عندما صدر الأمر الملكي الكريم قبل شهر وبالتحديد في الثالث من ربيع الآخر والخاص بالتحذير من الانتماء للتيارات أو الجماعات ــ وما في حكمها ــ الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخليا أو إقليميا أو دوليا، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة. توقع بعض الأفراد أن يمر هذا الأمر (مرور الكرام) دون تطبيق أو دون وضعه حيز التنفيذ، ولكن جاء بيان وزارة الداخلية يوم الجمعة الماضي ليضع النقاط على الحروف، ويعلن بالتفصيل الجهود التي قامت بها اللجنة المشكلة من وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة العدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، والتي من نتائجها إعداد قائمة ــ تحدث دوريا ــ بالتيارات والجماعات. وها هي تصدر أول قائمة لتقدم البرهان والتأكيد بكل حزم وثبات وقوة أن المملكة تسير وفق خطط واضحة وصريحة ومكنتها من أن تكون من الدول الرائدة في عمليات اجتثاث جذور الإرهاب وتجفيف منابعه وساهمت وتساهم بشكل كبير على المستوى المحلي والإقليمي والدولي بشن الحرب دون هوادة على الإرهاب ومن يقف خلفه ويدعمه ويصدره وتبنت إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مضلة هيئة الأمم المتحدة ولم تدخر وسعا في دعمه وذلك عندما أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العام الماضي عن تبرع المملكة بمبلغ مائة مليون دولار لدعم المركز ومناشدته كل دول العالم إلى المشاركة في دعم هذا المركز للقضاء على «قوى الحقد والتطرف والإجرام». وكان الملك حفظه الله أطلق مبادرة إنشاء هذا المركز في المؤتمر الدولي الذي عقد في الرياض عام 2005م وقدم وقتها دعما أوليا بمبلغ عشرة ملايين دولار. وشدد حفظه الله على ضرورة تضافر الجهود لدعم هذا المركز كواجب حتمي على كل من يرى في الإرهاب معول هدم يهدد الأمن والسلم العالمي. والدعوة إلى وقفة حازمة في مواجهة الفكر المنحرف باعتباره أشد خطرا وفتكا على الأمة والاتفاق على كلمة سواء والتصدي بكل عزم وحزم لمن وصفهم بدعاة الفتنة والضلال والانحراف الذين يسعون لتشويه سمعة الإسلام. نعم إنه تشويه للإسلام بل واستغلال الدين كستار للأعمال والتنظيمات الإرهابية ولنشر ثقافة التكفير والموت وبالتالي كسر للثوابت الدينية الإسلامية المتعارف عليها منذ الدعوة المحمدية وحتى الآن. ولعل ترابط وتماسك المجتمع ووحدته ضد أي اختراق أو تشرذم هو بحد ذاته رسالة وهدف استراتيجي لكل مواطن ومقيم يريد أن يعيش ويشعر ويحس بهذا الأمن الوارف والراحة والطمأنينة على أهله وبيته ومجتمعه. فالحرب على الخلايا الإرهابية المستوطنة التي تحاول بشكل بائس إلى أن تنخر في جسد الوطن لن تتمكن ــ بحول الله وقوته ــ من أن تمس هذا الكيان المتماسك. بل على العكس بادرت الحكومة بالتحرك السريـع والواعي بعد أن ثبت بشكل قاطع للجهات الأمنية والاستخباراتية خطورة هذه التنظيمات على النسيج الاجتماعي أو اللحمة الوطنية. فعلى كل مواطن ومقيم أن يعي ويدرك هذا الخطر ويساهم بشكل إيجابي في حماية هذا البلد الآمن.. أرض المقدسات والعطاء والريادة والوسطية.. وسيبقى هذا الوطن آمنا ومستقرا ومطمئنا ولا مكان فيه للمزايدين عليه أو المتشددين والمتطرفين.