صنعاء - الجزيرة نت: طرح إعلان الحوثيين ما سموها "حكومة إنقاذ" سؤالا عن دور الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح حليفهم وشريكهم في الانقلاب على الشرعية، وهل بقي طرفا قويا في المعادلة السياسية والعسكرية في صنعاء؟ فـ "حكومة الإنقاذ" التي أعلنها الانقلابيون ضمت 42 حقيبة وزارية لأول مرة في تاريخ اليمن، وكان شرط الولاء للحوثية الأهم في اختيار وزراء حكومة ضمت مشايخ قبليين ساهموا بالانقلاب وتجار سلاح أبرزهم فارس مناع الذي عيّن وزيرا للدولة. واعتبر محللون أن تشكيلة حكومة الانقلاب بأسماء وزرائها عكست حقيقة الهيمنة الحوثية على مفاصل الدولة، في وقت تراجع فيه نفوذ المخلوع صالح، الذي بات يقدم إرث الجمهورية ومؤسسات الدولة وحزبه المؤتمر الشعبي قرابين خضوع وولاء للحوثيين. واعتبر السياسي نجيب غلاب، وهو قيادي سابق بحزب المؤتمر الشعبي ورئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، أن الوزراء في حكومة الانقلاب خضعوا لدورات تعبئة وفق تقنيات محترفة لضمان ولائهم للكهنوتية الحوثية، ولم يعيّن في الحكومة إلا من جاء بتزكية من عبد الملك الحوثي. حسابات فاشلة وفي حديثه للجزيرة نت، قال غلاب إن "حسابات صالح مع الانقلاب فشلت، ولم يتمكن من تحقيق أي إنجاز كما كان يتصور قبل الانقلاب، فقد حاول أن يجعل من الحوثية المليشيا المتمردة مخلب قط ضد خصومه السياسيين، ولكنها تمكنت منه وجعلته موظفا مخلصا لديها" . وأضاف غلاب "لقد أصبح صالح خاضعا ومستسلما، وكل مناوراته يحولها الحوثية إلى مصدر قوة ونفوذ لهم، وأصبح حزب المؤتمر الشعبي/جناح صالح، ضحية وغنيمة للحوثية وذراعا سياسيا مكملا لتصدير الثورة الخمينية عبر وكيلها الحوثي" . نجيب غلاب: صالح بات خاضعا ومستسلما للحوثيين وأشار إلى أن "مناورات صالح باتت تجذر الحوثية بالدولة وترسخها وتشرعن لها بأدوات صالح العسكرية والسياسية والقبلية التي أصبحت فراغا ولا عمل لها إلا تقوية وتضخيم التنظيم الحوثي وتمكينه من مؤسسات الدولة المختطفة" . ولفت غلاب إلى أن "صالح وشبكاته هربوا من أخونة السلطة بالحد الأدنى، وسلموا البلاد لحوثنة شاملة، وباتت الحوثية تتضخم في صنعاء، فيما يبدو حزب التجمع اليمني للإصلاح يتحفز للمستقبل" . قوة للشرعية وثمة اتفاق بين مؤيدي الشرعية ومناصري الانقلاب على أن حكومة الحوثيين وصالح لن تلقى أي اعتراف من العالم، فالقيادي الحوثي السابق علي البخيتي "توقع ألا تعترف أي دولة بحكومتهم، بما في ذلك إيران وروسيا، وحتى الصومال لن تعترف بشرعيتهم، ويعد هذا تأكيدا واعترافا ضمنيا جديدا بشرعية الرئيس هادي وحكومة بن دغر" . واعتبر مراقبون أن تشكيل الانقلابيين لحكومة بصنعاء يمنح الحكومة الشرعية قوة أكثر لرفض الضغوط الخارجية، خصوصا الأمريكية، إزاء وقف الحرب، بل تدفعها لمواصلة العمليات العسكرية لتحرير العاصمة صنعاء وإنهاء الانقلاب بالقوة، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد ربه منصور هادي في كلمة وجهها للشعب اليمني. الباحث السياسي فيصل علي أكد في حديثه للجزيرة نت أن "حكومة الانقلاب التي زعموا أنها حكومة إنقاذ وطني، في حقيقتها ترمي لتعقيد المشهد اليمني أكثر، وهي ناتجة عن تدليل المجتمع الدولي للحوثيين، وهذه هي المعضلة الحقيقية" .