×
محافظة مكة المكرمة

حادثة تغيب حراء عن الانتصار

صورة الخبر

قدم صندوق النقد الدولي في ورقتين أعدهما فريق تابع له عشر توصيات، لتسريع معدلات النمو الاقتصادي في دول الخليج في ظل تراجع أسعار النفط. وجاءت التوصيات نتاجا لاجتماعين عقدها الفريق خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في بلدان مجلس التعاون الخليجي، تحت عنوان "تنويع العائد الحكومي في مجلس التعاون الخليجي .. الخطوات المقبلة"، وكذلك "أولويات الإصلاح الهيكلي لدعم النمو في بيئة منخفضة الأسعار للنفط". وأبرز ما جاء من توصيات في ورقة "تنويع العائد الحكومي في مجلس التعاون الخليجي .. الخطوات المقبلة"، أنه على دول حكومات دول الخليج تكثيف الجهود لزيادة عوائدها غير البترولية كجزء من استراتيجية واسعة لضبط أوضاعها المالية. وأشار الصندوق إلى أن العام الماضي شاهد جهودا حثيثة من قبل بلدين خليجيين بشأن ضريبة القيمة المضافة، وعلى الرغم من التحديات فإن بعض البلدان الخليجية تدرس فرض أو بالفعل قامت بفرض أنواع من الضرائب والرسوم. ثاني هذه التوصيات، أن هناك إمكانية ملموسة لزيادة العوائد غير النفطية في بلدان المجلس، نظرا لأن عوائد الضرائب منخفضة بشدة في بلدان المنطقة مقارنة بنظيرتها العالمية، علاوة على أن الإصلاح الضريبي يمكن أن يزيد العوائد ويوجد ثقافة ونظاما ضريبيا حديثا. وذلك علاوة على أهمية تنفيذ الإصلاحات الضريبية بوتيرة تسمح بمنح الشركات والأفراد الوقت الكافي للتكيف وأن تنسجم مع القدرات الإدارية، مع التأكد من أن الإصلاحات تستند إلى بنية ضريبية واضحة مع تحديد دقيق للأولويات أما رابع تلك التوصيات، فهي أن "الأولوية يجب أن تمنح للتنفيذ الناجح لضريبة القيمة المضافة وضريبة الإنتاج، حيث إن هناك أدلة على أن البلدان التي أدخلت هذين النوعين من الضرائب حققت فوائد، وبالنسبة لضريبة القيمة المضافة فإن بلدان المجلس إذا قررت التحرك بشكل منفصل عن بعضها البعض، فيجب أن يتفقوا على فترة انتقالية تراوح بين ثلاث وخمس سنوات بنهايتها تدخل ضريبة القيمة المضافة حيز التنفيذ في جميع أنحاء المنطقة". وآخر توصيات الورقة الأولى، فتتمثل في ضرورة تحرك دول مجلس التعاون لطرح أو التوسع في مجال الأرباح على ضريبة الأعمال، حيث إن تلك الضريبة مع ضريبة القيمة المضافة ستساعد على إيجاد نظام ضريبي متقدم وفعال في المنطقة، والمساهمة في توليد الجزء الأكبر من الإيرادات الضريبية غير النفطية لميزانيات معظم البلدان. وفيما يتعلق بالورقة الثانية التي جاءت بعنوان "أولويات الإصلاح الهيكلي لدعم النمو في بيئة منخفضة الأسعار للنفط"، فأهم ما تضمنته، أن "البيئة الجديدة وما تتضمنه من انخفاض في أسعار النفط أدت إلى تدهور في آفاق النمو في اقتصادات مجلس التعاون الخليجي، حيث إن التحركات في أسعار النفط من خلال تأثيرها في السياسة المالية، غالبا ما تكون العامل الرئيسي الذي يحدد النشاط الاقتصادي للدول المصدرة للنفط. والقطاعات غير النفطية تنمو بقوة عندما تكون أسعار النفط مرتفعة، بينما ينخفض نموها مع انخفاض أسعار البترول". وحول الشروط الواجب توافرها لدعم النمو في الأمدين المتوسط والطويل في دول مجلس التعاون الخليجي، فقد تضمنت تصميما وديا للتصحيح المالي بما في ذلك إدخال تحسينات على كفاءة الإنفاق، حيث إن هذا التعديل سيتطلب خفض في الإنفاق الحالي، وتقليص العجز عبر مجموعة من الإجراءات، وتحسين كفاءة الإنفاق العام. ثاني هذه الشروط، يتمثل في تطبيق إصلاحات هيكلية لتحسين الإنتاجية. مثل خفض الحواجز التجارية وتحسين بيئة الأعمال، وإصلاح مؤسسات النظام العدلي وحقوق الملكية، وأن تكون الأولوية للخصخصة، مع القيام بإصلاحات تعزز مرونة سوق العمل، وتخفض الفجوة بين الأجور في القطاعين العام والخاص. وذلك علاوة على ضرورة الاستفادة من التجارب ذات الأداء المميز في المنطقة لتصميم وتطبيق