النسخة: استطاعت إيران بناء موقع لها في العالم العربي من خلال الاشتغال على قضية فلسطين. وفيما كان الطموح النووي يُحمل بيد كان اللسان الديبلوماسي الإيراني يرتفع بخطاب الممانعة والويل لإسرائيل، والخطأ الجسيم أو الثغرة التي نفذت منها إيران لخطف ورقة فلسطين «عاطفياً وجماهيرياً» كانت من صنع العرب، أو ما أطلق عليه الإعلام الغربي «الدول المعتدلة»، وهو مصطلح يشابه في هدف التسويق أو «التغرير» السياسي مصطلح «الربيع العربي». وباختصار، تماشي هذه الدول العربية مع رغبات واشنطن في القبول بمفاوضات لا تنتهي بين الفلسطينيين وإسرائيل مكّن إيران من سحب البساط بمزايدات الممانعة، وبخاصة أن «الاعتدال» لم يؤتِ أكله. لم يحصل العرب على نتيجة مستحقة في قضية فلسطين في مقابل كل ما قدموه من نيات طيبة ومبادرات وتنازلات، في حين استمرت واشنطن - بمعاونة الاتحاد الأوروبي - في تمكين إسرائيل من تحقيق طموحاتها، ولا زالت المفاوضات لأجل المفاوضات تستخدم كمسكنات كلما اشتعل حريق في المنطقة. صحيح أن هذا واحد من نتائج انحراف المسار عن «مدريد» إلى «أوسلو»، وهو ما تُسأل عنه السلطة الفلسطينية الحالية، وهي سلطة لم تحقق شيئاً سوى التمتع بالوظيفة! إنما استمرار التماشي العربي مع رغبات واشنطن من دون نتائج على الأرض يلمسها العرب والفلسطينيون، فتح أبواب المزايدة لإيران وكل من يقف في صفها. صنع لها قضية وعدواً خارجياً يجمع المحيط من حولها على عدائه، وهو المحيط الذي تستهدفه أساساً لفرض هيمنتها من دون خسائر تذكر. والسؤال: هل تتغير السياسة العربية في هذا الاتجاه لتضغط على العصب الحساس لأميركا، أم أن واقع الضعف والهزال والانشغال بأوضاع داخلية ضيع هذا الخيار؟ www.asuwayed.com