تشهد مدننا -ولا تزال- فورةً تطويرية عظيمة خلال السنتين الماضيتين، جعل كل القطاعات الحكومية -وحتى الخاصة- تسعى، وتتنافس، وتبادر للمشاركة في هذه المرحلة التنموية المهمة، الأمر الذي كان يستدعي ضرورة التنسيق والتشاور والتخطيط المشترك بين أكثر من قطاع؛ لإتمام عملية التطوير هذه على صورةٍ تُرضي المسؤول والمستفيد على حدٍّ سواء. ما دفعني لكتابة هذه المقالة هو ما نعيشه في محافظة الطائف -وقد يعيشه آخرون في مدن ومحافظات أخرى- من مصادرة واضحة لحقوق المشاة في كثير من شوارع المحافظة الرئيسة، بإغلاق الإشارات المرورية واستبدالها بفتحات رجوع تبعد عن بعض الإشارات مسافة لا تقل عن 100م تقريباً. هذا الإجراء وحده كان كفيلاً بجعل حركة المركبات في تلك الشوارع مستمرة لا تهدأ في مشهدٍ فوضويٍّ غريب، يمنع الشيوخ والأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة -وحتى ذوي القدرة- من عبور تلك الطرقات، وإن حدث فهي مجازفة قد يدفع الواحد منهم عمره ثمناً لها، في ظل غيابٍ تام لجسور مشاة آمنة. حقوق المشاة يا سادة تتساوى تماماً مع حقوق أصحاب المركبات، فهل نسي أو تناسى المخطِّط والمنفِّذ لهكذا فكرة تلك الحقوق؟! من المسؤول عن مثل هذه الاجتهادات؟! هل تم التنسيق مثلاً بين أمانة المحافظة وإدارة المرور أثناء دراسة جدوى مثل هذه المشاريع؟ ما هو رأي إدارة المرور في مصادرة حق المشاة بهذا الشكل؟ هل تم تقييم هذه المشاريع وقياس رضا المستفيد؟! كل هذه التساؤلات تستدعي إعادة النظر، والتفكير بجدية في جدوى هذه التغيرات، ومدى فائدتها، ومطابقتها لتوجهات الدولة، والتي تسعى جاهدة إلى تطبيقات الجودة في كل القطاعات والمرافق والخدمات؛ سعياً منها لراحة المواطن والمقيم على حدٍّ سواء.