القلق من مخاطر استخدام الأطفال الإنترنت بكافة أوجه هذا الاستخدام سواء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو قنوات اليوتيوب التي تحمل بعض الألعاب التي لا يقل خطرها عن غيرها.. هذا القلق بلا شك هو عامل مشترك لدى الآباء والأمهات وهو حديث المجالس، بل طالما تناوله الكتاب والصحفيون والإعلاميون والمربون موضحين خطر هذه الشبكة العالمية التي أضحى استخدامها ضرورة لا بد منها، ولا يمكن لمجتمع من المجتمعات الاستغناء عنها، وإن عاقلاً لا يستطيع أن يطالب بذلك، لكن الذي نجمع عليه هو ضرورة حماية المجتمعات والأفراد من أخطارها وسلبياتها التي لا تقل عن منافعها. وإن كان حديثنا اليوم هو عن خطورتها على الأطفال إلا أن الكبار أيضًا ليسوا بمنأى عن هذه الأخطار.. وإن كان الحديث يبدأ عن الأطفال باعتبار أن المجتمع والوالدين والمربين هم الذين يتحملون وزر أعمالهم ومساوئ سوء استخدامهم، بل إن كثيرين منهم يرتكبون من المخالفات ما يعاقب عليه القانون وينالون الجزاء الذي يستحقون. مناسبة الحديث عن هذا الموضوع هو مبادرة «إنترنت آمن» والتي أطلقتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مؤخراً بالتعاون مع وزارة التعليم ودشنتها بحملة توعية تهدف إلى رفع مستوى الوعي لدى الأطفال بطرق الاستخدام الآمن للإنترنت، وتعريفهم بالمخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها في حالة إساءتهم لاستخدام الإنترنت، ومما يجعل هذه المبادرة تكتسب أهمية إضافية أنها تقوم على الشراكة بين هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مع وزارة التعليم مما يعني أنها تجمع بين جهتين تتقاسمان المسؤولية؛ الجهة الأولى باعتبارها الجهة المسؤولة عن خدمات الإنترنت وتطبيقاتها التي يحتاجها ويستخدمها المواطنون كباراً وصغاراً، والثانية باعتبارها الجهة التربوية المسؤولة عن سلوك الأبناء واتجاهاتهم كما أن مشاركتها لهيئة الاتصالات في هذه المبادرة تعني مشاركة المعلمين والمعلمات في هذه المهمة، وهم بالتأكيد المؤهلون لأداء هذا الدور والقادرون على القيام به خير قيام، خاصةً عندما يتاح لهم من خلال التدريب الهادف أن يمتلكوا المهارات الفنية اللازمة لأداء هذه المهمة إضافةً إلى ما هو لديهم من الكفايات التربوية والمهارات اللازمة لتوجيه السلوك وتعديله وتقديمه عند اللزوم.. كما أن خبراتهم مع الطلاب سوف تجعل عملية التثقيف والتوعية المنشودة تتم بأساليب تربوية وتعليمية مشوقة للطلاب والطالبات من خلال أنشطة تفاعلية يحبونها ويميلون إليها مما يجعل إكسابهم العادات الإيجابية والسلوكيات الوقائية من سلبيات استخدام الإنترنت أمراً أكثر يسراً وسهولة –بإذن الله- مما يسهم في الوصول بالأطفال إلى وعي مناسب تجاه الاستخدام الآمن للإنترنت، وإذا أضيف ذلك إلى الجهود التي تبذلها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بهدف وقاية المجتمع بكافة فئاته من الآثار السلبية للاستخدام غير الآمن للإنترنت فإنها بلا شك سيكون لها الثمار التي نشتهيها. وقد يعتقد البعض أن دور هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الذي نعنيه لا يتعدى الدور الرقابي وحظر المواقع التي تقدم محتوىً ضاراً بأفكار النشء وأخلاقهم وعقائدهم فقط، لكن الحقيقة هي أن دور الهيئة لا يقف عند هذه المهمة بل يتعداه إلى المساعدة على زيادة حجم المحتوى العربي في مجال المعلوماتية من جهة، وتشجيع كل من يستطيع أن يشارك في جعل هذا المحتوى أداةً للتوجيه والتوعية التي تكسب الشباب المناعة الفكرية التي تجعلهم قادرين على مواجهة إغراءات الجهات التي توظف المحتوى الإلكتروني توظيفًا يخدم توجهاتها وأغراضها وهي -في معظمها- لا نشك من وقوف جهات معادية من ورائها تريد أن تضعف مجتمعاتنا وأوطاننا لتكون فريسة سهلة لأعدائها، لذلك فإنه في الوقت الذي نشيد فيه بهذه الشراكة بين وزارة التعليم وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات فإننا ندعو إلى انضمام الجهات الأخرى ذات الصلة بتوفير الحماية الفكرية للجيل عامة في هذه الشراكة إضافةً إلى تفعيل الأنظمة التي تحدد العقوبات التي يتعرض لها كل من يحاول استخدام هذه التقنية في غير ما ينبغي له من الأغراض النافعة أو الإساءة للمجتمع والوطن أو حتى للأفراد سواء بسواء.