×
محافظة المنطقة الشرقية

رعاية الشباب تسقط ديون الاتحاد وتصادق على انفراد «عكاظ»

صورة الخبر

عبدالله البرقاوي- سبق- الرياض: وصف أستاذ هندسة المرور والنقل بكلية الهندسة في جامعة الملك سعود، الدكتور علي الغامدي، الحوادث المرورية بأنها كارثة وطنية على حد تعبيره، يجب الوقوف عندها مطولاً ودراسة مسبباتها والعمل على معالجتها لخفض نسبة الخسائر الاجتماعية والاقتصادية التي يتكبدها المجتمع والوطن. جاء ذلك مساء أمس الثلاثاء خلال استضافته في برنامج يعطيك خيرها الذي يعرض على القناة الأولى بالتلفزيون السعودي، بالتزامن مع القناة الرياضية وإذاعة جدة، ويقدمه الإعلامي المتميز صلاح الغيدان برعاية إلكترونية من صحيفة سبق. بدأ الغامدي حديثه متطرقاً لحادثة اختفاء الطائرة الماليزية التي فقد فيها نحو 250 شخصاً، قائلاً: لكم أن تتخيلوا أن لدينا بالمملكة تسجل 21 وفاة يومياً في حوادث المرور، وكأن ذلك ناتج عن حوادث سقوط طائرتين كل أسبوعين، وهذه كارثة، حادثة الطائرة حظيت بزخم إعلامي عالمي، ولدينا أرقام وفيات تفوقها وخسائر كبيرة على الأسر والتنمية الوطنية تحتاج لتسليط الضوء والتوعية بشكل كبير. وطالب الدكتور الغامدي الجهات المختصة بالمزيد من الدقة في ما يتعلق بإحصاءات الوفيات جراء الحوادث المرورية، وإضافة كل من يتوفى خلال شهر من وقوع الحادث المروري، بحسب المتعارف عليه في منظمة الصحة العالمية، مشيراً إلى أن الخسائر لا تتوقف عند الأشخاص والمجتمع بل هي خسائر وطنية في الوقت ذاته. وأكد الدكتور الغامدي أن غالبية الوفيات والإعاقات الناتجة عن الحوادث تحدث جراء إصابة الرأس، وإهمال حزام الأمان، حيث إن الرأس هو أكثر جزء في جسم الإنسان معرض للإصابة في الحوادث المرورية. وأرجع ذلك إلى زيادة الوسائل التقنية كخدمة الواتس أب والرسائل وغيرها من التقنيات الأخرى التي تعتبر من المسببات للحوادث المرورية أيضاً، متمنياً ألا تأخذ الحملات التوعوية جانباً عقابياً بشكل مباشر، وأن تقوم بدور توعوي لمدة من الزمن، ومن ثم يتم تطبيق النظام بصرامة. واستشهد بحملة مثالية خاصة بحزام الأمان، تم تنفيذها منذ ما يقارب الـ12 عاماً، وتم التوعية خلالها بأهمية حزام الأمان واستخدامه، ودوره في التخفيف من إصابات الحوادث، لدرجة أن الكبير والصغير في السن آنذاك أصبح يضع حزام الأمان ويحرص أن يكون أول خطوة يقوم بها لدى قيادته المركبة. ورفض الدكتور الغامدي تحميل السائق النسبة الأكبر في الحوادث المرورية، حيث تشترك فيها عدة عوامل، مبيناً أن الحادث المروري يتكون من أربعة أركان رئيسية، هي التوعية ويشترك فيها الجانب التربوي، وهندسة المرور طرق وخلافه، والعقوبة أو ضبط النظام، والخدمات الطبية والعلاجية الطارئة. وأشاد الغامدي بالجهود التي تبذلها الإدارة العامة للمرور، مشيراً إلى أن المرور لا يعمل وحده، ويجب أن تعمل جميع الجهات ذات العلاقة كوزارة الطرق والبلديات، والخدمات الطبية، والحملات التوعوية كبرنامج يعطيك خيرها مثلا، كمنظومة