هل يحق لـ «الهيئة العامة للاستثمار» تأسيس شركة شخص واحد؟، وهل يحق لها أن تعيّن مديراً للشركة من أحد موظفيها لتولي الإدارة؟ هذان السؤالان كانا محور نقاش استحوذ على القسط الأكبر من جلسة قانونية خاصة في وزارة التجارة والصناعة، حيث بحث فريق الوزارة، طلباً مقدما من قبل «هيئة الاستثمار» بتأسيس شركة الشخص الواحد، تحت المسمى التجاري شركة «كي إي ايه» العقارية بملكية 100 في المئة، إلى جانب إبداء رغبتها باستبدال مديري الشركة الواردة أسماؤهم بقرار التأسيس، لتكون «الهيئة» مديراً للشركة استنادا إلى المادة (89) من قانون الشركات. وفيما برزت تساؤلات حول الهدف والغاية من تأسيس الشركة العقارية، كان بالإمكان أن تكون الإجابة عن السؤالين السابقين تقليدية، ومذيلة بعبارة «لا يوجد ما يمنع»، لولا أن المتقدّم بالطلب هو «هيئة الاستثمار»، لاسيما وأنها جهة حكومية تدير أملاك الدولة ولا تملكها. قانونياً، تداول فريق «التجارة» وجهتي نظر في هذا الخصوص، الأولى تبنت ما يعرف باسم التقيّد بالنص دون حاجة للاجتهاد، وفي هذا الخصوص أبدت ممانعة على الطلبين، مستندة على أن القانون حدد في ما يتعلق بتأسيس شركات الشخص الواحد أن يكون صاحب المال، هو المالك للشركة، ولا ينوب عنه أحد في ذلك، وبالتالي ففي حالة «الهيئة» من المتعارف عليه أن قانونها نص على أنها جهة تدير أموال للدولة دون أن يلفت إلى ملكيتها لهذه الأموال، ومن ثم تكون الصفة الإجرائية المطلوبة لتأسيس الشركة، وهي الملكية المباشرة قد سقطت عن «الهيئة». أما في ما يتعلق بطلب «الهيئة» استبدال مديري الشركة الواردة أسماؤهم بقرار التأسيس لتكون «الهيئة» مديراً للشركة، فهذا أيضا يقابل بوجهة نظر «ممانعة، قائمة على الوارد اسماؤهم في طلب الاستبدال (موظفون في«الهيئة»)، ما يعني أنهم موظفون حكوميون مسجلون لدى ديوان الخدمة المدنية، ولقبول تعيينهم يتوجب أن يتم استثناؤهم من«الديوان»بما يضمن ترتيب أوضاعهم التأمينية والوظيفية وفقا لقانون العمل وخلاف ذلك من المسائل الوظيفية التي ترتبط بعمل الموظف الحكومي في الدولة. في المقابل، بد الرأي الآخر أكثر مرونة في تفسير مواد القانون، وأيد حق«هيئة الاستثمار»في تأسيس شركة شخص واحد، وتعيين مدير لها من موظفيها، معتبراً أنه«إذا كان القانون حدد بالفعل لمؤسس شركة الشخص الواحد أن يكون مالكاً لرأسمالها، فهذا لا يخالف وضع (الهيئة) التي تدير أموال الدولة بقانون أعطاها الحق في اتخاذ جميع الإجراءات التي تكفل لها الإدارة السليمة لأموالها، ما يضعها في موضع الانابة السليمة عن المالك، وإن كان ذلك لمصلحة الغير فهو للدولة، وهذا يعد نوعا من الإدارة المطلوبة». ورأى أصحاب هذا الرأي«أن لدى (هيئة الاستثمار) صناديق استثمارية مرخصة لإدارة أموال الدولة واستثمارها داخليا وخارجيا، وهذا النشاط لا يختلف كثيرا عن طلبها تأسيس شركة شخص واحد لمزاولة النشاط العقاري، سواء شمل ذلك النشاط بيع عقارات كأصول أو كأسهم أو شرائها»، إذ إن الهدف في كلتا الحالتين واحد، وهو إدارة أموال الدولة. أما بالنسبة لتعيينها مديراً للشركة، فهذا (بحسب الرأي) أمر مقبول قانونياً، ولا يوجد معه ما يخالف إجراءات الخدمة المدنية، واستدل البعض في هذا الخصوص بنموذج تمثيل«هيئة الاستثمار»وغيرها من المؤسسات الحكومية في مجالس إدارات الشركات التي تساهم فيها، بعضو وأحيانا بأكثر من ذلك، إذ إنه في هذه الحالة ممثلها أو ممثلوها في مجلس الإدارة هم في الأساس موظفون، ويقومون بالانابة عنها في إدارة الشركة من خلال دورهم في مجلس إدارتها. وفي الختام، بينت المصادر أن الخلاف القانوني في هذا الخصوص لم يحسم بشكل نهائي حتى يوم أمس.