وسط أجواء دافئة نابضة بالحياة ورؤى المستقبل الاستشرافية، كان البحر الميت في المملكة الأردنية الهاشمية على موعد مع الدورة السادسة للقمة العربية للطيران والسياحة والإعلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تلك القمة التي وصفت بالمنصة الناطقة بقضايا القطاعين التي تنظم سنوياً لبحث التوجهات والرؤى الواسعة والفرص المتاحة لدفع عجلة النمو والتطور في الطيران والسياحة بالعالم العربي. وعُنيت هذه الدورة، التي أقيمت أخيراً برعاية وزيرة السياحة والآثار الأردنية لينا عناب تحت عنوان «تواصل الثقافات وتحفيز الاقتصادات»، ببحث الأدوار المترابطة التي يؤديها الطيران والسياحة ومساهمة ذلك في تحقيق تنمية اقتصادية أكبر في المنطقة، إضافة إلى محاورها المقررة. في كلمتها خلال افتتاح القمة، التي حضرها عدد كبير من المسؤولين الحكوميين وأعضاء الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) والمديرين التنفيذيين بهيئات الطيران المدني والقطاع السياحي الإقليمي، أكدت الوزيرة عناب أن العلاقة بين الطيران والسياحة علاقة متكاملة شكلت في نتائجها تأسيساً حقيقياً للشراكة بين قطاعات الاقتصاد المختلفة. وأضافت عناب أن الطيران بقي، بوصفه وسيلة النقل الأساسي بين الدول، عنصراً فاعلاً ومهماً من عناصر نجاح القطاع السياحي أينما كان، وبات يشكل قيمة أساسية مضافة للمنتج السياحي، ومدخلاً من مداخل التنمية التي يوفرها هذا القطاع. وأوضحت أن قطاع الطيران يسهم بصورة أساسية أيضاً في تنفيذ المبادئ، التي قامت عليها مبادرة القمة في السعي نحو تحسين حالة السفر العربي والسياحة من خلال تسهيل حوار بناء من أجل التعاون بين القطاعين العام والخاص. المؤسسات الإعلامية وشددت على الحاجة الملحّة للجلوس معاً، حيث بات تلمّس التحديات التي يواجهها قطاع الطيران والسياحة وكذلك دراسة الأسواق السياحية واجباً، في حين تعدّ المشاركة القوية لمؤسسات إعلامية ركناً بارزاً في هذا الحوار، وقد غدت هذه المؤسسات ذات مسؤولية اجتماعية واقتصادية كبيرة، وذات دور سياحي بارز ومهم. ورحبت عناب بالمشاركين جميعاً في المملكة الأردنية الهاشمية «وهي تفتح قلبها لكل سائح وزائر، مستندة إلى إرث عظيم من الثقافة والتاريخ والحضارة، ونموذج مهم للدولة العصرية الديمقراطية الحديثة التي يتمازج فيها التاريخ والحاضر والمستقبل». وذكرت أن استضافة الأردن أعمال الدورة السادسة لــ«قمة العرب للطيران 2016»، تمثل تأكيداً جديداً لالتزام الأردن نحو تعزيز القطاع السياحي في الوطن العربي وفي الإقليم، «ونتشرّف باستضافة هذه القمة، آملين أن تكون مناخاً مناسباً للحوار وتبادل الأفكار حيال جدول أعمالها المهم، لتخرج عنه قرارات حاسمة تتسق والأهمية المتزايدة لوجود شراكة وثيقة وفاعلة ومستدامة بين قطاعي الطيران والسياحة في العالم العربي». وأشارت عناب إلى أن استضافة الأردن لفعاليات «قمة العرب للطيران»، تأتي ضمن اهتمامه بقطاع الطيران والسياحة، وفي إطار مناقشة الفرص المتاحة لدفع عجلة النمو والتطور في هذا القطاع الاقتصادي المهم، وتعزيز التكامل في الأدوار بين قطاعي الطيران والسياحة، والسبل الكفيلة بتحقيق أهداف تنموية اقتصادية في المنطقة. وقالت: «إننا في الأردن نعتز ونفتخر بشريكنا الرئيسي الخطوط الملكية الأردنية ودورها المهم والمساند لعملية الترويج السياحي ونقل الصورة الحضارية للأردن أمام زواره، وكذلك بشركات الطيران الأردنية الأخرى والعربية التي تنطلق من الأردن». ودعت عناب كل القائمين على قطاع الطيران إلى إعادة النظر ودراسة الأسعار ومراعاة البرنامج السياحي والكلف الاقتصادية للدول، وكذلك التركيز على تقديم أفضل الخدمات ومراعاة شروط السلامة