متناغمة ومنسجمة مع بعضها البعض، كي نحصل على النتائج والتأثير ويتم تخفيض نسبة الحوادث والخسائر. وتساءل الدكتور الغامدي عن عدم تطبيق نظام النقاط في المملكة حتى الآن، مؤكداًً أنه كان من ضمن مجموعة من الناشطين المتخصصين المطالبين بتطبيقه منذ تسعينيات القرن الماضي، واصفاً نظام ساهر بدون تدعيمه بنظام النقاط بـالناقص. وتمنى الدكتور الغامدي إنشاء وسائل للنقل العام، مبيناً أن المملكة بدأت في السنوات الأخيرة بدراسة عدد من المشاريع المتعلقة بهذا الجانب والعمل جاري على إنشاء شبكات نقل عام داخل المدن وشبكات تربط مدن المملكة ببعضها البعض. وقال: 95% من السكان في المملكة يعتمد على سيارته الخاصة في التنقل، وهذا خلل كبير وقديم لدينا في المملكة، أضف إلى ذلك الشاحنات التي تسير في الطرق والتي تتسبب بـ 30% تقريباً من حوادث الطرق البرية، وعندما يتم نقل جزء من البضائع إلى القاطرات فإننا نزيح الشاحنات من الطريق وننقل جزءاً من مسببات الحوادث من الطرق. وشدد على أهمية مواكبة عدد من الأنظمة والقوانين التحفيزية لتشجيع النقل العام، حيث أن ثقافة المجتمع لا تتقبل ترك السيارة، والذهاب إلى النقل العام، كفرض رسوم على المواقف، رفع سعر الوقود بالمدن، وغيرها من القوانين والأنظمة التحفيزية الأخرى. وأكد في الوقت ذاته على ضرورة نقل هندسة المرور إلى الجهات البلدية أو وزارة النقل، فالرقابة المرورية ليس رقابة أمنية فقط، بل تتضمن جانب الهندسة المرورية والتي يجب أن تكون ضمن البلديات، لأن المهندسين والمصممين في البلديات يصممون الطرق ويشرفون على تشغيلها وإنشائها وصيانتها، وضم التحكم المروري إليهم يعطي نتيجة أكبر، وهذا النظام معمول به في غالبية دول العالم. وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية من أكثر الدول التي تهتم بالدراسات، وهي نقطة إيجابية، كون الدراسات قاعدة للوقوف عند المشكلة وحلها، مبدياً استغرابه من حجم الخسائر الاقتصادية جراء الحوادث المرورية 21 مليار ريال، والمعلن عنه في آخر الدراسات، مؤكداًً أن هذا الرقم من ضمن إحدى دراساته قبل عشر سنوات، وهو غير دقيق الآن، حيث تمت مقارنته بنموذج إحصائي حينها قدر فيه عدد الوفيات 4 آلاف حالة سنوياً، فيما وصل عدد الوفيات في الوقت الحالي إلى 7 آلاف حالة. وطالب الدكتور الغامدي بقيام جهة محايدة بعمل دراسة دقيقة لنظام ساهر، للاستفادة منه من قبل إدارة المرور ومستخدمي الطريق، مؤكداًً وجود مفهوم خاطئ حول ارتباط زيادة عدد المركبات بزيادة عدد الحوادث، حيث أصبحت الحوادث المرورية هاجساً لدى الجميع، ويجب أن تنخفض هذه النسبة مع تطور أدوات السلامة، فالتحدي الأكبر يكمن في تطبيق مفاهيم السلامة المرورية، والتصدي لمشكلة الحوادث المرورية، والعمل على نزول منحنى إحصاءات الوفيات، وربط نظام ساهر بما يسمى بـالمواقع المريضة والتي تكثر فيها الحوادث المرورية، وعمل دراسات شاملة في كافة مناطق المملكة، ومعالجة هذه المناطق، نظراً للتطور التقني ووجود شبكات