×
محافظة المنطقة الشرقية

داعية تقنع أمريكية سبت الرسول بالإسلام

صورة الخبر

بيروت: فيفيان حداد لا يمكنك أن تمر في شارع «السوديكو» في بيروت والمتصل بطريق «مونو» اللذين يوصلانك إلى منطقة رأس النبع من ناحية والبسطتين التحتا والفوقا من ناحية أخرى، دون أن تسرقك رائحة حلويات محلات «الرشيدي» الواقعة عند تقاطع هذه الشوارع، فتتسلل إلى أنفك دون استئذان فارضة عليك شراء البعض منها لتزين بها مائدة رمضان. «ورد الشام» و«الكلاج» والقطايف» و«حدف رمضان» إضافة إلى «العثملية» و«عيش السرايا» و«زنود الست» و«الشعيبيات» هي أشهر الحلويات التي تصنعها محلات رفيق الرشيدي في الشهر الفضيل والتي تدفع بأهالي بيروت من مسيحيين ومسلمين دون استثناء بالتلذذ بها، كونها تمثل رمزا من رموز الفطور والسحور. ويقول غسان الرشيدي أحد أبناء رفيق الرشيدي، مؤسس هذا المحل: «إن أهالي بيروت من الأشرفية والجميزة ومونو ومار مخايل من جهة وجيرانهم في المقلب الآخر في البسطا ورأس النبع من ناحية ثانية، ينتظرون بحماس وصول هذا الشهر الكريم ليتذوقوا الحلويات التي تصنع وتعد خصيصا له كـ«الكلاج» و«حدف رمضان». وهي أنواع لا تجدها إلا في لبنان على عكس «القطايف» و«ورد الشام» المعروفين في مختلف البلدان العربية المجاورة. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هناك زبائن قد لا نراهم طيلة أيام السنة إلا أننا نعلم مسبقا بأننا على موعد معهم في هذا الشهر بالذات فهو يحملهم إلينا دون أي تأخير وبعضهم يزيد عمره عن السبعين أو الثمانين عاما وقد اعتادوا على محلاتنا منذ أيام والدي (أبو عبد) ولا يزالون على وعدهم له منذ تلك الأيام». ويرى غسان الذي رافق والده مع أشقائه الخمسة الآخرين في أعماله أن ذكريات كثيرة يحملها إليه هذا الشهر بالذات ولا سيما تلك التي كان يقف فيها وبطلب من والده على باب المحل القديم والذي لم تكن تتجاوز مساحته يومها الـ25 مترا (أصبحت اليوم تلامس الـ200 متر) يحمل أكياس المحل ليقدمها للزبائن وهو يقول لهم «أهلا وسهلا تفضلوا رمضان كريم». ويتابع غسان متذكرا: «لقد عمل أبي بإخلاص في المحل فتمكن من الاحتفاظ بزبائنه حتى بعد رحيله عام 2002. ولا شك أن الجودة والخبرة هما أهم عناصر تقف وراء نجاح المحل». لا تزال محلات الرشيدي حتى اليوم تحتفظ بنفس «معلمين الحلو» الذين واكبوها على مر السنين، ومن رحل منهم ورثهم أولادهم أمثال إبراهيم عيتاني وأبو أحمد شرقاوي. أما سر لذة وشهرة حلويات (الرشيدي) فيصفها غسان كالتالي: «عدا أن وصفاتنا ما زالت تحتفظ بنفس المكونات منذ أكثر من مائة عام حتى اليوم، فإننا نحرص على أن تكون طازجة لا مجال في أن تبيت من يوم لآخر». وإضافة إلى «شطارة المعلمين» العاملين في جميع فروعنا الموزعة على عدد من المناطق اللبنانية (برج البراجنة وعائشة بكار والحمرا والسوديكو)، فإننا نرفق كل طبق من الحلويات برشة حب وكمشة حنان