×
محافظة تبوك

مدير جامعة تبوك يتفقد فرع الجامعة في حقل ويدشن عددًا من الأقسام

صورة الخبر

دق الفيلم الوثائقي "فوسفين" أجراس الخطر حول المبيدات الكيميائية واستخداماتها وتداولها والتعامل معها، كما أثار الفيلم أسئلة مهمة تتعلق بالرقابة على هذه المبيدات، وعن الضبطية القضائية لها عند وجود التجاوزات والمخالفات، وعن القانون الذي يمنع الممارسات التي تهدد صحة الإنسان والبيئة، وكذلك عن العقوبات الجنائية التي تردع المخالفين للأنظمة البيئية. فالبعض تساءل عن الدور الرقابي لوزارة الزراعة على المبيدات الكيميائية واستخداماتها في المجال الزراعي، وهل مبيد فوسفيد الألومنيوم من المبيدات المحظورة تداولها في المملكة؟، وهل للوزارة دور في الرقابة على المحلات والشركات التي تبيع هذا المبيد؟، وهل لديها لائحة عقوبات مطبقة على المخالفين؟. ماذا عن وزارة التجارة والصناعة ودورها في الموافقة على استيراد المبيدات من الخارج أو تصنيعها في الداخل؟، والجدير بالذكر أن الوزارة قامت مؤخرا بإغلاق أحد محال بيع المبيدات الحشرية جنوبي الرياض بعد ضبط كميات كبيرة من مبيد "فوسفيد الألمنيوم" القاتل بداخله، حيث عملت على حجزها، واستدعاء المالك للتحقيق واستكمال الإجراءات النظامية وتطبيق العقوبات على المخالفات التي وجدت.. ويا ترى ما النظام الذي استندت عليه الوزارة في تطبيق هذه العقوبات؟. ما دور مصلحة الجمارك عند استيراد المبيدات؟، وما الإجراءات المتبعة لفسحها جمركيا؟، وهل هناك قائمة بالمبيدات المسجلة والمبيدات المحظورة ومقيدة الاستعمال؟ وهل هناك مختبرات تفحص عينات المبيدات قبل فسحها؟. وأخيرا، هل للأمانات والبلديات دور أيضا في مجال الرقابة على هذه المبيدات في المحال التجارية والبقالات؟، وماذا عن دور الرئاسة العامة لحماية البيئة تجاه المخالفات والتجاوزات في مجال بيع وتداول المبيدات الكيميائية السامة؟، وما الجهة القضائية المختصة في القضايا البيئية؟. في المملكة هناك تشريعات وقوانين لحماية البيئة من التلوث بما فيها المبيدات الكيميائية، فهناك النظام العام للبيئة ولائحته التنفيذية، وكذلك نظام المبيدات ولائحته التنفيذية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبالتالي هناك ترسانة تشريعية قوية للتعامل مع المبيدات السامة والخطرة، ولكن المشكلة تتمثل في وجود فجوة بين الأنظمة وحسن تطبيقها على أرض الواقع. وكما رأينا آنفا، ومن خلال الأسئلة المطروحة، نجد أن هناك عدة جهات مسؤولة عن المبيدات السامة، إلا أن هناك غموضا في دور هذه الجهات في هذا المجال والتنسيق بينها، وعلى هذا الأساس تم تشكيل لجان في الماضي مكونة من عدة جهات حكومية بخصوص الرقابة على الشركات والمؤسسات والمحلات التي تبيع المبيدات الزراعية والإجراءات المتخذة في عملية الرقابة على استيراد والاتجار وتداول هذه المبيدات والإجراءات المتخذة في حالة بيع مبيد من مبيدات الآفات الزراعية المحظورة، إضافة إلى كيفية التخلص منها في هذه الشركات والمؤسسات وتقييم مخاطرها البيئية. وتتفاوت تفعيل هذه اللجان من منطقة إلى أخرى، ومن سلبياتها