......        المواطن الرياض أكد متحدثون دوليون، أن الاستثمار المؤثر اجتماعياً والمستدام مالياً توجه عالمي يفضله المستثمرون، مبينين أن هناك تحديات وقيوداً متعلقة بالاستثمار الاجتماعي تستلزم تغييرات في التوجهات الفكرية لمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني؛ لتسهم في تحقيق الأداء الناجح لاستراتيجية التمويل الجديدة لمنظمات المجتمع المدني, وأهمية الاستثمار الاجتماعي في الاستدامة طويلة المدى للمؤسسات غير الربحية. جاء ذلك خلال انطلاق فعاليات جلسات منتدى تطوير القطاع غير الربحي تحت عنوان نحو رؤية 2030 : القطاع غير الربحي الأدوار والممكنات والذي تنظمه وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، اليوم السبت الموافق ٤ ربيع الأول ١٤٣٨هـ. وتحدث في الجلسة الأولى السيد هارفي ماكجراث رئيس مجلس إدارة مؤسسة رأس المال المجتمعي الكبرى، عن كيفية استثمار الأثر الاجتماعي استخدام رأس المال الخاص للخدمة الاجتماعية، مؤكداً أن استثمار الأثر الاجتماعي يستهدف تحقيق أهداف اجتماعية محددة تتماشى مع العائد المالي. وفرق هارفي بين الاستثمارات المالية والاستثمارات الاجتماعية المحضة، موضحاً أن الاستثمار المؤثر المستدام مالياً المعني بدرجات متزايدة بالأثر الاجتماعي أصبح توجهاً عالمياً يفضله المستثمرون، ويعتبر هذا التوجه مهماً للحكومات والمستثمرين وفاعلي الخير لقدرتهم على تسخير ريادة الأعمال والابتكارات والمصادر المتاحة لرأس المال الخيري في تحقيق التغيير الاجتماعي. وقال: تسعى الحكومات إلى تشجيع نمو سوق الاستثمار الاجتماعي من خلال دعم نمو المنظمات المؤثرة أو عبر تقديم الدعم المالي للجهات العاملة في الاستثمار الاجتماعي أو من خلال تنظيم السوق عبر سنّ القوانين والتشريعات التنظيمية. وتناولت الجلسة أهم الخصائص للاستثمار الاجتماعي وهي: رغبة المستثمر في إحداث تأثير اجتماعي وبيئي والاستثمار مع توقعات العائد المالي، وحجم توقعات العائد المالي، وفئات الأصول وقياس الأثر. وتابع قائلاً: ينبغي على المستثمرين الانتقال إلى الاستثمار الاجتماعي، وذلك لأنه يقلل المخاطر البيئية والاجتماعية والإدارية، والبحث في الفرص البيئية والاجتماعية والإدارية، وتقديم حلول عملية للتحديات الاجتماعية، كما أن صناع السياسات عليهم أن يشجعوا الاستثمار المبني على الأثر الاجتماعي، وذلك نتيجة الموارد المتزايدة لمواجهة المجتمعية القاسية، وزيادة رأس المال لدعم الاحتياجات الاجتماعية. وعرض في الجلسة الآليات الحكومية لتشجيع تنمية سوق الاستثمار المبني على الأثر من خلال بناء الأسواق الاستثمارية عبر زيادة الموارد والدعم للمنظمات المبنية على الأثر، وتطوير سوق الاستثمار المبني على التأثير، وتشجيع مستثمرين جدد للدخول في سوق الاستثمار الاجتماعي عن طريق الحوافز المالية والتنظيمية، أيضاً من خلال المشاركة في سوق الاستثمار الاجتماعي، وذلك بزيادة فاعلية دور الحكومات كمشترٍ للنواتج الاجتماعية وزيادة تدفق الاستثمارات، وأيضاً من خلال المشاركة كمستضيفين للسوق عن طريق تطوير نظام عمل قانوني وتنظيمي للمنظمات ذات الأثر وتقليل العوائق القانونية والتنظيمية. وأوصى ماكجراث في نهاية جلسته بإنشاء هيئة رقابية أو مجلس لمتابعة الدعم والتشجيع على الريادة الاجتماعية وتطوير طرق مبتكرة في الاستثمار الاجتماعي. من جانبه، أوضح السيد مارك سالوي مدير التمويل الاجتماعي في