د. أسامة أبو الرب قال أستاذ الأخلاق الطبية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة في قطرالبروفيسور محمد غالي إنه مثلما تساهم تقنيات الجينوم في رسم ملامح مشهد البحث الطبي الحيوي حاليا، فإن القضايا الأخلاقية التي تولّدها هذه التقنيات تحدّد اليوم أجندة بحوث الأخلاق، وهي كثيرة ومتشعبة للغاية. وأضاف البروفيسور غالي في حوار مع الجزيرة نت على هامشمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش" 2016الذي عقد الأسبوع الماضي في الدوحة،أن تقنيات الجينوم هي طيف واسع من التقنيات المتعلقة بإجراء الأبحاث المتعلقة بالجينوم البشري (دي أن أي)، مضيفا أن هذه التقنيات تساعد على قراءة الجينوم أو أجزاء معينة منه وعمل سلسلة لها للتعرّف على الجينات التي قد تكون وراء الإصابة بأمراض معينة. وأوضح أن من القضايا الأخلاقية التي تولّدها هذه التقنيات تحديدُ ملكية المعلومات المتولدة من دراسات جينات إنسان ما، وهل يملكها الشخص صاحب الجينات أو المؤسسة العلمية التي قامت بالدراسة أو الجهة التي قامت بتمويل الدراسة أو الدولة التي سمحت قوانينها بإجراء الدراسة؟ ومن له حق إعطاء الإذن أو الموافقة المستنيرة لإجراء بحث أو اختبار جينومي؟ وغيرهما من الأسئلة. وقالغاليإنالنتائج العرَضية تعرّف عمومًا بأنها نتائج تظهر عرضا أثناء مشروع بحثي أو اختبار طبي، على الرغم من أنها ليست جزءًا من الغرض الأصلي للبحث أو الاختبار. إنقاذ حياة غالي: الجانب الأكبر من النتائج العرضية يبقى في المنطقة الرمادية(الجزيرة) وشرح أن بعض النتائج العرضية التي يظهرها البحث أو الاختبار الجينومي يمكن أن تساهم في إنقاذ حياة شخص ما، وذلك مثل اكتشاف خلل جيني معين يظهر أن صاحبه أكثر عرضة للإصابة بمرض معين رغم أنه لم يتم إجراء البحث أساسا لهذا الغرض ولم يمكن يدرك الشخص أنه يمكن أن يكون عرضة للإصابة بمثل هذه الأمراض. وفي هذه الحالة يمكن إجراء تدابير وقائية معينة قد تساعد على تجنب الشخص الإصابة بهذه الأمراض الخطيرة. ولفت إلى أن بعض النتائج العرضية لا صلة له بالجوانب الطبية والعلمية. وردا على سؤال ما النظرة الإسلامية لهذه القضية؟ أجاب البروفيسور غاليبأنه "في الميزان الأخلاق الإسلامي هناك أمور محسومة أو شبه محسومة. فمثلا لا بد من إعلام الأشخاص المتلقين المحتملين للنتائج العرضية بأن هذا النوع من النتائج قد يظهر، ومن دون هذا الإعلام لا يمكن أن نسمي الموافقة التي يتم الحصول عليها من هؤلاء الأشخاص موافقة مستنيرة أو واعية". وأضاف"كذلك لا بد من الكشف عن النتائج العرَضية التي قد تؤدي إلى إجراءات ضرورية لإنقاذ حياة الإنسان أو تحسين وضعه الصحي بشكل كبير". وتابعأنه "من ناحية أخرى، نرى ضرورة عدم الكشف عن النتائج العرضية المتعلقة بالنسب لأن هذا أمر خارج عن نطاق العلاقة بين الطبيب والمريض وبين الباحث والشخص المتبرع بعينته للمشاركة في البحث، وقد يعود بالسلب على العلاقة بين هذه المجموعات التي ينبغي أن تكون مبنية على ثقة كل طرف في الآخر. بالإضافة إلى أن قضايا النسب في منظور الإسلام لا تبنى فقط على الجانب البيولوجي وإنما على وجود علاقة زواج شرعية بين رجل وامرأة أو "الفراش" كما يسمى في مدونات الفقه الإسلامي". منطقة رمادية ولفت إلى أن الجانب الأكبر من النتائج العرضية يبقى في المنطقة الرمادية التي تسمح بقدر كبير من الاجتهاد والترجيح الأخلاقي بناء على سياقات مختلفة تتعلق بالأفراد والمؤسسات والمجتمعات والدول، نظرا لأن هذه النتائج تكون مليئة بالاحتمالات، وفرصة القطع فيها بحكم أخلاقي معين تكون متعذرة في أغلب الأحوال. وقدمالبروفيسور عدة توصيات، أكد من خلالهاأن البحوث الجادة والرصينة في مجال الأخلاق الإسلامية أمر مطلوبٌ لتأصيل علم الجينوم في منطقة الخليج العربي، مضيفا أنه ينبغي أن تكون الأخلاق الحيوية الإسلامية متجذرة في التقليد الإسلامي، ولها في الوقت ذاته إسهام وافر في النقاشات العالمية المتعلقة بالأخلاق الحيوية.