×
محافظة المنطقة الشرقية

عام / ببلدية رأس تنورة تنظم غداً ورشة عمل عن " سوسة النخيل الحمراء "

صورة الخبر

من يزور معرض الرياض للكِتاب هذا العام والأعوام الأخيرة، يسترعي انتباهه أول ما يسترعي انتباهه حضور «الأسرة» أو «العائلة» اللافت، بالمعنى المكاني- الزماني- الموضوعي للحضور العام. فرغم كثرة المناسبات التي تشهدها هذه المدينة الكبيرة، إلا أن مفهوم «الأسرة» لا يكاد يتم التعامل به خارج المنزل بل يكاد ينتفي من الحياة العامة. فأغلب المناسبات والأماكن في مدينة الرياض، ولأسباب اجتماعية وغير اجتماعية أحيانا، يتم تقسيمها زمنيا أو مكانيا إلى قسمين أو ثلاثة أقسام للحضور وليست الأسرة بينها بطبيعة الحال وهي: قسم رجال، أو قسم نساء وقسم أطفال أحيانا. معرض الرياض للكتاب، من المناسبات القليلة التي تسمح خلالها «الأسرة» لنفسها أو يسمح لها بأن «تتعايش» ليس مع الكتاب فحسب بل أن «يتعايش» أفرادها استثنائيا، بعضهم مع بعض، خارج المنزل. إذ يبدو أننا أمام موجة جديدة لثقافة تعيد أيقونة «الأسرة» إلى واجهة المجتمع بدلا من ثقافةٍ كانت واجهتها «الفرد» المنتمي لأحد مجتمعين وثقافتين: مجتمع الرجال أو مجتمع النساء ليس بصفتهما أسرة تتكون من الأب والأم والبنت والابن، فلعقود من الزمن توارت هذه الثقافة أو كادت تلغي مفهوم «الأسرة» في الحياة العامة أمام أيقونة «الفرد» المجرد والوحيد في تلك الحياة العامة. جميل إذن أن تكون الثقافة سببا في لمِ شمل الأسرة، وإعادة الجسور بين ما هو ثقافي وما هو اجتماعي. بعد أن تم اختطاف ما هو ثقافي ومصادرة ما هو اجتماعي وتدمير كل الجسور الرئيسة بين الثقافي والاجتماعي. إنه لمن دواعي الاعتزاز والفخر أن يتبوأ معرض الرياض للكتاب هذه المكانة المرموقة وأن يتصدر المشهد الثقافي بخطوات ثابتة وهو يتمدد على مساحة تصل إلى 23 ألف متر مربع، ويستضيف ما يقارب 915 دار نشر تحمل ما يقارب الـ 600 ألف عنوان، تمثل 29 دولة، بينها دولة جنوب أفريقيا ضيف المعرض ذات التجربة الرائدة في مجالات التنمية بشكل عام والتنمية الثقافية على وجه التحديد. إضافة إلى الأعداد الكبيرة من الزوار الذين يرتادون المعرض وبتزايد كل عام، فضلا عن الكتاب في ضروب الإبداع المختلفة حيث بلغ أعداد من وقعوا ويوقعون إصداراتهم هذا العام 260 مؤلِفا ومؤلِفة. في الحقيقة أن معرض الرياض للكتاب ليس طفرة جينية ثقافية استثنائية، فهو ليس نشاطا ثقافيا معزولا، في المجتمع، فوراء هذا المعرض وبجانبه، نشاطات ومؤسسات ثقافية عديدة سبقته أو تزامنت معه، فهناك ما يقارب 16 ناديا أدبيا ونفس العدد تقريبا من جمعيات الثقافة والفنون، فضلا عن المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية وسوق عكاظ، وبجانب العديد من النشاطات الثقافية التي تقوم بها وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التعليم والمؤسسات الأكاديمية والملحقيات الثقافية والهيئة العامة للسياحة والآثار والصحافة والتلفزة الثقافة. العلاقة بين هذه المؤسسات والنشاطات الثقافية ليست على ما يرام وربما هي في انحدار وتعارض وتضارب مما ينعكس على الكم والنوع للمنتج الثقافي والأدبي والفني بسبب المنافسة السلبية بينها، أو بسبب الكوادر الإدارية المتواضعة أو بسبب تدني مستوى الموارد المالية لبعض تلك المؤسسات والنشاطات الثقافية. فمن أبرز الملاحظات على معرض الرياض للكتاب هو غياب جمعيات الثقافة والفنون والحضور المتواضع جدا للأندية الأدبية والتي كان يجب أن يكون لها حضور أكبر وأعمق. فحبذا لو تم إعفاء هذه المؤسسات من الرسوم عند المشاركة بالمعرض الكتاب. غير أن المشكلة الأبرز التي تواجه التنمية الثقافية عموما هو التشتت في النشاط الثقافي، وغياب الرؤية الواحدة والعمل الاستراتيجي للتنمية الثقافية. فغياب الرؤية الاستراتيجية للنشاط والمؤسسات الثقافية يتسبب بتعثر الحراك الثقافي بالتلازم مع مشكلة مستجدة أصبحت تطرح أسئلة ملحة مع تطورات الأحداث في المنطقة والعاصفة التي تضرب أكثر من مجتمع عربي بروز الحاجة الماسة لبلورة مفهوم جديد وواضح للهوية الثقافية. وهو الأمر الذي يتطلب إيجاد إطار مرجعي لرسم السياسات الثقافية الاستراتيجية، ينبثق عنه برامج ثقافية تتجذر من خلالها الهوية الثقافية المعتدلة لتتجاوز الطائفية والمذهبية والقبائلية والمناطقية وغيرها من الثقافات، وتتبنى حراكا ثقافيا والحركة الأدبية الشبابية ذات البعد الإنساني ولترسم صورة إيجابية حقيقية مغايرة عن الصورة السلبية المتطرفة. فلأهمية توحيد الجهود الثقافية والاجتماعية التي ترتكز على الثوابت والرؤى الثقافية الاستراتيجية، ولإحداث نقلة نوعية في العمل الثقافي وتفعيل الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون وترتيب ماله صلة بالشؤون الثقافية والاجتماعية تكاملا مع الأدوار والاختصاصات التي تقوم بها مؤسسات أخرى، أتمنى وأقترح إنشاء مجلس للشؤون الثقافية والاجتماعية يرتبط تنظيميا بمجلس الوزراء، .