العامة في عمليات النقل. وأشارت إلى أن الأردن ينظر إلى هذا النشاط الاقتصادي السياحي «على أنه يعزز الجهود الترويجية التي نبذلها للتسويق للمنتج السياحي الأردني، مثلما يمثّل تعزيزاً لجهود الحكومة الأردنية في تشجيع السياحة البينية العربية والاقليمية، وصولاً الى تنمية اقتصادية وثقافية شاملة». بندر بن فهيد: • 40 مليار دولار خسائر السياحة البينية العربية بسبب الظروف الراهنة • قطاع السياحة والسفر وفّر نحو 108 ملايين وظيفة حتى عام 2015 • حجم الاستثمارات في القطاع السياحي بالدول العربية سيصل إلى 323 مليار دولار في نهاية عام 2020 108 ملايين وظيفة من جانبه، قال رئيس المنظمة العربية للسياحة د. بندر بن فهيد، في كلمته إن قطاع السياحة والسفر من أهم القطاعات التي تساعد على التوظيف، والحد من البطالة، ودعم هذا القطاع عالمياً بشكل مباشر ما يقارب 108 ملايين وظيفة حتى عام 2015. وأضاف بن فهيد، أن الدعم غير المباشر للتوظيف يتمثل بنحو 277 مليون شخص مستفيد من قطاع السياحة، أي وظيفة من كل 11 وظيفة في العالم، وفي الدول العربية يساهم القطاع السياحي في التوظيف المباشر لما يقارب 10 ملايين شخص، ويشكل ما نسبته 12 في المئة من إجمالي الوظائف في الدول العربية. وعن حجم الاستثمارات في القطاع السياحي بالدول العربية، توقع أن تصل بنهاية عام 2020 إلى 323 مليار دولار، مشيراً إلى أن المنظمة ستسعى خلال الفترة المقبلة إلى تنفيذ عدة برامج من شأنها دعم وتطوير مجال السياحة العلاجية خصوصاً مع الدول العربية، التي تتميز بهذه الصناعة الكبرى مثل المملكة الأردنية الهاشمية التي لديها كل الإمكانيات المتاحة للاستفادة من هذا المجال الخصب، وخصوصاً في منطقة البحر الميت. وبين أن حجم إنفاق الدول العربية على السياحة العلاجية في الخارج يبلغ 27 مليار دولار سنوياً يجب أن تحظى المنطقة العربية منه بما يعادل 35 في المئة لما لديها من مقدرات. وأشار إلى أنه في عام 2015 انتقل نحو 196 مليون راكب مستخدمين رحلات جوية محلية ودولية من خلال شركات نقل جوي مسجلة في بلدان عربية، أما عالمياً فقد وصل إلى نحو 3.1 مليارات راكب انتقلوا عبر النقل الجوي. وقال بن فهيد، إن قطاع النقل الجوي يوظف نحو 63 مليون وظيفة عالمياً، ويؤثر على الناتج المحلي العالمي بنسبة 3.5 في المئة أي ما يقارب 2.7 تريليون دولار بشكل مباشر وغير مباشر. وأكد أن السياحة صناعة كبرى ومورد اقتصادي مهم، موضحاً أنه جاب العالم خلال عام 2015 أكثر من مليار ومئة مليون سائح، ولم تستقطب المنطقة العربية منهم إلا نحو 72 مليون سائح. السياحة البينية وأشار إلى أن السياحة البينية العربية، قبل الظروف الراهنة، وصلت إلى 45 في المئة، ثم تراجعت نتيجة لهذه الظروف إلى 30 في المئة تقريباً، مما كبدها خسائر وصلت حتى الآن إلى أكثر من 40 مليار دولار، مؤكداً أن الدول العربية تسعى إلى تطوير وتنمية السياحة العربية البينية التي أصبحت الملاذ الأكثر أمناً ومردوداً. وذكر أن آخر دراسة أجرتها المنظمة، أوضحت أن السائح العربي أكثر إنفاقاً من السائح الأجنبي، إذ يبلغ متوسط إنفاقه على رحلة مدتها 5 أيام ما لا يقل عن 4500 دولار متجاوزاً ما ينفقه الأجنبي الذي غالباً ما يكون ضمن مجموعات ولا يتعدى إنفاقه لرحلة بنفس المدة 300 دولار، ومن هنا يظهر الفارق ومدى أهمية تنمية السياحة البينية العربية وتطويرها. بدوره، أشار رئيس قمة العرب للطيران عادل العلي، في كلمته في افتتاح القمة، إلى العلاقة الوثيقة والمهمة بين قطاعي الطيران والسياحة، كما حث على اتباع نهج تعاوني شامل لتحقيق المزيد من النمو والزخم في قطاع السفر في المنطقة. وزيرة السياحة الأردنية: • العلاقة بين الطيران والسياحة