النسخة: طورت البيروقراطية من أدواتها، تكيفت مع شعور عام بقصر الوقت، أصبح الأسبوع يمر مثل يوم، واليوم كالساعة، فكان لا بد من التناغم مع ذلك. تطورت الخدمة، الموظف لم يعد يقول لك «راجعنا بكرة»! بل يقول: «رح ونتصل عليك»، بالنسبة إليه المهم أنك «تروح» - راحت روح العدو -، فالعبارة المعتادة من الموظف الحكومي خصوصاً وموظف الخصخصة أحياناً هي المقابل في الفصيح لقولهم «اغرب عن وجهي هذه الساعة»! في الغالب الأعم أو 99 في المئة - مثل انتخابات ديموقراطيات ما قبل الربيع العربي - لن يتم الاتصال بك، إذ تم التواصل معك تلك اللحظة وعلم أنك لا تحمل توصية، يضاف إلى هذا أنك لا تجيد لغة «التكافل» الاجتماعي، لم تبرز بطاقتك وتخبر عن خدمات يمكنك تقديمها على سبيل المقايضة. لديّ فكرة بسيطة يمكن أن تخفض من فاتورة النفقات على الأجهزة الحكومية، الفكرة مهداة إلى وزارة المالية الحريصة على خفض النفقات حرصها على إنجاز جامعة الأميرة نوره! تتلخص الفكرة في إلغاء كل الهواتف الثابتة على مكاتب الموظفين الحكوميين، فهي هدر لا يستفيد منه إلا بعض الموظفين لمكالماتهم الخاصة، والسبب أنها لا تعمل إلا في اتجاه يحدده الموظف القائل «رح ونتصل عليك». أما لو اتصلت فلن تجد أحداً يرد إلى أن ينقطع قلب الخط أو يئن متحولاً إلى فاكس، وبعض الموظفين حينما يخطئ برفع السماعة لا يتردد في قطعها لأخذ الخط كما يفعل بسيارته في الشارع. ولأن المراجع «الرجعي» لا يستطيع طلب رقم الجوال لخصوصيته فهو سيضطر إلى العودة للنظام القديم، التردد راجلاً باحثاً عن موقف للسيارة وكرسي للجلوس والانتظار، مع التلفت يميناً ويساراً بحثاً عن منقذ. الهاتف الثابت في الأجهزة الحكومية في ماذا يستخدم بالضبط؟ asuwayed@