الإصلاحات الهيكلية، حيث إنه على الرغم من أن بلدان مجلس التعاون الخليجي عززت الإصلاحات الهيكلية في السنوات الماضية، فإن دراسة تستند إلى الترتيب العالمي للمؤشرات الهيكلية تظهر احتلال الإمارات وقطر مركزا بارزا، ويسمح ذلك لباقي بلدان المجلس بتصميم وتطبيق الإصلاحات الهيكلية مع الاستفادة من تجارب البلدان الأخرى التي تمثل دروسا مفيدة للغاية للراغبين في تبني مثل تلك التدابير. لكن إذا كانت تلك هي وجهة نظر خبراء صندوق النقد الدولي لكيفية الإصلاح الهيكلي في بلدان مجلس التعاون الخليجي في ظل انخفاض أسعار النفط، فكيف يقيمها المختصون والاقتصاديون في المملكة المتحدة؟ وفي ضوئه، استطلعت "الاقتصادية" آراء مجموعة من الخبراء البريطانيين، وأجمعوا على بعض الإجراءات التي من الضروري أن تتبعها دول الخليج، في ظل انخفاضات التي تشهدها أسعار النفط، والتحول إلى اقتصادات لا تعتمد على النفط. وهنا قال البروفيسور آرثر بل؛ خبير النظم الاقتصادية والاستشاري السابق في الأمم المتحدة، إنه "يمكن النظر إلى إرشادات صندوق النقد للإصلاح الاقتصادي في بلدان مجلس التعاون الخليجي، باعتبارها تتمة لما اتخذته بلدان المجلس من خطوات إصلاحية منذ بعض الوقت". وأضاف بل، أنه بالنسبة لكثير من بلدان مجلس التعاون أبرزها السعودية، فإن ما يقترحه خبراء الصندوق يتماشى في أغلبه مع جوهر "رؤية المملكة 2030"، حيث إن جوهر الرؤية سبق آراء خبراء الصندوق بضرورة إحداث تغيير اقتصادي عبر تنويع البنية الاقتصادية السعودية، وعدم الاعتماد فقط على النفط لضمان تحقيق معدلات أعلى للنمو في الأجلين المتوسط والطويل". من ناحيتها، اعتبرت الدكتورة فلورا فيندلي أستاذة المالية العامة، أن إعادة التوازن إلى الميزانيات العامة في بلدان المجلس، خطوة أساسية لضمان نمو اقتصادي متوازن في المستقبل. وأضافت في حديثها لـ"الاقتصادية"، أن "عملية الإصلاح الضريبي التي يدعو إليها خبراء الصندوق، والعمل على تفعيل ضريبة القيمة المضافة وضريبة الإنتاج، تعد خطوة أساسية لإيجاد نظام ضريبي معاصر وحديث في بلدان المجلس". وأوضحت، أنه "لا شك أن العجز المالي الناجم عن انخفاض أسعار النفط، دفع عديدا من البلدان الخليجية، إلى المضي قدما في عمليات إصلاح أنظمتها المالية وتحديثها، وعلى الرغم ما أن بعض النظريات الاقتصادية تشير إلى أن انعكاسات ذلك على النمو في الأجل القصير قد تكون سلبية، إلا أن هناك اتفاقا عاما بين الخبراء على أن التداعيات في الأمدين المتوسط والطويل إيجابية، لكن هذا يجب أن يترافق مع ترشيد في الإنفاق العام، وخفض الدعم، والمزيد من الخصخصة والدعم للقطاع الخاص، ولا شك أن إعادة النظر في النظام الضريبي، وإصلاح في سوق العمل، تعد جميعها خطوات رئيسة لاستعادة توازن الميزانية العامة". بدوره، أكد الباحث الاقتصادي جون جوردون، أن الأداء الاقتصادي لعديد من بلدان مجلس التعاون الخليجي وتحديدا السعودية، يكشف عن مرونة ملحوظة في التعامل مع التحديات الناجمة عن انخفاض أسعار النفط منذ منتصف عام 2014. وأضاف لـ"الاقتصادية"، "كما أشارت ورقة خبراء الصندوق أن تطوير النظام الضريبي في أقطار مجلس التعاون الخليجي، تشكل دائما عبر حجم وقيمة العوائد النفطية المتاحة للحكومة، وأن جهود بلدان المجلس لزيادة العوائد الضريبية تعود إلى منتصف القرن العشرين. وأن زيادة العوائد النفطية لدى الحكومات الخليجية دفعتها إلى تعديل سياستها الضريبية لمصلحة دعم الاستثمار المباشر وجذب الخبراء والعمالة الأجنبية لدعم النمو الاقتصادي السريع، لكن في الوقت ذاته نجحت تلك البلدان خاصة السعودية والإمارات في التعامل مع انخفاض أسعار النفط بتعديل سياستها وتدابيرها الاقتصادية بصورة تتلاءم مع المعطيات الجديدة للواقع الاقتصادي، وبذلك نجحت في تحويل نقاط الضعف إلى قوة عبر إصلاح النظام الضريبي ودعم القطاعات الاقتصادية غير النفطية".