تشكل تأسيساً حقيقياً للشراكة بين قطاعات الاقتصاد المختلفة • المؤسسات الإعلامية غدت ذات مسؤولية اجتماعية واقتصادية كبيرة • على القائمين على قطاع الطيران إعادة النظر بالأسعار ومراعاة البرنامج السياحي والكلف الاقتصادية للدول جلسة تفاعلية وخلال جلسة تفاعلية، بعنوان «استعراض وضع سياسات الطيران والسياحة العربية» تحدث الرئيس التنفيذي لهيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة هيثم مطر عن أهمية البيانات واتخاذ نهج دقيق لفهم ما يريده المسافرون من أجل تلبيتها بفعالية. وإلى جانب مطر، شارك في الجلسة ممثلون عن شركة إيرباص واتحاد النقل الجوي الدولي، وتحدثوا عن التوقعات بتضاعف أعداد المسافرين في الأعوام القليلة القادمة، وكيف يمكن أن ينمو القطاع بطريقة مستدامة بيئياً. اختتام القمة واختتمت القمة التي أدارها ريتشارد دين، مقدم برنامج «بيزنس بريكفاست» على محطة «دبي آي» الإذاعية باستضافة اثنين من أبرز المؤثرين في وسائل الإعلام الاجتماعي في المنطقة فيصل شريف ويوسف السديس، اللذين تحدثا عن تأثير التكنولوجيا الجديدة ووسائل الإعلام الرقمية على مشاركة المستهلك، في سياحة المقصد وما على المسافرين في المستقبل تجربته. وحضر القمة عدد من المسؤولين الحكوميين وأعضاء الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) والمديرين التنفيذيين بهيئات الطيران المدني والقطاع السياحي الإقليمي. مذكرة تفاهم شهدت القمة توقيع مذكرة تفاهم بين منظمة السياحة العربية وقمة العرب للطيران، في خطوة تعكس الالتزام نحو تعزيز التعاون بين الجانبين في المستقبل، إضافة إلى زيادة المبادرات المتعلقة بقطاع السياحة والسفر. المهندس الصغير من ضمن الأحداث المهمة التي شهدتها القمة افتتاح ورشة عمل «المهندس الصغير»، وهي مبادرة حازت عدداً من الجوائز، ومن أهدافها تدريب العقول الواعدة وتعزيز الفهم والاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من خلال عدد من البرامج التفاعلية المتخصصة. جلسة نقاشية نظمت قناة «سي إن بي سي عربية» جلسة نقاشية في القمة تحت عنوان «لماذا يُعد قطاع الطيران والسياحة العربي محوراً رئيسياً في دفع الاقتصاد وتعزيز الثقافة؟»، بإدارة أُسيد خريسات، المحلل والمراسل المالي في القناة، وشارك فيها عبدالوهاب تفاحة، الأمين العام لمنظمة الاتحاد العربي للنقل الجوي. قادة المستقبل شارك في هذه القمّة 50 طالباً من مدارس المملكة، تأكيداً لالتزام القمة بتعزيز التعلم القائم على الممارسة لقادة المستقبل في مجال الطيران والسياحة. جبل القلعة في جبل القلعة، الذي يعد أحد أبرز معالم الأردن الأثرية، تقبع تجليات التاريخ بين منحوتاته وحجارته، حيث يحتضن القصر الأموي الذي يعكس جمال الحضارة الإسلامية ببنائه وإطلالته وزخارفه الإسلامية. ويحتضن أيضاً بركة قديمة واسعة مستديرة محفورة في الصخر لتجميع المياه في فصل الشتاء، كانت تزود سكان القصر بالماء، إضافة إلى متحف الآثار الأردني الذي تجول بك محتوياته بين العصور بتسلسل زمني سلس. وتوضح الوثائق أن حضارات متعددة تعاقبت على هذا الجبل، الذي اتخذه العمونيون منذ القدم مقراً لحكمهم، ثم احتل اليونانيون والرومان والبيزنطيون المدينة، على التوالي، ليأتي بعدهم الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي مدشناً عصراً جديداً، بني خلاله القصر الأموي. ويعد هذا الجبل أقدم الجبال السبعة في العاصمة عمان، ويرتفع 800 متر عن مستوى سطح البحر، ولم يتبق من آثاره سوى القليل من الأساسات والأعمدة المبتورة والمنتشرة على شكل زاوية مثلثة من برج وهيكل يعود للطراز الكورنثي ومنها يعود للعصر البرونزي والحديدي والهلينستي والروماني والأموي.