بمجرد أن نسمع كلمة مدن غارقة، يتبادر إلى أذهاننا قصة أتلانتس، تلك القارة الأسطورية، التي يُقال، إن أعظم الحضارات، التي عرفتها البشرية، قد قامت عليها، لكنها بين ليلة وضحاها، اختفت أتلانتس تحت مياه البحر، البعض يقول بسبب تسونامي، أو بركان، أو زلزال، لكن في النهاية تبقى أتلانتس أسطورة. لكن في الواقع يوجد الكثير من القصص عن مدن كانت قائمة فعلًا، ثم فنيت عن بكرة أبيها، واندثرت، ورقدت في قاع البحر. وسنستعرض في قائمتنا هذه ، وليس مجرد أساطير تناقلها الناس، المدن التي كان البحر رحيمًا بها، بعد أن ابتلعها، فحفظ كل مبانيها، ومعابدها، وآثارها كما هي لمدة قرون: بورت رويال التي كان يتجمع عندها القراصنة في منطقة البحر الكاريبي، حتى القرن الـ17، وكانت سفن القراصنة تنطلق من ميناء المدينة، وتقوم بالسطو على المدن الأخرى في منطقة الكاريبي، والواقعة تحت السيطرة الإسبانية. وكانت المدينة ، ليس فقط لكونها مركز تجمع للقراصنة، بل لأنها مركز لكل ما هو مشين وإباحي. فكانت المدينه تمتلئ بالخمور، ولعب القمار، ويسميها البعض "لاس فيغاس القرون الوسطى"، أو أكثر المدن معصية على الأرض. واستمر الحال كذلك حتى العام 1692. في صباح السابع من يونيو/حزيران العام 1692، حدث زلزال مُدمّر للمدينة، نتج عنه غرق أغلب المدينه أسفل مياه البحر، وضياع أغلب الكنوز التي قام القراصنة بتخزينها على الجزيرة. وقُتل أكثر من 2000 شخص، وتسبب الزلزال في تحلل طبقة الطمي التي بُنيت عليها بورت رويال، ووجد علماء الآثار أن أجزاء كبيرة من المدينة محفوظة كما هي في قاع البحر. كما وجدوا الكثير من السفن، والحانات، والقطع الأثرية، والمدينة تعتبر الوحي لمدينة تورتوجا المذكورة في سلسلة الأفلام الشهيرة قراصنة الكاريبي. أسد بحيرة كوييانداو لم يمر على ، رغم أن تاريخ المدينة يعود لأكثر من 1300 عام، إنها مدينة أسد بحيرة كوييانداو بالصين، والتي تم إغراقها مع العلم المُسبق بذلك العام 1959. ما حدث، أنه صدر قرار من الحكومة الصينية، في الخمسينيات، ببناء سد عند مجرى نهر شينان بالصين، ما أدى إلى خلق بحيرة جديدة وهي بحيرة "كوييانداو". وكان من نتائج ظهور هذه البحيرة إغراق مدينة الأسد، ومن أجل بناء السد، قامت الحكومة الصينية وقتها بإجلاء سكان المدينة البالغ عددهم 300,000، وترقد المدينة الآن أسفل المياه على عمق 40 متراً. ورغم غرقها إلا أن المدينة مازالت محفوظة كما هي أسفل المياه، فمباني، وأبراج المدينة الموجودة عند أسوارها الخارجية، وتماثيلها مازالت كما هي دون أي تدمير، وأصبحت بحيرة كوينداو من أشهر مناطق جذب السياح في الصين. وجعلت الحكومة الصينية بحيرة كويانداو، مفتوحه للغواصين لاستكشاف المدينة. أهرامات يوناجوني ليست مدينة غارقة، لكنها دليل على وجود مدينة كانت هنا في زمن سحيق، إنها أهرامات يوناجونى في اليابان، فمنذ اكتشافها العام 1986، وهي تثير الجدل في الأوساط العلمية على مستوى العالم. بعض العلماء يعتقدون