كلية كاس لإدارة الأعمال في محاضرة بعنوان (الاستثمار المجتمعي.. الشكل والمضمون)، سبل العمل في الاستثمار للمؤسسات والمنظمات غير الربحية والأدوات الاستثمارية القائمة على السوق, وحل المسائل الاجتماعية المتعلقة بها؛ وذلك لضمان استمراريتها. وتناول المتحدث التحديات والقيود المتعلقة بالاستثمار الاجتماعي والتغييرات في التوجهات الفكرية لمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني اللازمة؛ التي تساهم في تحقيق الأداء الناجح لاستراتيجية التمويل الجديدة لمنظمات المجتمع المدني, وأهمية الاستثمار الاجتماعي في الاستدامة طويلة المدى للمؤسسات غير الربحية. وتم خلال الجلسة عرض نماذج للتمويل الاجتماعي في دول العالم, ونقل للأفكار المتعلقة بطريقة تطور سوق الاستثمار الاجتماعي, للاستفادة من الخبرات العالمية في هذه المجالات بتحويلها إلى مبادرات عملية قابلة للتنفيذ وبناء سوق استثمار ناجح وحيوي في المملكة, والتوسع في أدوار القطاع غير الربحي وربطها بالواقع لإحداث نقلة نوعية للقطاع غير الربحي. بما يمكنه من سد الفجوات التمويلية وتحقيق الابتكار والنمو وتطوير الاستدامة والاستقلالية. كما قدم سالوي العناصر المكونة للاستثمار الاجتماعي, والاعتبارات الثقافية والأخلاقية لعملية الاستثمار، وقياس الأثر الاجتماعي, ومدى جاهزية الاستثمار في المؤسسات غير الربحية, والتوازن بين العائد على الاستثمار الاجتماعي والعائد على الاستثمار المالي. وختم حديثه بشرح المعوقات الرئيسية للاستثمار والاقتراض الاجتماعي التي كان من أبرزها عدم فهم القطاع غير الربحي للتمويل الاجتماعي لبناء السوق, الذي يعتبر أداة رئيسية في التمويل للمؤسسات غير الربحية، موصياً بإجراء المحادثات مع المستثمرين، ومساعدة الجمعيات الخيرية على فهم التمويل الاجتماعي باعتباره ليس خياراً صائباً لجميع المؤسسات غير الربحية، وبناء قدرات العاملين للاستثمار الاجتماعي في القطاع غير الربحي وخلق مساحة للتغيير لتحقيق أهداف رؤية 2030. من جهته، أكد الدكتور داميان ثورمان مدير صندوق الابتكار الاجتماعي في البيت الأبيض، أن النمو المستقبلي للمنظمات غير الربحية والأعمال الخيرية يواجه تساؤلات بشأن ماهية هياكل المساندة اللازمة لتمكين عملية نمو قوية وثابتة في تلك القطاعات. وسلط الدكتور ثورمان الضوء في الجلسة الثالثة بمحاضرة بعنوان الأدوار الرئيسة للمجالس في بناء المنظمات غير الربحية على الطرق والأساليب التي انتهجتها مجالس إدارة الجمعيات والمؤسسات الخيرية والمنظمات غير الربحية في الولايات المتحدة، من أجل دعم ومساندة عملية التنمية والتجديد. كما تطرق إلى سبل دعم تلك المنظمات للأفراد واستثمار البرامج المالية والاستراتيجية، إضافة إلى حماية منظمات المجتمعات المدنية من المخاطر المحتملة، وطرق تمثيل منظمات المجتمع المدني قبل تنظيمها. من جهته، استعرض الدكتور جستن سميث الرئيس التنفيذي من مركز تطوير فاعلية الأعمال الخيرية في كلية كاس لإدارة الأعمال، تجاربه في قطاع العمل التطوعي، مشيراً إلى الدور الذي يمكن للمجالس القومية أن تقدمه للمنظمات التطوعية في سبيل تطوير وتقوية القطاع التطوعي. وأضاف في محاضرة ألقاها بعنوان دور مجالس القطاع غير الربحي في تطويره وتمثيله أمام الجهات المنظمة، أن من الوظائف الرئيسة لمجلس القطاع التطوعي تقديم الدعم العملي لمجموعات العمل التطوعي، ومنها المشورة القانونية ودعم الموارد