×
محافظة المنطقة الشرقية

رئيس إكسون موبيل مرشـح لمنصب وزيرالخارجية الأمريكـي

صورة الخبر

إعداد: محمد هاني عطوي كان حب الاستطلاع والرغبة في المساعدة، وراء اكتشافات كبيرة مثل العثور على مجرات جديدة أو فك تشفير المخطوطات أو حتى اكتشاف أنواع جديدة من الحيوانات لم تكن معروفة من قبل، قادها على مر العصور فئة من محبي العلوم وهواة الطبيعة أو على الأقل ساعدوا في اكتشافها. ساعدت تلك الفئة على مر العصور العلماء والباحثين في عملهم. فترى بعضاً منهم ينتظر في صبر وصمت مطبق ويحرص على إزالة أي أثر للرائحة التي تصدر عنهم، أو تكشفهم، وذلك في سبيل العلم والطبيعة التي يتطوعون دائماً للمساعدة في كشف أسرارها. في التحقيق التالي نستعرض عدداً من الاكتشافات التي ساهمت فيها تلك الفئة. في منطقة العين الواقعة في قرية تواريت الفرنسية، أتى بعض المتطوعين ليحسبوا أعداد حيوان القندس الأوراسي، الذي اختفى من المنطقة منذ 1950 ولكنه يحاول العودة والاستيطان من جديد، وذلك بعد أن حدد عدد المتخصصين من جمعية جورا نيتشر للبيئة (JNE) سدوداً بناها هذا الحيوان المنتمي للثدييات المائية. ولكن واجهتهم معضلة كبيرة، إذ كيف سيواجهون هذا الكم الهائل من القوارض الموجودة في المنطقة أو يعرفون أعدادها. والحقيقة أنه لمراقبة مجيء وذهاب هذه القوارض يصعب جمع عدد كافٍ من الناس لتغطية مساحة واسعة، وتجنب عد نفس الحيوان مرة ثانية، لذا انضم عدد قليل من السكان القريبين إلى المهنيين في الجمعية، وللعديد من الجمعيات المعنية كالمكتب الوطني للمياه والبيئات المائية والصيد ومكتب الحياة البرية. وعلى الرغم من الانتظار 3 ساعات، لم يكن الحظ يلعب في صالحهم في تلك الليلة، إذ تمكن واحد فقط من المتطوعين من رؤية هذا القندس الشهير. وعلى مدار المواسم سيبقى عشاق الطبيعة على عهدهم في نقل نتائج أبحاثهم مع الأدلة على وجود قوارض إلى المختصين في هذا الشأن. هذا مجرد مثال فقط على أهمية عمل المتطوعين وهواة الطبيعة في خدمة العلوم ، ولكن هناك أيضا ماسحو السماء بحثاً عن نجوم جديدة أو راصدو الغابات بحثاً عن أنواع غير معروفة من الحشرات والفراشات أو الغوص في محفوظات المتاحف. ويبدو أن الباحثين باتوا لا يستغنون عن هواة الطبيعة ويستخدمونهم كمتطوعين لمساعدتهم على تطوير وتقدم المعرفة. ولكن هل هذا اتجاه جديد؟ ليس تماماً. في نهاية القرن التاسع عشر، كان سكان أمريكا الشمالية حريصين على تقليد قاس يصطاد فيه المتنافسون الحد الأقصى من الطيور للفوز. العلم التشاركي وفي ديسمبر 1900، أطلق عالم الطيور فرانك تشابمان، تقليداً معاكساً، داعيا إلى عدها بدلا من قتلها واستجاب له 27 شخصاً. وبعد قرن من الزمن بلغ عدد المتطوعين اليوم في عملية تطلقها جمعية أودوبون الوطنية، وهي واحدة من أقدم المنظمات البيئية القديمة في العالم، أكثر من 70 ألف متطوع، ويقول فرانسوا أولييه المدير التنفيذي للمعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) والمكلف بمهمة العلم التشاركي في عام 2016: عندما رأيت هذه البرامج التشاركية، كنت أظن أنها معنية أساساً بالعلوم الطبيعية ، وكنت أعتقد أنها ستبقى محصورة في هذه النطاق ولكن ما أذهلني حقيقة أنها تمتد الآن إلى تخصصات أخرى إذ يمكن للسكان العاديين أن يكونوا جغرافيين أو ينشغلوا بالعلوم الإنسانية وبالتاريخ التشاركي، ويعتبر موقع Zooniverse صورة مثالية لأكبر شبكة دولية يتشارك فيها الجميع وتضم 47 مشروعاً، تغطي اهتمامات جميع الفضوليين من هواة الطبيعة. ومثلاً إذا كنت تهتم بالتاريخ البحري، فكل ما عليك فعله هو تعيين البيانات الخاصة بالمناخ على خريطة العالم والواردة في سجلات السفن التي قطعت البحار منذ قرون وحينها ستساعد العلماء العاملين على مشروع أولد ويذر (المناخ القديم) في