"أرفض بشكل قاطع النتائج، وأطالب بانتخابات جديدة لا تقصي أي طرف" إنها آخر مفاجآت الرئيس الغامبي المنتهية ولايته يحيى جامي، بعد أسبوع بالتمام من اعترافه بالهزيمة أمام مرشح تكتل أحزاب المعارضة آدما بارو، الذي أعلنت لجنة الانتخابات فوزه في الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري. وبرر جامي تراجعه عن الاعتراف بنجاح خصمه بأن الانتخابات شابها الكثير مما يجعل من المستحيل القبول بها، وحرمت الكثير من المواطنين الغامبيين من حقهم في التصويت لأسباب شكلية حسب وصفه، رغم وجود أسمائهم على اللوائح الانتخابية. وقد رفضت المعارضة القرار، وأكد الرئيس المنتخب أداما بارو تمسكه بالفوز، ودعا الرئيس المنتهية ولايته إلى التراجع عن موقفه الرافض لنتائج الانتخابات، احتراما لاختيار الغامبيين، ووفاء بتعهده بذلك للشعب. واعتبر بارو أن اللجنة المستقلة للانتخابات هي الجهة الوحيدة المخولة بإعطاء النتائج وتحديد الفائز، "لذلك فأنا الآن الرئيس المنتخب في غامبيا، والرئيس يحيى جامى هو الرئيس السابق، ويجب أن يسلمني السلطة في يناير المقبل، حين تنتهي مأموريته"، وفق قوله. بارو: اللجنة المستقلة للانتخابات الوحيدة المخولة بتحديد الفائز (الجزيرة) ارتباك وتراجع جامى عن الاعتراف بالنتائج فجر مفاجأة من العيار الثقيل، وأعاد المشهد الغامبي إلى ما قبل الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري، وخلق ارتباكا في الشارع،وأشاع الترقب والحذر في البلاد. ورغم القلق الذي يبديه بعض المواطنين والخوف من تداعيات قرار جامى، فإن الوضع في العاصمة بانغول لا يزال هادئا وطبيعيا، رغم إغلاق بعض المحلات التجارية الخصوصية خشية الاضطرابات والانتشار الملحوظ لأفراد الأمن والجيش في بعض الشوارع، وظهور حواجز عسكرية متمركزة خلف سواتر ترابية في نقاط حيوية من بانغول. وتتحدث الأخبار الواردة من داخل البلد عن حضور واضح للجيش في الشارع، وقالت مصادر محلية في "فرافنيا" القريبة من الحدود مع السنغال إن هناك استنفارا أمنيا في المنطقة، وإن الجيش ينتشر في الشوارع وفي سوق المدينة. ورغم حجم الخسارة التي يمكن أن يسببها قرار جامى للمعارضة، فإن هذه الأخيرة تبدو أميل للتهدئة، حسب الوضع على الأرض. فقد كان لافتا دعوة الرئيس المنتخب الموطنين الغامبيين إلى متابعة حياتهم اليومية، ومطالبته أنصار المعارضة "بالاحتفال بنصرهم، لكن بطريقة سلمية وناضجة"، كما كان لافتا تأكيده السعي إلى فتح قناة تواصل مع جامى في هذه الفترة. مسؤولية ويترقب الشارع الغامبي الساعات والأيام القادمة، رغم اختلاف مواقفه من رئيسيه، ففي حين يرى بعض المواطنين قرار جامى تأزيما للوضع الغامبي، وخطوة يمكن أن تنجم عنها مخاطر كبيرة، يرى آخرون أن المعارضة الفائزة ولجنة الانتخابات تتحملان جزءا من المسؤولية. ويرى بعض من تحدثوا للجزيرة نت في شوارع بانغول أن خطوة جامى تنسجم مع خطه في التمسك بالسلطة، ورغبته في البقاء في الحكم، وأنه ربما كان يخطط لها حين اعترف بالنتائج. لكن آخرين في الشارع الغامبي يرون أن المعارضة لم تتصرف بالقدر الكافي من الحكمة في التعاطي مع مرحلة حساسة، ولم تنجح في إيصال رسالة طمأنة للرئيس المنتهية ولايته، تشجعه على تسليم السلطة دون خوف من المتابعة والمضايقة. مشهد من الشارع الغامبي غداة تراجع جامى عن الاعتراف بهزيمته (الجزيرة) ويرى الصحفي بصحيفة "The VOICE" الغامبية ما فوجي سيسى أن "كشف اللجنة المستقلة للانتخابات أن هنالك أخطاء في العد نجم عن تصحيحها تقلص الفارق بين جامى وبارو إلى أقل من ثلاثين ألفا شجع جامي على اتخاذ قراره معتمدا التشكيك في مصداقية وحياد اللجنة". ويضيف سيسى في حديث للجزيرة نت أن "هناك دوافع شخصية أدت بجامى للتراجع عن الاعتراف بالهزيمة، من أبرزها الإهانات التي تعرض لها في المشهد العام، حيث أزيلت جميع صوره من الشوارع والساحات العامة، وتعرض للسب من طرف الناس بتشجيع من المعارضة، كما تخلى عنه الكثير ممن كانوا موالين مقربين منه". وبخصوص الخطوات التي يمكن أن تقوم بها المعارضة لإثناء جامى عن التمسك بقراره الأخيرة، يرى سيسى أن "الفترة الممتدة حتى 18 يناير/كانون الثاني المقبل -التاريخ الدستوري لتسليم السلطة- ستكون فترة بحث عن المخارج، وليس أمام الرئيس المنتخب وتكتله سوى الضغط من خلال المنظمات الإقليمية والدولية".