لن تكون زيارة سمو ولي العهد للصين عادية بكل المعايير لعدة اعتبارات من أبرزها، أن هذه الزيارة تعتبر الأولى لسموه منذ تعيينه في هذا المنصب فضلا عن حرص البلدين على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الرياض وبكين، التي وضع أسسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من خلال الزيارات المتعاقبة للصين خلال السنوات الماضية خاصة زيارته للصين حين كان ولياً للعهد، في أكتوبر عام 1998م وأعقبتها كذلك زيارة رئيس الوزراء الصيني. وفي نوفمبر 1999م قام الرئيس الصيني بزيارة للمملكة، كما قام سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ بزيارة للصين في أكتوبر من عام 2000م، ثم توجت العلاقات بزيارة خادم الحرمين الشريفين في يناير 2006م، هذه الزيارات المتبادلة دشنت عهدا جديدا من الشراكة الاستراتيجية وجسدت حرص الرياض وبكين على إقامة سلام شامل ودائم في الشرق الأوسط مبني على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة وإنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ودعم مبادرة السلام العربية كقاعدة أساسية لإحلال سلام دائم وعادل يضمن عودة الاستقرار إلى هذا الجزء الهام من العالم.وليس هناك رأيان في أن العلاقات السعودية الصينية هي علاقات متجذرة في التاريخ وليست وليدة اليوم فقد تواصل العرب والصينيون منذ قرون عديدة عبر التجارة ومن خلال النافذة التجارية تعرف الشعب الصيني على الثقافة العربية وعلى الحضارة الإسلامية. وانتشر الإسلام منذ القرن السادس الميلادي في الصين، حيث دخل في الإسلام أكثر عشرين مليون مسلم صيني. واستمر التبادل التجاري السعودي والصيني، حتى قبل تأسيس العلاقات الدبلوماسية بيد أن تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين عام 1990م أعطى دفعة قوية للعلاقات التي تحولت من العلاقات التجارية إلى شراكة استراتيجية طويلة المدى. ومن المؤكد أن تعزيز الحوار الاستراتيجي المنتظم بين الرياض وبكين سينعكس إيجابيا ليس فقط حيال تنمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين بل سيساهم في إيجاد حلول لقضايا الشرق الأوسط المزمنة خاصة الأزمة السورية ومستقبل عملية السلام والملف النووي الإيراني. وبحسب المصادر الصينية الرفيعة التي تحدثت مع «عكاظ» فإن الحكومة الصينية تعلق آمالا كبيرة على هذه الزيارة حيث تحرص بكين على الحفاظ على التواصل مع المملكة لتعميق التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والطاقة وتعزيز استراتيجية التنوع الاقتصادي الاستثماري بين البلدين.