×
محافظة مكة المكرمة

مشعل بن ماجد يبحث ترتيبات الدورة الثانية لمهرجان جدة

صورة الخبر

النسخة: الورقية - سعودي في دراسة أعدتها جامعة هارفارد الأميركية عام 1970، تم سؤال 100 طالب عن خططهم في المستقبل، وما إذا كانت لديهم خطط واضحة، 3 في المئة فقط أجابوا بالتفصيل عن خططهم المستقبلية، والبقية لم يعرفوا ما الذي يريدون تحقيقه بعد. بعد 20 عاماً، قامت الجامعة بالبحث عن الـ100 طالب، فوجدت الثلاثة هؤلاء يملكون أكثر من 90 في المئة من ممتلكات الـ100 كلهم. حسناً، تبدأ اليوم عالمياً سنة جديدة، وسنتنا نحن المسلمين «الوجدانية» بدأت منذ شهرين، لكن السنة الميلادية هي سنة العمل والمال والمواعيد الثابتة، وطغيان حضورها الذهني على السنة الهجرية لا علاقة له بالفكر التغريبي بقدر ما هو إحدى صيغ انتمائنا لقرية كونية تدار حواسيبها ومواعيد طيرانها وحروبها بهذا التاريخ. يبدو أن التخطيط مهم جداً، أفهم ذلك من دراسة الجامعة أعلاه إذا كانت صحيحة وليست مثالاً حفازاً يستخدمه المدربون، وتبدو الأرقام إذا أسقطناها على تفوق وتقدم الأمم قريبة من الواقع، فلماذا تمر السنوات علينا كأفراد وعلى معظمنا كأفراد ودول عربية أو نامية إجمالاً من دون أن نخطط؟ وعندما أقول من دون أن نخطط، فأنا أعني التخطيط الصحيح والصادق، وليس التخطيط بالوعود التي تأخذ شكلاً اتصالياً إعلامياً يقصد به المسؤول كسب الوقت أو الرضا الموقت، ويقصد به الوالدان إسكات مطالب الأبناء، والموظف إرضاء مديره، وهكذا دواليك. نعيش غالباً وفق نسق رد الفعل، نتعاطى مع الأحداث آنياً، ومع كل حدث نقول إننا سننتبه، نقول ذلك في إشارة إلى أننا سنخطط، ولا نفعل، يمكن التأكد من ذلك بقراءة صفحة المحليات قبل 20 عاماً، وفي تصريحات عن أية قضية أو أزمة نعيشها الآن، من مبان مستأجرة، إلى ازدحام الخطوط المحلية للطيران، مروراً بربط حزام الأمان، أو باسترجاع نمط حياتك لتجده – إلا ما ندر - نسخة محسنة من نمط حياة أسلافك، محسنة في الشكل والمظهر دونما تغيّر حقيقي في الجوهر، التغيّر الذي لا يحدث إلا بالخروج من أنساق كثيرة. بالطبع لنا جميعاً غاية هي رضا الله، وهدف حياتي عام وموحد هو عبادته، لكن حتى هذا الرضا، وهذا التعبد يمكن أن يكون بطريقة أعمق، وأقوى، وأجمل إذا نجحنا في أن نكون أصحاب رؤى شخصية نضع لها الخطط، ولا تمر علينا السنة كأنها مجرد رقم. باستثناء الحب والغرام، كل شيء يمكن إخضاعه للتخطيط، وليس مهماً القياس على طريقة هارفارد بالمال، المهم القياس بما نملك، وما نملك يقاس من الداخل أولاً، من العقل، الذي إذا احترمناه بدأنا فعلاً نستخدمه الاستخدام الذي يقود إلى الإنجاز. مرور سنة ودخول أخرى مدعاة للتأمل دوماً، وليس احتفاء العالم بصخب إلا نوعاً من المواربة، مواربة تشبه ابتسامتك على شرفة ما منتصف ليل البارحة وأنت لا تعرف هل هي إشفاق على نفسك، إو إشفاق على من حولك.. منك.     mohamdalyami@gmail.com