في خطوة مفاجئة من شأنها تغيير موازين المواجهة مع «آلة الموت»، أعلنت فصائل المعارضة السورية في حلب، فجر الخميس، حل نفسها، والانضواء في تشكيل جديد باسم «جيش حلب». «جيش حلب»، الذي استلم دفة قيادته أبو عبدالرحمن نور، يتوقع له أن يغير من مجرى الأحداث الميدانية، التي شهدت هجمة شرسة من قوات نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، ووسط مقاومة شديدة من الفصائل المعارضة. وتضفي وحدة الميدان في حلب، التي تخضع لحصار مشدد منذ نحو عامين، شرعية على الفصائل المقاتلة، التي يزعم نظام الأسد وحلفاؤه أنها مجموعات إرهابية تسعى إلى السيطرة على الشمال السوري، فيما ينزع توحدها ذرائع الصمت الاممي عن الجرائم، التي تشهدها المدينة. وقال قائد مجلس عسكري دمشق في الجيش الحر العقيد خالد الحبوس، في اتصال هاتفي مع «اليوم»، إن «الوحدة الميدانية لفصائل المعارضة المقاتلة باتت ضرورة قصوى لمواجهة نظام الأسد وحلفائه، فيما تشكل مجريات المعارك الدائرة في حلب ضرورة إضافية لهذه الوحدة». واعتبر الحبوس أن «وحدة الفصائل في جيش حلب من شأنها تعزيز مكانة المعارضة السورية المقاتلة، خاصة بعد تقدم ميليشيات إيران وبغطاء جوي روسي ومن خلفهم قوات النظام في بعض الاحياء، التي تسيطر عليها فصائل معارضة ضعيفة». وبيّن العقيد الحبوس أن «التقدم الميداني المزعوم، الذي سعى نظام الأسد إلى الاحتفال به، هو تقدم شكلي عملي، بحكم انه جاء من نقاط ضعيفة تسيطر عليها فصائل معارضة هامشية». ويأتي اندماج الفصائل المقاتلة في حلب في أعقاب تقدم ميداني لصالح قوات النظام والميليشيات الإيرانية داخل الأحياء الشرقية المحاصرة. ورأى الحبوس أن «جيش حلب سيعيد التوازن إلى النقاط الضعيفة، وسيعزز من إمكانات المقاتلين في مواجهة آلة القتل الروسية والإيرانية والأسدية»، بيد انه أعرب عن قلقه من «زيادة حدة الهجمة الوحشية، التي تقودها روسيا والميليشيات الموالية لإيران، خاصة أن الاتحاد الميداني قد يغيّر من السيناريوهات المخطط لها». وتفيد المعلومات القادمة من مدينة حلب أن أبرز الفصائل المنضوية في «جيش حلب» هي: الجبهة الشامية، والفوج الأول، وحركة نور الدين الزنكي، وجيش الإسلام، وجيش المجاهدين، وحركة أحرار الشام، وفيلق الشام، وكتائب الصفوة، وكتائب أبو عمارة، والفرقة 16، وفرقة السلطان مراد. ولم يتضح بعد ما إذا كان «جيش حلب» سيحافظ على كيانه مستقلا، بيد أن مصدرا رفيعاً من قيادة الجيش السوري الحر رحب بانضمامه إلى ألويته. وقال المصدر، في حديث مع «اليوم»، إن «الجيش السوري الحر يرحب بانضمام كل قوى المعارضة المعتدلة إلى صفوفه، مع مراعاة الخصوصية الميدانية لكل منها، ووفق مختلف درجات التنسيق». وشهدت مدينة حلب مطالبات عديدة بتوحد مقاتلي المعارضة في الميدان، كان آخرها منذ عدة أيام، فيما تعود فكرة «جيش حلب» إلى يناير الماضي، إذ دعا نشطاء سوريون من حلب إلى اندماج الفصائل المقاتلة في المدينة تحت مسمى «جيش حلب». وأرجع النشطاء -آنذاك- مطالبتهم باتحاد الفصائل إلى ضرورتها الميدانية لوقف زحف قوات الأسد والميليشيات الإيرانية، وللتصدي للاختلال في الموقف الدولي. وأصدر النشطاء، في ذلك الوقت، بيانا عن «الاندماج الافتراضي» لفصائل المعارضة السورية على وسائط التواصل الاجتماعي، كانت قد اطلعت عليه الصحيفة، وذلك لعدم تجاوب الفصائل للدعوات المكررة للتوحد. وضم «الاندماج الافتراضي» 15 فصيلاً من كبرى الفصائل العاملة في ريف حلب، وتحت تشكيل حمل اسم «جيش حلب»، وذلك كخطوة أولية يتبعها اندماج باقي الفصائل، في حين منح البيان مدة لا تتجاوز 72 ساعة لإصدار بيان «حقيقي» موحد لتسمية قائد الجيش وهيئة الأركان. وتشهد مدينة حلب قصفاً روسياً عنيفاً، وهجمة دموية من ميليشيات موالية لإيران، أدت إلى ظروف إنسانية كارثية.