في نسبة النفايات المعاد تدويرها، في إطار هدف الاتحاد الأوروبي بالوصول إلى إعادة تدوير 50 في المئة من النفايات بحلول عام 2020. وتكلف ذلك مئات الملايين من الجنيهات للاستثمار في مرافق إعادة التدوير ومحطات استعادة الطاقة في المملكة المتحدة، مما خلق العديد من فرص العمل، إلا أنها لم تصل للنسبة المستهدفة حتى الآن. وبلغت نسبة إعادة التدوير في المملكة المتحدة ذروتها عند حوالي 45 في المئة من مجموع النفايات في عام 2014. أوروبا تسعى لتدوير 65% من النفايات ومنذ ذلك الحين، أظهرت الأرقام المؤقتة من مكتب الإحصاءات الوطنية، أن هذه النسبة قد انخفضت إلى 44 في المئة؛ حيث أدت إجراءات التقشف إلى تخفيضات في الميزانية. قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يوشك أن يجعل الوضع أسوأ. في حين تستهدف أوروبا الوصول إلى إعادة تدوير 65 في المئة من النفايات بحلول عام 2030، وقد تكون بريطانيا على وشك التراجع بخطوات أبعد عن جيرانها المتقدمين في مجال الحفاظ على البيئة. لماذا نرسل النفايات إلى السويد؟ لأن نظامهم حتى الآن متقدم بسبب ثقافة الاهتمام بالبيئة. كانت السويد واحدة من أوائل الدول التي نفَّذت فرض ضريبة قاسية على الوقود الأحفوري في عام 1991، وهي الآن تُدَبر ما يقرب من نصف احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة. وتقول آنا كارين جريبويل، مديرة الاتصالات بجمعية إعادة التدوير وإدارة النفايات السويدية "الشعب السويدي حريص جداً على الطبيعة من حوله، ويدرك ما نحتاج القيام به بخصوص قضايا البيئة والطبيعة. عملنا على التواصل لفترة طويلة مع الناس لتوعيتهم بعدم رمي الأشياء في الخلاء، حتى نتمكن من إعادة تدويرها وإعادة استخدامها". سياسة وطنية مترابطة لإعادة تدوير النفايات مع مرور الوقت، نفَّذت السويد سياسة وطنية مترابطة لإعادة تدوير النفايات شملت حتى الشركات الخاصة، حيث تتعهد بمعظم أنشطة الأعمال المتعلقة باستيراد وحرق النفايات. كما تنتقل الطاقة الناتجة عن حرق النفايات إلى شبكة التدفئة المركزية لتدفئة المنازل خلال فصل الشتاء شديد البرودة في السويد. وأضافت جريبويل "هذا هو السبب الرئيسي في وجود هذه الشبكة المركزية، حتى نتمكن من الاستفادة من الطاقة الناتجة عن حرق النفايات. في الجزء الجنوبي من أوروبا لا يستفيدون من هذه الطاقة، ويتم إهدارها عبر المداخن. في السويد نستخدم هذا النوع من الطاقة كبديل للوقود الأحفوري". ألياف الخشب يمكن استخدامها ما يصل إلى ست مرات ومع ذلك، لم يسلم نظام شبكة التدفئة الوطنية في السويد من المنتقدين الذين يرون أن البلاد تراوغ في مسألة إعادة التدوير الحقيقية، عن طريق إرسال النفايات لحرقها. ويقول مديرو مصانع الورق، إن ألياف الخشب يمكن استخدامها ما يصل إلى ست مرات، قبل أن تصبح غباراً، إذا قامت السويد بحرق الورق قبل هذه المرحلة فهي تستنفد الإمكانات التي يمكن استخدامها في عملية إعادة تدوير حقيقية، وتستبدل الورق المستخدم بالمواد الخام النقية. وتقول جريبويل إنَّ الهدف في السويد لا يزال يتمثل في منع الناس من إرسال النفايات لإعادة تدويرها في المقام الأول، وإن هناك حملة وطنية تحمل اسم حركة "Miljnr-vnlig"، روَّجت لعدة سنوات لفكرة أن هناك الكثير من المكاسب التي يمكن تحقيقها من خلال إصلاح وتبادل وإعادة استخدام النفايات. تستورد النفايات من الاتحاد الأوروبي وتصف سياسة السويد الخاصة باستيراد النفايات من بلدان أخرى لإعادة تدويرها على أنها حالة مؤقتة. كما أضافت: "هناك حظر على دفن النفايات في دول الاتحاد الأوروبي، وبدلاً من دفع الغرامة بسبب طمر النفايات يرسلونها