وقّع المغرب كأكبر دولة مصدرة للفوسفات في العالم، ممثلة بـ «شركة الفوسفات المغربية»، مع إثيوبيا، ممثلة بوزارة المقاولات العامة الإثيوبية، اتفـاقـاً لبـنـاء أكبـر مصنع لإنتاج الأسمدة بطاقـة إنـتـاجيـة تقدر بـ 2.5 بليون طن في السنة بقيمة 3.7 بليـون دولار في هــذه الدولة الأفريقية صاحبة أحد معدلات النمو الاقتصادي الأسرع في العالم. ومن المتوقع أن يكتمل هذا المشروع الضخم بحلول نهاية 2022. وتتمثل الأرضية المشتركة لهذه الشراكة في إيجاد ملاذ آمن لتصدير الفوسفات المغربي وتسويقه بعيداً من المنافسين وتثبيت معدلات الإنتاج والتصدير، وزيادة معدلات الزراعة في إثيوبيا بفضل الأسمدة الفوسفاتية، علماً بأن الزراعة هي المصدر الأكبر للدخل القومي في الدولة الأفريقية إذ تحقق أكثر من 95 في المئة من الإيرادات الخارجية للدولة، والمشروع يؤمن مصدراً محلياً دائماً للأسمدة يحمي من تقلبات الأسعار وما يتبع التقلبات من ضغوط خارجية. المشروع هو إذاً مصدر ربح للطرفين بالمقدار والقيمة نفسيهما. ومع وجود مصنع الأسمدة داخل البلاد سيتمكن الطرف الإثيوبي من مواصلة تطوير اقتصاده الزراعي من دون تدخلات أو عقبات خارجية مختلفة، سواء نقص العملات الأجنبية أو زيادة أسعار المواد الخام أو عدم وصول شحنات الأسمدة خلال المواسم الزراعية. ومن المتوقع أن يصل إنتاج الفوسفات في المغرب إلى أكثر من 12 مليون طن بحلول نهاية 2017 وبزيادة خمسة ملايين طن عن السنوات الماضية ما حتم إبرام الاتفاق لإيجاد منافذ آمنة ومستقرة لهذا المورد الرئيس للدخل القومي من العملات الخارجية. تشبه هذه الشراكة الإستراتيجية بقية الشراكات الإستراتيجية بين الدول، كشراكات الدول النفطية في الخليج العربي على صعيد الاستثمار في أسواق خارجية مثل فيتنام والصين ودول آسيوية أخرى تستهلك النفط الخام وتحوله إلى منتجات ومشتقات، وكذلك في أوروبا لضمان وجود أسواق مؤكدة دائمة للنفط الخام، خصوصاً مع تزايد إنتاج النفط، ناهيك عن الحفاظ على أسواق مستقرة واعدة هي لمصلحة الطرفين والشركاء بالتساوي. لكن في هذه المشاركة العربية - الأفريقية طرف آخر وضلع آخر مستفيد يمثل الشريان الأول أو العمود الفقري للشراكة وهو الميناء البحري في جيبوتي القريب من إثيوبيا التي لا منفذ مائياً لها يسمح بالاستيراد والتصدير. ولهذا سيجري الاستثمار في ميناء جيبوتي من أجل التحسين والتطوير ليكون مهيئاً لاستقبال شحنات الفوسفات وتصدير المنتجات الزراعية الإثيوبية. وسيجري تمويل الشراكة على مرحلتين، الأولى وبمبلغ 2.4 بليون دولار سيأتي 60 في المئة منها من قروض خارجية من مصارف وبيوت مالية والـ 40 في المئة الباقية من اكتتاب عام في الشركة بالتساوي بين البلدين. سيفيد المشروع ثلاثة أطراف وسيخلق فرص عمل مناسبة في مشاريع تطوير البنية التحتية وتحسين الميناء في جيبوتي ليواكب غرض هذا المشروع ليكون نموذجاً أولاً للقارة الأفريقية. ولا بد من ضمان نجاح هذا المشروع والتأكد من درس كل التفاصيل الدقيقة لضمان النجاح وليعطي المشروع دفعاً للقارة الأفريقية نحو تحالفات اقتصادية واعدة أخرى. هذا المشروع هو الشراكة الأكبر في أفريقيا مع طرف عربي، وعليه أن ينجح لأن القارة الأفريقية تملك طاقات لا تعد ولا تحصى. والخيارات أمام أفريقيا كثيرة لكن عليها أن تعمق الشراكات بين دولها ليكون الكل رابحاً.