تواجه خطة الرئيس المنتخب دونالد ترامب لإعادة ضبط العلاقات الروسية-الأميركية مجدداً مقاومة شديدة من مجتمع السياسة الخارجية في واشنطن الذي يصر على التصدي لسلوك روسيا السيئ في الولايات المتحدة وحول العالم. ستشكّل هذه المعركة الباكرة اختباراً أولياً لقدرة ترامب على إعادة توجيه السياسة الخارجية الأميركي بشكل جذري، مخالفاً رغبات المؤسسة. خلال حملته، وعد ترامب بالتوصل إلى تسوية مع حكومة بوتين، وعبّر عن شكوكه بشأن حقيقة وأهمية عدد من تعديات روسيا التي تحظى بتغطية واسعة وتشمل قرصنة منظمات سياسية أميركية بارزة والتدخل في الانتخابات الأميركية. قبل أن يؤدي ترامب القسم الرئاسي، سيقود مكاين وغراهام وفداً من الكونغرس سيزور أوكرانيا، وجورجيا، وإستونيا ليؤكد للشركاء الأوروبيين أن واشنطن ما زالت ملتزمة بمواجهة انتهاكات روسيا، وبدءاً من شهر يناير سيعقد هذا الثنائي سلسلة من جلسات الاستماع التي تُبرز تعديات روسيا حول العالم، بما فيها جرائم الحرب في سورية، والاعتداءات عبر الإنترنت، وحملات الدعاية الكاذبة، والتهديدات التي توجهها موسكو إلى دول البلطيق. علاوة على ذلك، ذكر غراهام أنه ينوي استخدام رئاسته اللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية في مجلس الشيوخ كي يقدّم تمويلاً إضافياً إلى الحلفاء الأوروبيين بغية مواجهة موسكو. صحيح أن ترامب رفض تقييم المجتمع الاستخباراتي الأميركي عن أن الحكومة الروسية وقفت هذه السنة وراء عمليات قرصنة وتسريب هدفها التأثير في السياسة الأميركية، إلا أن معظم أعضاء الكونغرس ما زالوا مصممين على الضغط للحصول على رد فعل أو عقاب من نوع ما. كتب السيناتور بنجامين ل. كاردين (ممثل ماريلاند الديمقراطي)، عضو ديمقراطي بارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، في صحيفة "واشنطن بوست" قبل أيام أن من الضروري محاسبة روسيا لتدخلها في السياسة الأميركية. كذلك تعهد بسن قانون لمواجهة أعمال روسيا في سورية وأوكرانيا وتأييد المبادرة الديمقراطية الأوروبية الرامية إلى زيادة الدعم المالي للدول التي تقاوم التلاعب السياسي الروسي. أضف إلى ذلك تشريعاً جديداً في مجلس النواب غايته تعزيز العقوبات المفروضة على روسيا. علاوة على ذلك، ذكرت هيزر كونلي، مديرة البرنامج الأوروبي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "يحاول الكونغرس رسم إطار هذه السياسة العام قدر المستطاع قبل تحديد تفاصيلها". وتتابع موضحة أننا نجهل الشكل الذي ستتخذه سياسة ترامب الروسية بالتحديد لأن التعيينات البارزة في مجال الأمن القومي لم تُحدَّد بعد، لكن عملية تصديق مجلس الشيوخ على هذه التعيينات ستشكل وسيلة ضغط أخرى تسمح للمشرعين في الكونغرس الجديد بتقييم مسؤولي الإدارة الجديدة المعنيين بهذه المسألة بعد استلام ترامب منصبه. قد يحظى ترامب ببعض الدعم في الكونغرس لعملية إعادة ضبط العلاقات مع روسيا التي يخطط لها بين مؤيدي حركة عدم التدخل، مثل السيناتور راند بول (ممثل كنتاكي الجمهوري)، والمشرعين المؤيدين لروسيا، مثل النائب دانا روراباشر (ممثلة كاليفورنيا الجمهورية). لكن معظم الخبراء في الشأن الروسي يعتقدون أن ترامب سيدرك في نهاية المطاف أن تقربه من بوتين خطوة سيئة لأنه يحظى بصفقة سيئة. ويعود ذلك إلى أن استراتيجية التدخل السياسي تشكّل جزءاً لا يتجزأ من السياسة الخارجية الروسية وركيزة من ركائز استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تقويض استقرار الديمقراطيات الغربية الليبرالية وثقتها. تشير ألينا بولياكوفا، باحثة بارزة في المجلس الأطلسي: "ستحرق روسيا على الأرجح الإدارة الجديدة في مرحلة ما، رغم كل مساعي التقرّب بينهما". حتى أوباما، الذي تعرض لبعض الانتقادات المبررة بسبب نظرته المتفائلة بإفراط إلى إمكان التعاون مع روسيا، يحض ترامب علناً على التفكير ملياً قبل دفع السياسة الأميركية نحو التقرب من روسيا. يستطيع ترامب كرئيس تجاهل الأدلة ورفض دعوات حلفائه لمواجهة بوتين، لكن كثيرين في واشنطن يعوّلون على تركيبة من وسائل الضغط والإقناع في الإدارة المقبلة بغية وقف عملية إعادة الضبط الروسية الجديدة قبل انطلاقها. * «واشنطن بوست» *جوش روجن*