معلومات جغرافية في كافة مناطق المملكة، مشبهاً هذه المواقع بالإنسان عندما يمرض، حيث يتم تشخيص المرض، وإعطائه العلاج اللازم ومن ثم الشفاء، بإذن الله. وأشاد الدكتور الغامدي بالنقلة النوعية التي أحدثها الأمير فيصل بن عبدالله في هيئة الهلال الأحمر، وإدخال الإسعاف الطائر الذي يعتبر من أهم وسائل الإسعاف الحديث نتيجة المساحات الشاسعة في مدن وطرق المملكة، والتكاليف الباهظة التي يتكلفها الهلال الأحمر، وحماسه للمشكلة المرورية والعمل على تحجيمها. واستعرض معاناة طواقم العمل لدى نقلهم أحد المصابين والبحث عن مستشفى يستقبله، حتى إن بعض الحالات تتوفى داخل سيارة الإسعاف دون علاج، مؤكداًً على ضرورة وجود تأمين طبي لكل شخص سواء كان مواطناً أو مقمياً على أراضي المملكة العربية السعودية، مشيراً أن هناك حلقة مفقودة، وكثير من المستشفيات الخاصة لا تقبل جميعها ضحايا الحوادث. وتمنى الدكتور الغامدي تكاتف عمل الجهات المعنية مع بعضها البعض كالإدارة العامة للمرور، ووزارة النقل والمواصلات، وأمانات المناطق، بالإضافة إلى رفع وعي سائقي المركبات، متسائلاً عن عدم وجود شواخص لإشارة قف في المناطق السكنية، مشدداً على ضرورة وضع تحكم مروري كامل عند المدارس والمساجد. وتابع الغامدي: نحن ننشئ طرقاً جميلة، ولكن للأسف لا نقوم بتأثيثها، وهذه ليست مسؤولية المرور، بل مسؤولية أمانات المناطق وبلديات الطرق، لأنها هي من تقوم بتجهيز الطرقات، إذ لا يمكن أن نضع تقاطعات في المناطق السكنية بدون شواخص لتحديد السرعة أو التوقف أو علامات للمشاة، وعندما نعتني بالشواخص فنحن نعتني بالأطفال وكبار السن والنساء وبكافة أفراد المجتمع، وننبه السائقين للأماكن الخطرة التي من الممكن فيها أن يتعرض لحادث أو يدهس أحدهم. واستطرد: تشير الإحصاءات إلى أن 40% من حادث الدهس هي للأطفال، ولحل هذه المشكلة يجب أن نخصص ميزانيات لتجهيز الطرقات كما في بعض الدول، وفرض قوانين صارمة على أماكن حيوية محددة، كالمدارس والمساجد، وأتمنى من فريق عمل البرنامج أن يزور كافة مناطق المملكة، وبنفس الوقت يجب أن نكون قدوة لغيرنا، فمثلاً عندما تزور بعض المدارس تلقى مدير المدرسة أو المعلم يركن سيارته على الرصيف، فكيف نطالب الطلاب بأن يركنوا سياراتهم في أماكن مخصصة في حين أن قدوتهم أخل بالنظام. ودعا الدكتور الغامدي هيئة المواصفات والمقاييس إلى إنشاء مراكز خاصة بفحص الإطارات لما لها من أهمية في الحفاظ على سلامة المواطنين وعدم وقوعهم في الغش التجاري، حيث أن الكثير منهم لا يملك ثقافة حول الإطارات، في ظل انتشار ظاهرة إعادة تصنيع الإطارات. وتمنى من المواطنين التوجه للوكلاء المعتمدين أو جهات موثوقة لدى شرائهم إطارات لسياراتهم، بالإضافة إلى اعتماد نظام منح نجوم لأنواع السيارات من حيث السلامة المرورية والذي يمنح من قبل الجهات المختصة لأنواع السيارات حسب التصنيف الدولي لها، متمنياً التوفيق للبرنامج والعاملين فيه وأن يسهم في خفض نسبة الحوادث بالمملكة ونسبة