أنه تكوّن طبيعي في أعماق البحر، ولا علاقة للإنسان بصنعه، ولكن الكثير من العلماء يشكون بصحة هذا الرأي ولا يعترفون به، فكيف يمكن للطبيعة أن تصنع هرماً متدرجاً بهذا الشكل المتقن؟!. كما أن هناك تشابه كبير بين أهرامات يوناجونى وأهرامات اليوكوتان بالمكسيك، ما يزيد من جدلية تلك الأهرامات. هناك اعتقاد أن أهرامات يوناجونى تم بناءها منذ 3000 آلاف عام، والبعض يعتقد أن تاريخ بنائها يعود إلى 10,000 عام قبل الميلاد. وهذا يعني أن تلك الأهرامات وُجدت قبل ظهور أي حضارة في اليابان، بحسب اعتقاد المؤرخين. وتُعتبر منطقة غرق أهرامات يوناجونى من أكثر المناطق جذباً للسياح في اليابان. المعبد الغارق أسفل بحيرة تيتيكاكا هي أكثر البحيرات عمقًا في العالم، إذ يصل عمقها لأكثر من 12 ألف قدم، وتقع على حدود دولتي بيرو وبوليفيا بأميركا الجنوبية. وتحوي تلك البحيرة في أعماقها بقايا معبد يصل طوله إلى 200 متر، ويعود تاريخه لما قبل حضارة الإنكا، ولم يتم اكتشاف هذا المعبد إلا العام 2000؛ حيث إن عمق البحيرة الشديد جعل الغوص بها واكتشافها أمراً شديد الصعوبة. ويُعتقد أن تاريخ المعبد يعود إلى ما قبل 1500 عام، وبالإضافة للمعبد، توجد طرق، وجدران، ومدرجات يُعتقد أنها جزء من مدينة قديمة غارقة في البحيرة. اكتشاف المعبد يساعد على إثبات الأسطوره المتوارثة عن شعب الإنكا، وهي أنه على ضفاف بحيرة تيتيكاكا وُلدت حضارتهم، وأن في أعماق البحيرة، توجد مدينة تُسمى "واناكو"، وعجز العلماء عن تفسير غرق المعبد. أولوس أكثر المدن الغارقة وضوحًا للعيان، مدينة أولوس كانت قديمًا جزءاً من جزيرة كريت بالبحر المتوسط. وصل عدد سكانها لـ40 ألف نسمة. دُمرت المدينة بسبب زلزال شديد القوة، حيث أن أولوس بُنيت على رمال ناعمة غير مستقرة؛ وبالتالي بمجرد حدوث الزلزال، تفتت تلك الرمال، وغرقت المدينة بالكامل أسفل مياه البحر المتوسط. آثار المدينة وبقاياها مازالت ظاهرة من خلال مياه البحر شديدة النقاء، كما أن الغواصين يقومون بشكل مستمر باكتشاف المدينة، وبخاصه آثارها وعملاتها التي مازالت محفوظة كما هي حتى الآن، كما أن سور المدينة القديم، يمكن رؤيته بسهولة من خلال المياه. فيلا أيبيكين كانت ، تقع بالقرب من مكان العاصمة الأرجنتينية، وغرقت المدينة نتيجة لحدوث فيضانات، بسبب حالة طقس استثنائية مرت بها المدينة، يوم السادس من نوفمبر/تشرين الثاني العام 1985، أدث لنشوء موجات بحر عالية، تسببت في انهيار السد الذي يحمي المدينة. أدى ذلك إلى وصول ارتفاع المياه إلى 10 أمتار، ، وكانت النتيجة هجرة سكانها، وغرقها أسفل بحيرة تُسمى الآن لوجانو. وقبل غرق فيلا أيبيكين كان يسكنها 5000 شخص، وكان يوجد بها الكثير من مراكز الأعمال والتجارة، كما كانت مزارًا للسياح. المدينه الآن مهجورة، ولا يعيش عليها سوى شخص واحد فقط يُدعى "بابلو نوفاك"، والذي كان من قاطني المدينة قبل غرقها، ثم قرر العودة للعيش فيها مرة أخرى بعد انحسار المياه عنها.