تحديد درجات الحرارة في الماضي، لتحديد أفضل نموذج لمناخ الأرض في المستقبل. ولا يمكن تحقيق هذه العملية من دون مشاركة العامة، إذ إنه إذا وضع كتاب واحد عن شيء بسيط في الطبيعة فينبغي على الباحث العمل 10 آلاف يوم، أي 28 عاما، ولكن بدعم من المتطوعين، يأمل العلماء المشاركون إنجاز هكذا مشروع في 6 أشهر فقط. غناء الخفافيش ثمة متاحف كبرى، مثل محفوظات المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي (MNHN) في فرنسا، مملوءة بالنباتات وتحتاج إلى من يصنفها ويسميها. وهناك مشروع يسمى herbonautes يهدف إلى المساعدة في رقمنة الألواح المملوءة بنباتات مجهولة حتى الآن، لأنه مع وجود هذه القاعدة من البيانات، يمكن للباحثين المقارنة بين التنوع البيولوجي في الأمس وصولاً إلى اليوم، وبالتالي قياس التآكل في التنوع النباتي. والواقع أنه بالنسبة للشخص العادي يصعب البحث في هذا الكنز العشبي العملاق ولكن عبر الموقع الإلكتروني، يمكن للمشاركين في حملة التصنيف من الهواة التركيز على مجموعة معينة من النباتات مثل الطحالب، وأشجار النخل الآسيوية أو النباتات السامة. وفي هذا الصدد يكفي المشارك أن ينتقل ببساطة خلال صور النباتات وأن يدخل في قاعدة المعلومات ما هو مكتوب بخط اليد ومرفق مع الصور مثل البلد، وتاريخ جمع هذا النبات، وغيره من الأنات مرة أخرى. وساهمت هذه الحملة في تشكيل 58 بعثة، شارك فيها 2564 مساهماً رتبوا وفرزوا 156220 عينة. وإذا كانت النباتات لا تجذبك فثمة مشروع آخر يمكن أن يساعد الباحثين في مجال علم الطيور وهو فرز تسجيلات غناء الخفافيش حسب وظيفة كل منها (التواصل، أو العثور على الطعام، وغيرها)، وذلك من أجل تحديد أفضل مدى لانتشارها، وبالتالي تطوير برنامج للتعرف التلقائي على صوت الخفاش ونوعه. وإذا كنت تميل أكثر إلى الأدب، فيمكنك كمتطوع الانضمام إلى عالم شكسبير والغوص غالباً في الكتابات غير المقروءة لكتّاب المسرح المعاصرين للكاتب البريطاني الكبير شكسبير لمساعدة المؤرخين على فهم أفضل للحياة في القرنين السادس عشر والسابع عشر. أما إذا كنت لا تمتلك الوقت الكافي لذلك، فيمكنك تقديم القدرة الحاسوبية غير المستخدمة لجهاز الكمبيوتر الخاص بك، لعلماء الفيزياء في مشروع LHC @ هوم الذين يحتاجون إلى تشغيل نموذجهم الرقمي للبحث عن جسيمات أساسية أخرى في الكون. ووفقاً لفريدريك جيكيه، منسق مرصد طيور الحدائق، الذي يعتبر جزءاً من فيجي نيتشر، وهو برنامج العلوم التشاركية التابع للمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس (MNHN)، فإن بعض المشاريع تفتح آفاقاً جديدة، إذ يمكن للمتطوعين التعرف إلى طيور حدائق منازلهم، وهي المساحات التي يجد الباحثون صعوبة في الوصول إليها. هذا النوع من العد القريب من المنازل، يمكن أن يساعد على فهم تأثير التحضر على أسراب الطيور، وكيفية تكيفها مع تغير المناخ. ولهذه المعلومات فائدة حقيقية، فمن خلال معرفة ما يحدث على نطاق صغير، يمكننا أن نتوقع وبشكل أفضل ما سيحدث خلال 40 عاماً في جميع أنحاء العالم. والواقع أن هذه البرامج التشاركية تؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج علمية حقيقية، ولنأخذ مشروع حديقة المجرات (جالاكسي) الذي طلب من المشاركين ترتيب صور المجرات الملتقطة بالتلسكوب حسب شكلها (لولبية، بيضاوية الخ)، فكشف البرنامج عن بعض الأجسام الفلكية غير المعروفة، وحتى اكتشف مجرات جديدة. المسؤولون عن هذا البرنامج مسرورون جداً، إذ ظنوا أن الأمر سيستغرق سنوات من الزوار لتحليل بيانات الموقع مليون، لكنهم تلقوا أكثر من 70 ألف تصنيف في الساعة في اليوم الأول من إطلاق المشروع في يوليو عام 2007. ومنذ ذلك الحين، نشر ما لا يقل عن 48 مقالة علمية بناء على نتائج المشاركة في حديقة المجرات ( جالاكسي). حل معضلة في فرنسا، سجل عشاق الطيور فتحاً في مجال المشاركة العلمية، إذ ساهموا في وضع أطلس الطيور في فرنسا متروبوليتان. ونشر هذا الأطلس في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، بدعم من جامعة حماية الطيور، وهي جمعية دراسات علم الطيور في فرنسا و(MNHN). ويحتوي الأطلس على ملايين البيانات التي جمعها أكثر من 10 الآف هاوٍ للطيور، رصدوا 359 نوعاً من الطيور الموجودة في فرنسا. وفي عام 2012، استطاع 5 آلاف هاو للحشرات في ألمانيا، من التقاط 17 ألف عينة من البعوض ضمن مشروع (Mckenatlas)، وهو ما ساهم في وضع العلماء اليد على نوع جديد غازي وهو بعوض بوش آسيا القادم من جنوب شرق القارة. ويأتي مشروع جامعة واشنطن بعنوان Foldit على مرتبة الأكثر إثارة. وهو عبارة عن لعبة على الإنترنت تدعو الزوار إلى ثني البروتينات الافتراضية في 3D، المعروضة على شكل لغز محير. ومن المعروف أن البروتينات في أجسامنا، وهي سلاسل طويلة من الأحماض الأمينية تنثني لتشكيل كتلة متراصة، ولكن هناك ترتيبات لا تعد ولا تحصى منها. وبالنسبة للباحثين، من الضروري التعرف إلى تكوين البروتين لفهم كيفية ظهور الأمراض ووضع وتطوير العقاقير المستهدفة لها، ومن خلال حدسهم، تمكن لاعبو Foldit من العثور على أفضل الهياكل الممكنة للبروتينات. وفي العام 2011، وفي 3 أسابيع، حل العلماء لغزاً معقداً منذ 15 عاماً، إذ تمكنوا من وصف انثناء بروتين يرتبط بالفيروس ماسون فايزر، الذي أدخل فيروس نقص المناعة (الإيدز) عند القرود. كل هذا، من دون أي خبرة طبية أو علمية لدى المشاركين، إذ تتطلب بعض المشاريع حداً أدنى من المعرفة ككيفية التفريق مثلاً بين طائر الحسون الملون وحسون الشوك (الشويكي) إذا كان لم ير من قبل. وفي هذا الشأن ثمة قيود علمية متوقعة من قبل الباحثين فقبل بدء البرنامج، يعمل الباحثون على بروتوكول معين لتكييفه مع تجربة الجمهور. ولكن ماذا عن موثوقية البيانات التي يتم جمعها؟ في هذا الصدد يؤكد أصحاب المشروع التشاركي، أنه يتم اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة للتقليل من عدد الأخطاء. والواقع أنه في معظم التجارب يتم التحقق من النتائج عن طريق مشاركين مختلفين، كما هو الحال في برنامج أولد ويذر إذ يتعاون 10 أشخاص على الأقل على التأكد من نفس المعلومات من سجلات السفن التي تدار من قبل MNHN. أما مشروع Spipoll فيجمع بيانات الملقحات الحشرية، ولتفادي الخلط بين النحل والدبابير، ينشر المشاركون الصور التي يتأكد المتخصصون من صحتها. أيضاً هناك مشروع يهدف إلى حصر النباتات البرية التي تنبت في الشوارع، ولكن دون استخدام الصور بل يمر اختصاصيو نبات في بعض الشوارع عشوائياً ويؤكدون هذه المعلومات. وصل معدل التحديدات الصحيحة حتى الآن 85٪، وهو أمر مقبول تماماً كما يوضح سيباستيان توربين، منسق برنامج فيجي نيتشر. ويرى أنه على الرغم من بعض العقبات، فإن ظاهرة العلوم للجميع لا تضعف، بل على العكس تزداد قوة. ويشير التقرير الصادر عن مهمة العلوم التشاركية، الذي نشر في فبراير 2016، أن هذا الأمر هو علامة مميزة من علامات العصر الحديث ، فالمشاركون هم عادة أناس محبون للاستطلاع ولكن الأمر يعكس أيضاً وجود رغبة في حل المشاكل المعاصرة. ولذا نلاحظ احتراماً متبادلاً بين الكيانين العامي والعلمي. وربما يكون هذا الأمر واضحاً جداً في المجتمعات الفلكية حيث فهم المحترفون والهواة منذ مدة طويلة أن عمل كل منهم مكمل للآخر على حد قول فرانسوا اولييه. ويبقى الآن إجراء عملية تثقيف عام على مستوى أكبر عدد من الجماهير لأن ذلك سيكون في مصلحة الجميع. ووفقاً لدراسة أجراها معهد ايبسوس/ ولوموند في مايو 2016، أن عددا كبيرا من الجمهور مستعد للدخول في مشروع كهذا بغية تطوير العلوم.