النسخة: الورقية - سعودي كشفت المعارك الدموية التي تدور بين تنظيم داعش وفصائل المعارضة في سورية عن أن الجهاديين الذين توافدوا بالآلاف على الشام منذ اندلاع الثورة بمسمى «المهاجرين» باتوا الصيد السمين لكلا الطرفين المتنازعين على السلطة، فالنظام الأسدي يقتلهم بالقصف من السماء، والثوار نصبوا لهم المشانق في كل مكان على الأرض، معتبرين أنهم طعنة غدر في خاصرة الثورة السورية، وهذا ما كان متوقعاً منذ بداية تشكيل التنظيمات الجهادية في الأراضي السورية، وهو في نهاية المطاف ليس سوى نسخة مكررة مما حدث للتنظيم في العراق، عندما انتفض العراقيون لطرد أفراده، وسحلهم في الشوارع، باعتبارهم عناصر إرهابية دخيلة على المجتمع العراقي. عشرات الحكايات المأسوية تتداولها شبكات التواصل الاجتماعي على هامش المحرقة السورية عن صبية من السعودية والكويت، غُرر بهم بفتاوى شيوخ الضلال الذين حرضوهم على النفير إلى أرض الجهاد، لحماية الشعب السوري قبل أن تُنشر صور جثثهم ملقاة بجوار حاويات النفايات، بوصفهم إرهابيين متآمرين على الثورة، هكذا انتهت حكايات النفير الجهادي و«الحوريات» بطلقات من «نيران صديقة» في كوميديا سوداء، لا يمكن لنشرات الأخبار التعبير عنها في شكل حقيقي، فهذه الجثث مجرد أرقام تظهر في شريط إخباري لا يتسع لرواية قصة كل رقم منها. في «تويتر»، كتبت من وصفت نفسها بـ«أم المجاهد» ما نصه: «حبيبي وينك، والله ما كنت أعلم بما يسير، ولو علمت ما وافقت على نفيرك، أفتكر الجهاد مثل أيام الصحابة، لم أعلم أنه غدر». وفي تغريدة أخرى، كتبت مخاطبة حساباً يخص أحد التنظيمات: «آه منكم، جوكم يدافعون عنكم، وجازيتهم بالقتل والطعن، يا ريتني أعلم أين ابني، وين مكانه يا ترى، سويتوا فيه شيء، وهو يدافع عنكم، حسبي الله». هذه الأم المنحوسة كما يتضح من عباراتها لم يتم التغرير بابنها وحده، بل تم التغرير بها قبله، للدرجة التي اعتقدت معها أن ابنها الذي انتهى به المطاف قاتلاً مأجوراً لمصلحة فصيل سياسي بأجندة إسلاموية، وربما جثة في مقلب نفايات، ذاهب إلى عالم الصحابة، وهو ما يدعو للتساؤل: أي جنون هذا الذي يوصل الناس إلى حال انفصال عقلي تام عن الواقع، ويقذف بهم في عصور سحيقة ضمن غيبوبة مفزعة باسم الدين؟ منذ أشهر، والعالم كله يتفرج على الممارسات الوحشية التي تقوم بها التنظيمات الجهادية وغيرها في حق السوريين بمختلف انتماءاتهم، رؤوس بشر تُفصل على أجسادهم وتتقاذفها أرجل أشخاص يرتدون ملابس سوداء ويرددون التكبير، وقلوب تؤكل أمام الكاميرات في منظر يندى له جبين البشرية جمعاء، وبين هذا وذاك فظائع أكثر من أن تُروى، فمن يا ترى لديه الاستعداد اليوم للتعاطف مع أفراد هذه التنظيمات، وهم يُسحلون في الشوارع سوى أمهاتهم؟ الإجابة بالطبع: «لا أحد»، إنهم مجرد أفراد تحولوا إلى وحوش بشرية، ثم جثث مسحولة بتحريض من شيوخ يشاهدون أخبارهم عبر الشاشات، وهم متقابلون على صحون «المندي»، للحديث عن فضائل زواج المسيار «لا أكثر». ceo@news-sa.com @Hani_Dh