هل هي سياسة المضي إلى حافة الهاوية أم ماذا؟ وإثر مرور عقد على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار على الخط الفاصل في كشمير، يظهر أن الهند عازمة على استفزاز باكستان. وحاولت غواصة هندية دخول المياه الإقليمية الباكستانية، وفق المصادر الرسمية الباكستانية. ثم أعلنت مصادر رسمية إسقاط طائرة هندية من دون طيار بعد اختراقها المجال الجوي الباكستاني على خط وقف إطلاق النار. وقد يبدو أن الحادثين هذين منفصلان وفرديان. لكن حادث الغواصة وتحركاتها خطير. وليست العلاقات الباكستانية - الهندية مجمدة، بل هي في حال انهيار. والاستفزاز الهندي يظهر توجه القيادة الهندية الى التصعيد. لكن، هل يدرك الطرفان أخطار مثل هذا التوجه؟ الأصعب في هذا الوضع المتوتر، فهم دوافع تصرفات العدو الخارجي ودواعيها. ويبدو أن الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ترفض الحوار مع باكستان، ومصممة على المضي في طريق زيادة التوتر العسكري. وربما تريد الدولة الهندية لفت الأنظار عن المصاعب التي تعانيها في الجزء الذي تديره من كشمير المتنازع عليها، أو أن سياسة القوة والعسكرة القومية التي ينتهجها الحزب الحاكم في الهند بلغت طريقاً مسدوداً في الداخل الهندي. فالحزب الحاكم يواجه أزمة انتخابات في الولايات الهندية في العام المقبل. ومع انتخـــاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يراهن رئيــــس الوزراء الهندي على تعاون وثيق بين الهند والولايات المتحــــدة في العام المقبل، وعلى تعاظم ضغط الإدارة الأميركية الجديدة على باكستان، نزولاً على المطالب الهندية حول الجماعات المسلحة التي تزعم نيودلهي أنها تعد عملياتها من داخل الأراضي الباكستانية. والى هذه العوامل، يضـــاف عامـــل انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحــدة. والانتخاب هذا خالف التوقعات، وربما فاقم التوتر الباكستاني - الهندي. وحري بالحكومة الهندية والإدارة الأميـــركية الجديدة، أن تعتبرا بكلمات الإدارة التي تغادر البيت الأبيض. ففـي ردها على بعض القوى المعادية لباكستان في الكونغـــرس الأميركي واقتراحها وصم باكستان بالدولة الداعمة للإرهاب، دعا الناطق باسم الخارجية الأميركية، جون كيربي، الى التعاون مع باكستان في قضايا الحرب على الإرهاب، عوض فرض إجراءات عقابية عليها. فهو سلط الضوء على أهمية التعاون الإقليمي مع إسلام آباد والتزام خطوات مشتركة في محاربة الإرهاب. ولا شك في أن سياسات الإدارة الأميركية الحالية في المنطقة لم تكن مثالية ولم تكن متوازنة. لكن حبذا لو تأخذ الإدارة الأميركية الجديدة بنصيحتها المعقولة في هذا المنعطف الملتبس والغامض في السياسات الإقليمية. وعلى باكستان أن تلتزم سياسة ينجم عنها السلام. * افتتاحية، عن «دون» الباكستانية، 21/11/2016، إعداد جمال اسماعيل