دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ووضع حجر الأساس يوم الثلاثاء الماضي، لما يقرب من 242 مشروعًا صناعيًا في مدينة الجبيل الصناعية؛ بتكلفة إجمالية تتجاوزت 216 مليار ريال؛ لتضاف إلى تريليون ريال تمثل حجم الاستثمارات الصناعية المستقطبة في مدينة الجبيل الصناعية. وفي المقابل دشن - حفظه الله- مشروعات تعدينية ومساندة في مدينة رأس الخير تجاوز حجمها 166 مليار ريال؛ إضافة إلى مجمع الملك سلمان للصناعات البحرية؛ وهي الصناعة الوليدة التي تقودها أرامكو السعودية وينتظر أن تتحول إلى الصناعة الرابعة بعد الصناعات النفطية والبتروكيماوية والتعدينية. مشروعات نوعية أتت في وقت ظن فيه الجميع عدم قدرة المملكة على الاستمرار في الإنفاق الاستثماري التنموي وجذب الاستثمارات الأجنبية ودعم القطاع الخاص. المهندس خالد الفالح؛ وزير الطاقة والصناعة والثروات المعدنية؛ أكَّد أن الاحتفاء بتدشين خادم الحرمين الشريفين لمدينة رأس الخير «ليس مجرد افتتاح لمنظومة صناعة تعدينية متميزة، وإنما هو تجسيد حقيقي للسعي الحثيث والمدروس نحو تنويع مصادر الدخل والاقتصاد الوطني، عن طريق استثمار جميع الموارد المتاحة في البلاد، وفتح الأبواب للصناعات الاستراتيجية لتعمل وتزدهر، مع كل ما يعنيه هذا التنويع من تعزيز للدخل، واستقرار للاقتصاد، ودعم للنمو». تحول استراتيجي جعل من الصناعة أساسًا لتنوع مصادر الاقتصاد والدخل؛ وخلق الفرص الوظيفية والاستثمارية الصغيرة والمتوسطة ونقل التقنية وتوطينها؛ والمحققة لأهداف رؤية المملكة 2030. التحول الاستراتيجي نحو الصناعة؛ والتركيز عليها كمحور لتعزيز التنمية الشاملة في المملكة يعني البدء الفعلي في التوسع الصناعي النوعي للاستفادة من كل المنتجات الأساسية؛ والاعتماد عليها كلقيم لمنتجات تحويلية وسيطة ونهائية لتحقيق القيمة المضافة للاقتصاد. استراتيجية تحتاج إلى جهد وعمل منظم يتمازج فيه الدور الحكومي بدور القطاع الخاص والمؤسسات الداعمة للقطاع الصناعي. استحوذت مدينتا الجبيل ورأس الخير الصناعيتين على أكثر من 80 في المائة من الصناعات في المملكة؛ إضافة إلى استحواذها على ثلاثة موانئ رئيسة على الخليج العربي ما يجعلها مركزًا للصناعة والتجارة في آن. أصبحت الحاضنة للصناعات البتروكيماوية؛ والتعدينية والبحرية والتكريرية التي تعد قاعدة الصناعة في المملكة ومحور التنمية. تمكين القطاع الخاص وتفعيل دوره وتحقيق بعض أهداف الرؤية ذات العلاقة بخلق الوظائف والفرص الاستثمارية ودعم المنشآت الصغيرة ونقل التقنية يحتاج دائمًا إلى وجود المؤسسات الممثلة للقطاع الصناعي والداعمة لجهوده والقادرة على التحدث نيابة عنه كمجموعة لتشارك في صنع القرار وتحمل المسؤوليات والمشاركة الفاعلة في وضع الاستراتيجيات الداعمة للتنمية الصناعية؛ ولعلي أركز على الغرف الصناعية التي يفترض أن تكون من أساسيات المدن الصناعية ومتطلباتها في المملكة. ومثلما فُصلت الصناعة عن التجارة وضُمت إلى وزارة الطاقة والصناعة والثروات المعدنية؛ فمن الأجدى أن تفصل الغرف الصناعية عن التجارية فتصبح لدينا غرف صناعية متخصصة؛ تقوم بدورها الفاعل؛ وتسهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف رؤية 2030 المرتبطة بتنويع مصادر الاقتصاد ودعم المنشآت الصغيرة وخلق الفرص الوظيفية والاستثمارية؛ وهو دور أحسب أنه مغيب تمامًا اليوم. المتتبع لدور الغرف التجارية الصناعية بوضعها الحالي يلحظ قصورًا في أدائها المهني وبخاصة في الجانب الصناعي؛ الذي يحتاج من الحكومة التركيز الأكبر ما يستوجب المراجعة العاجلة لتحويل تلك المؤسسات المهمة إلى مؤسسات داعمة للاقتصاد ومؤثرة فيه وممثلة للقطاع الصناعي. يستوجب أن تُنشأ الغرف الصناعية المتخصصة في كل مدينة صناعية في المملكة؛ فهي جزء من المنظومة التكاملية للصناعة؛ ومن دونها يغيب الرابط المشترك في التجمعات الصناعية المهمة؛ ويغيب الدور التمثيلي المهم؛ والتنظيمي والترويجي والتنموي والاستراتيجي. تلعب الغرف الصناعية المتخصصة دورًا رائدًا في المجتمعات الغربية والعربية؛ وتعتبر من مكونات التجمعات الصناعية الرئيسة والداعم الأكبر للقطاع الصناعي والتنمية المحلية في المجتمعات الحاضنة لها؛ والفاعلة في تسويق التجمعات الصناعية وجذب الاستثمارات؛ وهو ما نأمل أن يستنسخ محليًا. نريد أن تتحول الغرف الصناعية إلى منشآت تهتم بتمثيل القطاع الصناعي الأكبر؛ وتطوير التجمعات الصناعية وتحمل أهداف رؤية 2030 وتسهم بفاعلية في تنمية المناطق الصناعية والمدن الحاضنة لها؛ وأن تقوم بدورها في التخطيط والتنظيم والتحفيز لبرامج المسؤولية المجتمعية. بل أعتقد أننا في أمس الحاجة إلى تشريع يربط بين إنشاء المدينة الصناعية والغرفة الصناعية التابعة لها فتكون جزءًا من النظام المبني على المصلحة الوطنية لا الاجتهادات. أتمنى أن يتكرم مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ المسؤول عن تنفيذ البرامج لرامية إلى تحقيق أهداف تنويع مصادر الاقتصاد والدخل ودعم الصناعة والقطاع الخاص؛ بتبني إنشاء الغرفة الصناعية لمدينتي الجبيل ورأس الخير بالتزامن مع إطلاق خادم الحرمين الشريفين لمشروعات الخير والبركة؛ ولتكون نواة الغرف الصناعية المتخصصة في المملكة.