للسويد كنوع من الخدمة. سوف يقومون ببناء مصانع، وينبغي عليهم ذلك للحد من النفايات الخاصة بهم، مثلما نعمل بكل جد للحد منها في السويد". ونوهت قائلة: "نأمل أن تكون هناك نفايات أقل في أوروبا، وأن يتم حرق النفايات، الواجب حرقها داخل كل بلد، ولكن لكي تتم الاستفادة من إعادة تدوير النفايات في التدفئة يجب أن يكون هناك نظام تدفئة مركزي أو أنظمة تبريد، ومن ثم تجهيز البنية التحتية اللازمة لذلك، وهذا يستغرق وقتاً طويلاً". تستثمر المجالس البلدية في السويد بشكل فردي في تقنيات مستقبلية لجمع النفايات، مثل أنظمة الخواء الآلية في الكتل السكنية، والتخلي عن وسائل النقل المستخدمة لجمع النفايات، فضلاً عن أنظمة حاويات تستخدم تحت الأرض من أجل توفير المساحات التي تشغلها على الطرق، وللتخلص من أي روائح. استراتيجية وطنية مُحكمة في المملكة المتحدة، كل سلطة محلية لديها نظام خاص بها، مما يجعل من الصعب بالنسبة للسكان أن يكونوا على ثقة بشأن ما يمكن إعادة تدويره، وأين يمكنهم ذلك. ويقول أنجوس إيفرز، الشريك في شركة Shoosmiths للمحاماة والمسؤول بمجموعة عمل النفايات التابعة لرابطة تفعيل قانون البيئة في المملكة المتحدة: "نحن بحاجة أكثر إلى استراتيجية وطنية مُحكمة في إنكلترا لجمع المواد القابلة لإعادة التدوير، بدلاً من النهج الحالي، الذي يترك المجال إلى حد كبير للسلطات المحلية لتحديد السياسات الخاصة بجمع النفايات". وغالباً ما تبدأ السلطات المحلية بإعادة تدوير المواد الأكبر حجماً، حيث يتم قياسها وفقاً لنسبة النفايات المعاد تدويرها، لذلك تشكل المواد الأكبر حجماً نسبة أكبر في إعادة التدوير. ويقول ريتشارد هاندز، الرئيس التنفيذي لشركة ACE العاملة في مجال إعادة تدوير علب المشروبات الكرتونية بالمملكة المتحدة: "بغض النظر عما سيؤول إليه الأمر في المملكة المتحدة، نحن بحاجة إلى نظام يجمع كل المواد القابلة لإعادة التدوير، بدلاً من اختيار الأسهل والأرخص". ويشير هاندز إلى مجال عمله في صناعة معلبات المشروبات، الذي يضم شركات مثل Tetra Pak، وSIG Combibloc، وElopak. من خلال شركته ACE، ساعدت هذه العلامات التجارية في زيادة عمليات إعادة تدوير الكرتون لتصل لأكثر من ضعف الأرقام التي تجمعها السلطات المحلية، حيث زادت نسبة تجميع الكرتون من 31 في المئة في عام 2011 إلى 65 في المئة في عام 2016. بنية تحتية لإعادة التدوير كما أشار هاندز إلى أنَّ المملكة المتحدة بحاجة إلى بناء البنية التحتية حول مصانع إعادة تدوير النفايات، حتى تتمكن من وقف إرسال النفايات إلى الخارج، مضيفاً أن بعض السلطات المحلية لديها بالفعل سياسة "عدم تصدير" لتحقيق هذا الغرض. وأكد أنَّ "التوسع في صناعة تدوير النفايات في المملكة المتحدة سوف يخلق فرص العمل، ويُولِّد دخلاً اقتصادياً من داخل بريطانيا". وأشار "أنجوس إيفرز" إلى أنَّ أفضل نظام محلي لتدوير النفايات يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي، حيث قال: "المواد التي نصَدِّرها حالياً تمثل استنزافاً كبيراً لموارد قيِّمة تذهب خارج المملكة المتحدة، وكان يمكن استخدامها في الاقتصاد البريطاني لصنع منتجات جديدة، ولتخفيض وارداتنا من المواد الخام. إذا كانت لدينا طموحات بأن نكون أقل اعتماداً على أوروبا، فنحن بحاجة لتحقيق المزيد من الاكتفاء الذاتي وتدوير النفايات بشكل أكبر داخل البلاد". وماذا سوف تفعل السويد إذا توقفنا عن تصدير النفايات لها لتغذية نظامها المركزي للتدفئة؟ تقول السيدة جريبويل إنَّ السويديين لن يتجمدوا من البرودة. هم لديهم الوقود الحيوي الجاهز ليحل محل نفاياتنا المُصدَّرة.