البشرية والتدريب وتوظيف المتطوعين، وتوفير ارتباط بين الجماعات التطوعية والوكالات القانونية، وحشد دعم الأعمال التجارية للمجموعات التطوعية، وتوفير صوت للدفاع عن قيمة العمل التطوعي وإسهاماته، وتمثيل مصالح القطاع التطوعي لدى الحكومة. وفي الجلسة الرابعة، ناقش الأستاذ كينيث ديبل كبير المستشارين القانونيين ومدير الإدارة القانونية في هيئة المؤسسات والمنظمات الخيرية في إنجلترا وويلز، الأنظمة والتشريعات والكيانات المنظمة للقطاع غير الربحي المنظور العالمي ونموذج المملكة المتحدة، ضمن منتدى القطاع غير الربحي. وعد كينيث أن التشريعات والتنظيمات للجمعيات الخيرية ذات أهمية كبرى، وهي أحد الأسس لرؤية المملكة 2030, موضحاً أهمية تنظيم القطاع غير الربحي نتيجة النمو السريع في المنظمات غير الربحية الذي فاجأ الحكومات وبالتالي كانت هناك حاجة متزايدة إلى تنظيم هذا القطاع، وتشجيع العمل التطوعي وتنمية المجتمع المدني، كما أن هناك عناصر أساسية في تنظيم العمل القانوني لدعم المنظمات غير الربحية عبر الدعم القانوني، ووجود إطار تنظيمي وتحقيق الرقابة والمساءلة وتنظيم يدعم الحوكمة الفعالة، والاعتراف قانونياً بالاتحادات والجمعيات والهيئات، وإتاحة التقارير المالية ونشرها للعامة وسن قوانين تفرض عقوبات مدنية أو جنائية وغيرها. كما طرح نموذجاً لتنظيم الجمعيات الخيرية في المملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية وبين المخاطر العالية التي تواجهها الجمعيات ومنها الاحتيال وغسل الأموال والإساءة للمستفيدين المستضعفين والجمعيات الخيرية المتصلة بالإرهاب والجمعيات الخيرية الوهمية، وهذا ينتج عن الحوكمة الضعيفة في الجمعيات الخيرية. وشارك ماري بيرد مساعد مسؤول هيئة الجمعيات والمؤسسات الخيرية وغير الربحية بأستراليا في الجلسة الرابعة بورقة عمل حول حوكمة القطاع غير الربحي من منظور الكيانات المنظمة عبر نموذج التجربة الاسترالية، مستعرضاً التجربة الاسترالية في العمل الخيري، موضحاً أن هناك أكثر من ١٢ غرضاً خيرياً ومنها : النهوض بالصحة والتعليم والرعاية العامة الاجتماعية وحقوق الإنسان والأمن والسلامة ورعاية الحيوان والنهوض بالبيئة وغيرها. وأبرزت الجلسة الخامسة قصص النجاح، حيث استعرض السيد بريمال شاه الرئيس والمؤسس المشارك لمنظمة كيفا الأمريكية، أمام الحضور دور المنظمة والمتمثل في إدارتها لموقع إلكتروني لتمويل الحشود، والربط بين الأفراد ومؤسسات التمويل بهدف مكافحة الفقر وتأثيره على المجتمعات والأفراد. وأوضح أن موقع المنظمة استطاع حتى عام 2005م تحقيق التواصل بين ما يزيد على ثلاثة ملايين فرد، وقدم مساعدات مالية تجاوزت قيمتها 850 مليون جنيه إسترليني للفئات الفقيرة في 90 دولة حول العالم، مشيراً إلى أن المنظمة شرعت في تطوير أعمالها والمستفيدين من خدماتها للوصول إلى شرائح جديدة، ومن بينها إقراض الطلبة، وتمويل مشاريع الطاقة النظيفة وإيصال المياه لمن يفتقدونها. وفي ذات الجلسة، تحدث السيد جي بيه شرام، عن استراتيجيات تطوير المهارات الشخصية المطلوبة في سوق العمل، وأكد احتياج الناس إلى المهارات البشرية الفريدة والخبرات العقلية وأنماط التفكير والمشاعر والسلوك، من أجل تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتكوين قوى عاملة منتجة، مشيراً إلى أهمية الاستفادة من المنهجيات الحديثة في تطوير جهود الابتكار البيئي لمهارات القدرة.