هل نجح «ملتقى الامارات للإبداع الخليجي» في أن يساهم في بلورة فكرة الإبداع عند الطفل، خصوصاً أن الدورة السابعة للملتقى حملت عنوان «الطفولة: تربية الإبداع»؟ سؤال لا بد منه كلما خرجنا من ملتقى أو مؤتمر أو ندوة متخصصة! فالانطباع الأول لأجواء الملتقى ما زال يسكن الذاكرة، ويتلألأ كلما تذكرت عنوان «ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي». فلم يكن مجرد ملتقى، بل جسد روح توحيد الجهود لإضاءة سماء الإبداع عند الطفل، فكل منا يحمل في فكره آلاف الافكار التي يتنمى أن تتنفس النور، وتشرق بها نفوس الأطفال، فنخرج الطاقات التي هدرت كثيراً من قبل، فالأهداف الواحدة للمشاركين، خلقت جواً من الألفة المتناغمة، الذي جعل الملتقى واحة غنّاء بالعطاء والابداع. أما جنود الملتقى المخلصون، بقيادة أسماء الزرعوني، رئيس مجلس الأمناء، التي أضاءت بعقلها المنفتح وحماستها الدائمة الدور الثقافي في الإمارات، فساندوها في حمل راية التنوير وإضافة نشاط ثقافي مميز في أجندة الامارات الزاخرة بالأنشطة الثقافية، وأخص بالذكر الهنوف محمد، الأمين العام للملتقى، وباقي الأعضاء الحاضرين والمتابعين للكبيرة والصغيرة في حركة المشاركين والجلسات التي أحيوها. فقد وفرت الأمانة العامة للملتقى كل الشروط المطلوبة كي تكون الفائدة المطلوبة، لا سيما الخروج من الندوات التي تحصل في صالات مقفلة إلى فضاءات الأطفال، وتحديداً مراكز أطفال الشارقة «مركز الطفل بحلوان». وكم كان مميزا العرض المسرحي الذي قدمه الاطفال بقيادة الفنان محمود أبو العباس المشرف العام لنشاط المسرح، كان المكان كخلية نحل، ينتج رحيق الابداع في مجالات متنوعة، الموسيقى، المسرح، العلم، الرياضة، كان مكاناً مبهجاً بروح الطفولة التي تشع بتشوقها للعلم والمعرفة. لعل التوصيات التي صدرت في نهاية الملتقى تؤشر إلى ذلك الاهتمام في الخروج منه بحصاد ومنفعة، حتى لا تكون كما في بعض الملتقيات مجرد استعراض ثقافي. وقد ركزت التوصيات، التي عرضها الكاتب المستنير والمتميز إسلام أبو شكير عضو مجلس الأمناء، على زيادة مطبوعات الطفل، والتركيز على مسرح الطفل كوسيلة لتعزيز وعي الطفل، وتخصيص أنشطة لليافعين وفصلها عن الأنشطة المخصصة للأطفال، وقد نبه المشاركون إلى ضرورة تحديد مرحلة الطفولة التي توجه إليها كتب الأطفال، وطلبوا من وسائل الإعلام إعطاء مشكلات الأطفال حيزاً مهماً، كونهم مستقبل المجتمعات والأوطان، والاهتمام بأخبار تعنيفهم النفسي والجسدي والاجتماعي، وأكدوا ضرورة نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر حماية للطفل من خطر تيارات الكراهية والتطرف التي تعصف بعالمنا اليوم، ويدعون إلى إعادة النظر في مناهج التعليم لتتناسب مع هذه الغاية، ويلفتون النطر إلى أهمية تعزيز الأنشطة كالموسيقى والرسم والمسرح والشعر والقصة لأنها تساهم في خلق شخصية تجمع بين عمق الوعي ورهافة الحس، كما يهمهم أن تترسخ أكثر مسألة صناعة إبداع الطفل من نواحي عدة تشارك فيها الأسرة من خلال زيادة وعيها في متطلبات الطفل المبدع، والمدرسة من خلال تحديث مناهجها لحماية الطفل من الأفكار الفاسدة وتربيته على التسامح وقبول الآخر، ومن خلال المؤسسات التي تساهم هي الأخرى في توحيد الجهود ودعم التطلعات الجديدة لصون الطفولة وتمكين الطفل من الإبداع في أجواء أكثر حرية. إنهم يجسدون فكرة الخبير الدعائي الأميركي ألكس أوزبورن حين قال: «كل الناس قادرون على التفكير إبداعياً إذا لم يتم منعُهُم من ذلك بالتربية». لا بد من التوقف عند تجربة الشارقة في رعاية الطفل وبناء شخصيته وصقل مواهبه وتهيئة البيئة المناسبة لتنمية قدراته، فقد اطلع المشاركون على المراكز وما فيها من تجهيزات مهمة، وكان لي شرف إهداء قصتي «نجم المستطيل الأخضر» لمكتبة مركز حلوان، وناقشت مع الأطفال هناك أهمية التسامح الذي هو العنوان الفرعي للقصة. وفي الخلاصة أن ما يتم تقديمه في مثل هذه المراكز يعد تجربة استثنائية، كم نتمنى أن تحتذى في دول ومجتمعات عربية أخرى. هو عرس جديد من أعراس الشارقة الثقافية وما أكثرها، اختتم بحفل كرَّمَنا به الشاعر والكاتب الشهير حبيب صايغ، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الذي أقيم الملتقى تحت مظلته. وهكذا كان ثوب الدورة السابعة للملتقى وقد بدا مطرزاً بالنجاح ومزيناً بالبهجة، وقد كنا سعداء لأنه شكل محطة مفيدة لمستقبل الطفل الخليجي خصوصاً والعربي عموماً. * كاتبة كويتية Amal.randy@yahoo.com