التأخير وتغيب بعض مندوبي الجهات، إضافة إلى غموض مهامها، وبالرغم من أن النظام العام للبيئة حدد لكل جهة اختصاصها، وجعل الرئاسة العامة لحماية البيئة هي الجهة المختصة لتطبيق النظام والتنسيق مع الجهات الحكومية في ذلك، إلا أن هناك تعطيلا للعديد من مواد النظام، وما زالت مشكلة التنسيق قائمة، مما أدى إلى انتفاء الرقابة على الشركات والمؤسسات والمحلات التي تقوم بالاتجار في المبيدات الزراعية، وهذا له تأثير سلبي على حماية البيئة، وضعف التحكم في إدارة المواد الكيميائية الخطرة. بالإضافة إلى ما سبق، هناك ضعف نسبي بشأن العقوبات المفروضة على المخالفين للنظام بشكل عام، وعلى المبيدات الكيميائية بشكل خاص، فنظام المبيدات في مجلس التعاون ترك لكل دولة تحديد العقوبات والغرامات اللازمة لمن يخالف أحكام هذا النظام أو لائحته التنفيذية، والعقوبات المحددة بهذا الشأن هي غرامة مالية لا تتجاوز مئتي ألف ريال، ويجوز إغلاق المنشأة محل المخالفة بصفة موقتة لا تتجاوز ستة أشهر، أو إغلاقها بصفة دائمة من قبل وزارة الزراعة. وفي خبر قديم منشور في إحدى الصحف المحلية بتاريخ 9/9/1429، أصدرت وزارة الزراعة قرارا يقضي بتطبيق غرامة مالية على مؤسستين متخصصتين في بيع المبيدات قدرها (20.000) عشرون ألف ريال على كل مؤسسة، لبيعهما مبيد فوسفيد الألومنيوم على الأفراد والمؤسسات. لذا فإن الجزاءات متفاوتة نسبيا‘ إضافة إلى اختلاف الجهة القضائية المختصة، فالنظام وفقا لقانون البحار على سبيل المثال وضع عقوبة جنائية متمثلة في السجن عند مخالفة النظام في إدخال أو تصريف النفايات والمواد السامة والخطرة في المياه الإقليمية أو المنطقة الاقتصادية، وتكون الجهة القضائية المختصة هي ديوان المظالم، أما المخالفات البيئية الأخرى تكون العقوبة عبارة عن غرامة مالية وتكون الجهة القضائية عبارة عن لجنة في الرئاسة العامة أو في الجهة الحكومية. وبالتالي فإن المخالفات المتعلقة بالمبيدات الكيميائية تدخل ضمن المخالفات العادية للبيئة، التي تفرض عليها غرامة مالية لا تتعدى مئتي ألف ريال، إضافة إلى جواز إغلاق المنشأة بصفة موقتة، وتكون الجهة القضائية عبارة عن لجنة في وزارة الزراعة لفرض هذه الغرامات على المخالفين، ومن هنا يتضح أن العقوبات الموجودة في النظام العام للبيئة، وكذلك العقوبات المحددة من وزارة الزراعة غير كافية لمنع المخالفات البيئية، وهو ما يجب تلافيه عند تعديل أو تحديث العقوبات على المخالفين لنظام المبيدات الكيميائية. وعلى أية حال، فإن حوادث غاز "الفوسفين" كشفت لنا الخلل الموجود في منظومة حماية البيئة، ويتطلب الأمر توضيح السياسة العقابية بحيث تتضمن تحميل المسؤولية الجنائية والمدنية والإدارية للمخالفين، وأن تكون الغرامات في جميع الأحوال أكبر قدرا من حجم الضرر، إضافة إلى ضرورة أن يقوم النظام القانوني للبيئة بأكمله على وجود محكمة مختصة تؤدي إلى فاعلية تطبيقه، بحيث تحال جميع القضايا إلى ديوان المظالم أو إنشاء محكمة مختصة في القضايا البيئية تضم قضاة مدربين في هذا المجال، مع تزويدهم بمجموعة من المتخصصين في البيئة.