الداء السكري لا يسرق العمر، بل يسرق وظائف المخ. وتفيد دراسة نشرتها في العام المنصرم جامعة هارفارد بأن الأشخاص المصابين بالداء السكري، خصوصاً النوع الثاني، هم الأكثر تعرضاً لتدهور القدرات العقلية بسبب القلاقل التي تحصل على صعيد تنظيم مستوى السكر في الدم ما يترك تأثيرات سلبية في عدد من المهارات، كالذاكرة والتذكر والتفكير والفهم والتعلم والمنطق والسلوك النفسي. ويعلم الباحثون منذ زمن طويل أن مرض السكري يؤثر في شكل مباشر في الخلايا العصبية في المخ، ويؤدي إلى تلف الأوعية الدموية الكبيرة والصغيرة، ويقلل من تدفق الدم ومن الأوكسيجين، ويزيد احتمالات الإصابة بالسكتات الدماغية. إلا أن علماء من جامعة فيلادلفيا كشفوا في دراسة حديثة أن الأشخاص المصابين بمرض السكري النوع الثاني يتعرضون لتقلص حجم المخ بمعدل أكبر مع التقدم في العمر مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون من المرض. ولا يضر الداء السكري المخ وحسب، بل يلحق الشر بكل أعضاء الجسم، خصوصاً الحيوية منها، كالقلب، والعين، والكليتين، والأعصاب، والأوعية الدموية، وهو سبب رئيسي للعمى، والفشل الكلوي، والأزمات القلبية، والسكتات الدماغية، وبتر الأطراف. والداء السكري مرض مزمن يحدث عندما يعجز البانكرياس عن إنتاج هرمون الأنسولين بكمية كافية، أو عندما لا تستطيع خلايا الجسم استعماله لحرق السكر للحصول على الطاقة. وهو داء صامت يبدأ خلسة، وكثيراً ما يتم اكتشافه مصادفة بعد إجراء فحوص روتينية أو بعد أن يكون بطش بأحد أعضاء الجسم. ويشهد العالم زيادة مضطردة في عدد المصابين بالداء السكري الذي يمكن علاجه وتفادي أخطاره أو تأخير مواعيد استحقاقها عبر اتباع نظام غذائي مناسب، وممارسة النشاط البدني المنتظم، والتقيد بالعلاج، وإجراء الكشوف الطبية الدورية لرصد أي خلل وتطويقه.