×
محافظة المنطقة الشرقية

جامعة الملك فيصل تنشئ قسم «سياحة»… وربط المواقع «الترفيهية» بشبكة طرق

صورة الخبر

النسخة: في المطار، وبينما كان رجل ينتظر سيدة سبقته إلى «كاونتر الجوازات» أن تنهي إجراءاتها، ليتقدم بعدها ويأخذ دوره، بدأت أصوات بعض الشبان تعلو، مطالبينه بأن يتقدم الخط الأحمر، كونها على وشك الانتهاء، ولتسهيل سير «الطابور» الطويل، ولأن السيدة لم تنهِ معاملتها بعد، رد بأدب: «اصبر شويه»، وإذا بالشاب، وبكل بساطة وتلقائية، يوكزه على كتفه قائلاً: «عدي يا حبيبي»! في الأسابيع القليلة الماضية تداولت بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية قصة مسافرة ومضيفة جوية من جنسية عربية، اختلفتا حول نوع وجبة الطعام أو ما شابه، وانتهى الحوار بأن «وكزت» المضيفة المسافرة على كتفها قائلة: «بحاول أشرح لك وأنتِ ما بتفهمي»! ما الذي اضطرها إلى استخدام اليد؟ وهل كان ضرورياً لتوضيح وجهة نظرها؟ وبينما اعتبرت المضيفة أن ما قامت به مجرد «لمسة»، إلا أن المسافرة اعتبرته ضرباً وتعدياً يتطلب أخذ إجراء رسمي. ربما لم يقصد الشاب أن «يوكز» كتف الرجل، وأراد أن «يربت» عليه فقط، طالباً منه أن يتقدم، وربما لم تقصد المضيفة ذلك أيضاً، وتصرفت بتلقائية، لكن النتيجة كانت تطور الموقف إلى مشاجرة، لأن كل من الشاب والمضيفة تعديا على «مساحة» أو «حيز» جسم إنسان لا تربطهما به أية صلة أو معرفة، ومن دون أي أسباب منطقية. لماذا أحتاج أن «ألمس» شخصاً لا أعرفه لأوضح له وجهة نظري أو أطلب منه طلباً؟ وهل أعرف أو أتوقع كيف سيكون رد فعله؟ الكثيرون يستخدمون اليد في التعامل مع الآخرين، ويقومون بلمس أو مسك آخرين، حتى لو كان غريباً في الشارع أو السوبر ماركت، فتجده يربت على كتفه، وإن فعلها بأدب، ليقول «مررني» من هنا لو سمحت، ومن المألوف أن ترى أصدقاء سواء من الشبان أم الفتيات يمشون ممسكين بالأيدي، وينتشر في مجتمعنا السلام بالتقبيل بين النساء والنساء وبين الرجال والرجال، وحتى بين الأشخاص غير المقربين من الجنس نفسه. ويستخدم الكثيرون ألقاباً كـ«حبيبي» و«حياتي» مع غرباء أو أشخاص بالكاد يعرفونهم، وهذه سلوكيات تأتي من طبيعة عاطفية أو كنوع من التودد واللطف والرفق، ولكن المشكلة التي تتنامى هي الخلط بين ما نعتبره ودياً وبين التعدي على المساحات الخاصة بالآخرين. وبحسب دراسات في العلوم الاجتماعية فالمساحة - المسافة الشخصية أو الخاصة (Personal space or distance) أو كما يسميها البعض الحيز المكاني أو الفضاء الشخصي هي منطقة نفسية غير مرئية يحددها ويؤثر فيها ثقافة الشخص وجنسه وعمره ومستواه الاجتماعي والاقتصادي وغيره، وتُشَبه بالفقاعات غير المرئية قُسمت إلى أربعة أجزاء. وتعرف المساحة - الدائرة الحميمة بأنها عادة تخص الشريك، ومن ثم أفراد الأسرة والأطفال، أما المساحة الشخصية فهي تخص الأصدقاء والمقربين، ثم تأتي المساحة الاجتماعية التي تخص زملاء العمل وغيرهم من المعارف، وتزيد المسافة وتكبر في المساحة العامة التي تشمل الغرباء. ويمكن أن يتقبل الشخص اقتراب غريب في القطار أو «طابور» انتظار، لإجراء معاملات مصرفية أو حكومية أو غيرها، وهي مشكلة عامة ترتبط بزيادة الزحام، لكنه لا يتقبل القرب نفسه من شخص غريب يتحدث معه وهو على بعد سنتيمترات قليلة منه، وحتماً لا يتقبل أن «يلمسه». في كثير من الأحيان يسيء البعض تقدير حدود مساحات الآخرين الخاصة، ومدى أهميتها لهم، ومدى إحساسهم بالقلق والغضب، عندما يتم تجاوزها، فما يحدث أن الكثيرين ممن ينتمون إلى الدائرة الاجتماعية أو العامة يقتحمون الحيز الخاص للآخرين، ويصلون إلى الدائرة الحميمة الخاصة بالأهل، وهنا تبدأ المشكلة، إن احترام حيز الإنسان الخاص من الآداب العامة، وكما لا يحب الإنسان أن يَقتحم حيزه أحد من الغرباء، ففي المقابل عليه أن يحترم المساحات الشخصية للآخرين، ولا يتعدى عليها حتى بـ«اللمس».     dgazzaz@gmail.com     DALIAGAZZAZ@