اتصل بي أحد أولادي ليبلغني خبر وفاة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود,رحمه الله,فوقع علي الخبر وقعاً شديداً ألجمني عن الكلام الأمر الذي أشعر ولدي بحزني عليه لترددي عن الإجابة عن الكلام ثم سألني من الذي سيعزي نيابة عنك ومن سنعزي من آل سعود؟ قلت وبلا تردد من لا يعزى في أبي سعود من آل سعود؟ عبدالرحمن الفيصل هو ذلك الضابط الممشوق القوام الذي لفحت العسكرية وجهه بسمرة فكسته دثاراً على دثار الحزم الذي يكسو قلبه الطيب إنه قائد قواتنا المدرعة في الطائف وهو من أوائل العسكريين الذين تدربوا في فرنسا وكان مؤمناً بضرورة تعدد مصادر استيراد السلاح. كان محبوباً ومهاباً في سلاحه يحبه رؤساؤه ويحترمونه وكان يقدم عسكريته على أمارته وبالرغم أنه ابن الملك ولكنه لا يتجاوز رتبته العسكرية فهو عسكري محترف لا يحب التهاون ويريد لكل شيء أن يسير بالنظام وبانتظام..يتحدث فترى الصرامة في حديثه ولكن قلبه يعتلج بالحب والرحمة. ذلك عبدالرحمن الفيصل الذي سماه أبوه على اسم جده الإمام عبدالرحمن الفيصل والد الملك المؤسس. ترك العسكرية بصمت ولم يتحدث قط عما يجب وما لا يجب فكل مسؤول في وقته مسؤول أمام الله وهو أعلم بما يفعل فلم يظهر على الصحف ولا المجلات ولا التلفزيونات ولم يبحث عن الشهرة وهو الخبير العسكري المتعلم. تحدثت معه طويلاً أيام حرب تحرير الكويت فحدثني حديث الخبير بأن المملكة بلد كبير وحتى يحمي حدوده يحتاج إما إلى جيش ضخم وهذا يستنزف قدرات المملكة إو إلى جيش سريع الحركة يعتمد على الآليات أكثر من اعتماده على التعداد, وضرب لي مثلاً للجيش السويسري ثم قال لي:" لو كنا اعتمدنا النظام السويسري وعملنا على أساس الخدمة العسكرية والإجبارية بحيث يصبح أغلب أبنائنا جيشاً قادراً على الخدمة وقت الحاجة لكنا اليوم في وضع أفضل وأكثر قدرة على مجابهة جيوش صدام وغيره, نعم تلك ذكريات مما تحمل ذاكرتي عن عبدالرحمن الفيصل أبي سعود الذي كان يسمع كل أخبار العالم كل يوم, لا تسأله عن شيء إلا وحدثك عنه.كان أول من اقتنى أجهزة التقاط فضائية.. كان وهو يجلس أمام التلفزيون ينتقل بين قنواته في أوقات معينة يسمع كل ما يدور في العالم ، ضحكته البريئة وقلبه الأبيض وكلامه الذي قد يسبقه ضربة خفيفة باليد لا يؤذي أحداً ولا يحسد أحداً ولا يتكلم عن أحد، بيته خلوته عش جميل مع ابنة عمه كريمة الملك خالد يملأ حياتهم المودة والرحمة وولده الذي هو أشبه الناس بجده الملك خالد,رحمه الله, سماه سعود محبة في شقيقه سعود الفيصل. رحم الله أبا سعود وأسكنه فسيح جناته وعزائي لكل آل سعود في رمز من رموز جيل النهضة لبناء بلدنا الحديث جيل العلم والعمل في كل مضمار مدني وعسكري جيل الفيصل بن عبدالعزيز,رحمه الله. "إنا لله وإنا إليه راجعون"..