في القرن العشرين، وبينما كانت الشعوب تتحرر والمستعمرات تحصل على استقلالها والدول الصاعدة تنشأ وتبحث لنفسها عن موقع على خريطة العالم وفي المحافل الدولية، كانت الخطوة الأولى التي تتخذها الدول فور استقلالها لتعلن عن وجودها وكيانها هي اختيار العلم والنشيد الوطني. لعلها مفارقة لا تخلو من دلالة، فهوية الأوطان و روحها تتشكلان عبر فنونها: تتآلف الألوان مع رموز الجغرافيا والتاريخ فتصير علماً وراية ترفرف في كل سماء. وتتآلف النغمات والإيقاعات فتصبح أنشودة وطنية تعزفها القلوب وتحتفي بها الحناجر وهي تمثل الوطن في كل محفل.و يرددها الأطفال كل صباح في مدارسهم باعتزاز وفخر. الفنون بشكل عام والموسيقى بشكل خاص دائماً ما تكون حاضرة في أيام الوطن ولحظاته التاريخية الهامة تشكل ذاكرة الوعي الجمعي للشعب وتسجل الانتصارات والإنجازات. تشحذ الهمم وتوحد الصفوف وقت الأزمات وتحتفي بالشهداء وتكرم أصحاب الإنجازات والمخلصين والآباء المؤسسين وكل من عمل بإخلاص ورفع الراية في كل مجال. وبينما يسير الوطن قدماً نحو مستقبل زاهر وتطور منشود، تظل فنوننا تصون هويتنا وذكرياتنا وتحيي روحنا الأصيلة و تنقلها لأبنائنا وأحفادنا جيلاً بعد الآخر، فتستلهم الموسيقى من ذاكرة الأجداد تراثاً عبقاً فتعيد إنتاجه للحفاظ على الهوية والأصالة.. وكما تحمل الموسيقى عنوان الوطن ورمزه في النشيد الوطني فهي تحفظ أيضاً وجدان الشعوب وفولكلورها في خزانتها السحرية، فموسيقانا العربية بنغماتها وإيقاعاتها المميزة هي لسان حالنا بين الشعوب،فهي تحمل شيئاً من أرواحنا وتراثنا وثقافاتنا فتكون لغة عالمية تعبر حدود الجغرافيا وتهزم حواجز اللغة وتخاطب كل العقول والقلوب بلساننا. يتشكل الفن داخل المجتمع فيحمل ملامحه.. يعبر عن الكرم والأصالة.. النبل والإخلاص.. القيم العليا وإعلاء قيمة الإنسان. وفي الإمارات؛، وطن السلام والمحبة تتكامل الفنون وهي تحتفي بأعياد الوطن فتتغنى بالمجد والشهداء. يبدو الشعر حاضرا في وطن ورث البلاغة عن أجداد أماجد، وتبدو الموسيقى حاضرة في روح شعب جعل نشر السعادة والبهجة جزءاً من حياته.. تتكامل الفنون وهي تحتفي بأعياد الإمارات فتقدم رسالة السلام للعالم وتعزف الموسيقى بكل اللغات لتحتفل ببلد يعيش فيه كل أبناء العالم وثقافاته في سلام وانسجام وسعادة وأمان.. م. ع