الوفيات والإعاقات والخسائر السنوية. واستعرض التقرير الأول في البرنامج عدداً من الدراسات والبحوث ولقاءات مع عدد كبير من المصابين في الحوادث المرورية من مختلف مناطق المملكة، حيث خلصت الدراسات إلى أن 80% الحوادث المرورية تحدث نتيجة خطأ بشري، كاستخدام الجوال، والقيادة المتهورة، والسرعة الزائدة، واحتضان السائق للطفل أثناء القيادة، أو التوقف الخاطئ في المناطق الحيوية، والالتفاف بشكل فوضوي، والتجمهر على الطرقات، واصفاً هذا الخطأ بالسلوك غير الصائب الذي يرتكب بعمد من قبل السائق. وكشف التقرير بشكل صريح أن غالبية من يتعرضون للحوادث ينتهكون القواعد المرورية بشكل واضح، فمنهم من يقطع الإشارة وهي حمراء، ومنهم من يسير بعكس اتجاه الطريق، وكأنه يملك صك ملكية لهذا الطريق أو ذاك، مشدداً على أهمية توافر عدد من الصفات في السائق لتمكينه من تجنب الوقوع في الحوادث، كالسلامة الجسدية، والمعرفة بأنظمة المرور والتقيد بها، والإحساس بالمسؤولية اتجاه الآخرين، والإلمام بشكل مبدئي ببعض الأمور الميكانيكية الهامة. وأرجع التقرير بعض الحوادث إلى عدد من المسببات الأخرى، كالإرهاق والمرض المفاجئ والنعاس، وغيرها من العوامل الفيزيولوجية الأخرى، وهي خارجة عن إرادة السائق، إلا أن مجمل هذه الحوادث يقف خلفها السائقين بإهمالهم ولا مبالاتهم، واعتبارهم القيادة في هذه الظروف أمراً بسيطاً على الرغم من أن عواقبه وخيمة. وعرض التقرير عدداً من الدراسات لمراكز البحوث ومنظمة الصحة العالمية، ومنها التصنيفات الخاصة بالحوادث المرورية ونسب توزيعها، حيث خلصت الدراسات إلى أن 65 % من الحوادث تعود لعوامل بشرية، فيما 25% منها عوامل بشرية مشتركة مع الطريق، و5% عوامل بشرية مشتركة مع المركبة, و2% عوامل خاصة بالطرق، و2% عوامل مرتبطة بالمركبة فقط، واجتماع جميع العوامل سابقة الذكر تمثل 1%، وبحسب هذه المقارنة فإن الحوادث في المملكة العربية السعودية تجاوزت هذه النسب، حيث بلغت نسبة العوامل البشرية المسببة للحوادث 80%. واستشهد البرنامج بعدد من اللقاءات التي قام بها فريق العمل في العديد من المستشفيات بمدن المملكة، التقوا خلالها المصابين في الحوادث المرورية، وأكدوا بدورهم أنهم المتسببون في الحوادث، بالإضافة إلى تدعيم التقرير برصد من قبل الإدارة العامة للمرور، للمخالفات المرورية وسلوكيات قائد المركبة، ومن أبرزها القيادة دون السن النظامية، وبلغت الزيادة عن عام 1433هـ، في هذا الجانب 69.51%، يليها قطع الإشارة الحمراء والذي ازداد في العام المنصرم عن سابقيه بنسبة بلغت 37.60%، علماً أن المخالفات زادت بمجملها عن عام 1433هـ بنسبة 17.13%، وهذا الرقم يؤيد فكرة أن الخطأ البشري يلعب دوراً هاماً في الحوادث المرورية. وفي ختام الحلقة ذكّر الغيدان المشاهدين بجوائز البرنامج، وهي ثلاث سيارات فورد فيوجن مقدمة من شركة توكيلات الجزيرة لثلاثة سائقين، وهي جائزة للسائق المثالي الذي ينهي الموسم الأول من البرنامج دون الحصول على مخالفة مرورية. )