خالد عبدالله تر يم لحظة مضيئة تلك التي جمعت قادة دولة الإمارات في ظل عَلمها الشامخ، في المكان ذاته الذي شهد رفع العَلم للمرة الأولى في العام 1971، وإذا كانت المشاعر والعواطف الغامرة قد طوقت المشهد، فإن الحقائق والمعلومات والأرقام عبّرت، وتعبّر عن الفرق الذي صنعه زايد الخير، طيّب الله ثراه، والرجال الذين كانوا معه، رحمهم الله. ماذا لو استعاد باحث أميَل إلى الدقة تاريخ المنجز الإماراتي؟ كم يحتاج من مسافة في سِجل الفخر؟ ماذا لو طلب معلم من تلميذه أن يكتب موضوع إنشائه حول دولة الإمارات بين الماضي والحاضر؟ أيّ جهد يبذل، وأيّ هدف يحقق، فيما المقارنة تبدأ من الصفر، أو تكاد؟ البدايات كانت صعبة، لكن إرادة الرجال المخلصين تجاوزتها. لم يتحقق مشروع الإمارات بين ليلة وضحاها، أو بكبسة زر، فقد بذل القائد المؤسس الشيخ زايد الجهود والتضحيات المتعاظمة نحو تكريس لحظة رفع العَلم، لتجد براهينها في كتاب الأيام، وليضمن للدولة الفتية التأسيس المستمر على مرور الأعوام. وكأن تاريخ القائد زايد يتجدد مع العطاء الوافر للقائد خليفة، الامتداد الواعي، والتفكير الاستراتيجي المنطلق من معرفة التجربة، ومن إدراك التمييز بين الثابت والمتحول. كأنما هي لحظة ممتدة عبر العقود والأجيال، ويوم أمس، مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، كان التاريخ حاضراً، وشاهداً، وكانت البصائر والضمائر حاضرة وشاهدة. مكان اجتماع الحكام هو ذاته، والحكمة هي ذاتها، لكن المعادلة الصعبة متحققة في إثبات النقيض: المكان غير المكان، والزمان غير الزمان، وكذلك الظروف والمستجدات، ووسط ذلك كله، تحتفل الدولة التي انطلقت من المكان نفسه في عام 1971 بيومها الوطني الخامس والأربعين، بعد أن أصبحت واحدة من أكثر دول العالم إقبال تنمية وقابلية نمو، وبعد أن أصبحت المركز والحاضرة وعنوان الحضور. فما الذي توجبه هذه اللحظة التاريخية المضيئة الممتدة بين رفع زايد الخير علم الاتحاد للمرة الأولى، ورفع محمد بن زايد علم الاتحاد أمس، في اليوم الوطني الخامس والأربعين؟ المحافظة على المنجز، السير على النهج ذاته، تطوير الوسائل والغايات بما يتلاءم مع العصر والمستقبل، والتمسك بمكتسبات الاتحاد، والعمل على تعميقه وتعزيزه. الإنجازات كبيرة والتحديات كبيرة، وليس إلا المزيد من العمل والتضحية. ليس إلا ترجمة لغة الطموح إلى لغة البرامج والمشاريع الناجحة، الأمر الذي لا يكون إلا بتعاون الجميع. الحمد لله على نعم الاتحاد والرغد والعدل والأمن. عاشت دولة الإمارات العربية المتحدة، وعاشت قيادتها، وشعبها الكريم العزيز.