وابتسامة جميلة تميزنا عن غيرنا. فحسب غسان جميع الحلويات المتبقية من جراء يوم طويل توزع على المحتاجين والمعوزين، رغم أن تهافت الزبائن قلما يسمح بذلك. ويؤكد غسان الرشيدي أن حلو «الكلاج» هو تركي الأصل، ويتألف من عجينة مصنوعة من مادتي النشا والزيت مع كمية لا تتجاوز الـ10% من الطحين يتم حشوها بمزيج من الحليب وطحين الفرخة وماء الورد مطعمة بالقليل من السمنة (تشبه بطعمها القشطة)، يتم قليها بالزيت الحامي مباشرة ليتلقفها الزبون طازجة ساخنة يسيل لها اللعاب. كما يحرص العاملون في قسم القلي (الذي يتم مباشرة أمام الزبون من أمام المحل) على تغيير الزيت أكثر من مرة بحيث لا تزيد أفواج القلي في الوعاء عن العشر مرات حتى يبقى الزيت صالحا للقلي. أما باقي الحلويات كالقطايف وورد الشام فيتم حشوها بالقشطة الطبيعية أي المستخرجة من الحليب المغلي كون هذا النوع منها لا يمكن أن يدخل النار فيتغير طعمه ولونه. ولا ينسى غسان أن يروي لنا قصة مشوار محلات الرشيدي التي بدأها والد جده (عبد الرحمن) عام 1851 وبعدها سلمها لأحفاده الذين حرصوا على صناعة الحلويات لمناسبات جميع الأعياد، بينها المسيحية كأعياد (البربارة والغطاس والميلاد وغيرها)، إضافة إلى أعياد المسلمين كـ(الفطر والأضحى). وتقدم محلات الرشيدي أيضا البقلاوة على أنواعها، وحبوب المغربية وشعيرية الكنافة وغيرها من مكونات الطعام الحلو والمالح. أما سعر حبة الكلاج، فلم تكن تزيد في أواخر الثمانينات عن 25 قرشا (سعر الدرزن منها اليوم 14000 ليرة) فيما كان كيلو عجين القطايف، لا يزيد عن الليرة ونصف الليرة اللبنانية بينما بلغ حاليا أربعة آلاف ليرة لبنانية. أما «حدف رمضان» الذي يصنع على شكل مثلثات يشبه بطعمه البقلاوة، فتتألف حشوتها من الجوز ومنكهات أخرى كالقرفة وماء الورد ويعتبر أحد أطيب الحلويات الرمضانية المعروفة في لبنان، ولا يمكن أن نجدها في عواصم عربية أخرى. من ناحيتها نهى الرشيدي والدة غسان التي تدير فرع (عائشة بكار) ترى أن الحلويات التي اشتهروا بها ما زالت تتمتع بنفس الجودة لا، بل تطورت مع الوقت لتنافس أطيب الحلويات في العالم وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أرسلنا فريقا من محلاتنا إلى قبرص في فترة سابقة ليتعلم أصول صناعة عجينة الرقاق وأصبحنا بدورنا نعلمها للآخرين». وتضيف: «منذ أن كنا في شارع النورية في أسواق بيروت القديمة ونحن رواد هذه الصناعة في بيروت، ولم يكن هناك من ينافسنا إلا محلات الصمدي العريقة، ولكنها هي بدورها كانت تلجأ إلينا لشراء مكونات الحلويات كالقشطة مثلا إذ كان لدينا ثلاثة عشر مصنعا لها». وختمت بالقول: «أنا فخورة كوني تابعت مسيرة زوجي وما زلت أحافظ على نفس جودة منتجاتنا التي تطورت مع الوقت فأصبح لها نكهة خاصة لا تضاهى». اليوم انتشرت صناعة الـ«كلاج» وأصبحت شائعة في مختلف محلات الحلويات اللبنانية لتشكل أطيب وألذ حلوى رمضانية.