عكست تعيينات الأسابيع الثلاثة الأولى في إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب اتجاهاً إلى التشدد في التعاطي مع إيران إقليمياً من دون التخلي بالضرورة عن الاتفاق النووي معها. وقال خبراء ومسؤولون سابقون تحدثت إليهم «الحياة» أن «العقدة الشرق أوسطية» الأصعب أمام الإدارة الجديدة ستكون سورية وتوقعوا سن الكونغرس عقوبات جديدة ضد إيران. وبرز التشدد ضد إيران عاملاً مشتركاً لدى المعيّنين في مناصب تتعلق بالأمن القومي والاستخبارات، إضافة إلى ترشيحات مُحتملة في الدفاع والخارجية. ومن تعيين النائب مايكل بومبيو على رأس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) وتصريحه قبل ذلك بأنه يجب التخلص من الاتفاق النووي مع إيران، إلى الجنرال السابق مايكل فلين الذي اختير مستشاراً للأمن القومي وهو كان شاهداً رئيسياً على تفجيرات قامت بها ميليشيات مدعومة من إيران ضد الجيش الأميركي في حرب العراق، مروراً بنيكي هايلي المندوبة العتيدة لدى الأمم المتحدة والتي عارضت الاتفاق النووي ودعت في رسالة إدارة الرئيس باراك اوباما إلى الإبقاء على العقوبات ضد إيران. ولاحظ الخبير الدفاعي في «المجلس حول الأمن القومي» نيكولاس هيراس إجماعاً بين هؤلاء على «التشدد مع طهران، على رغم اختلافهم في أمور أخرى» مثل العلاقة مع روسيا. وقال هيراس لـ «الحياة» إن تعيين الجنرال السابق جايمس ماتيس وزيراً للدفاع «يرسخ هذا التوجه»، خصوصاً أن ماتيس القائد السابق للقيادة الوسطى كان غادر منصبه في 2013 بعد خلاف مع إدارة أوباما حول التراخي مع إيران وعدم الرد على تحرشات «الحرس الثوري» في مياه الخليج. ووصف هيراس الجنرال الأميركي بأنه «يصغي بإمعان ويعرف الحرب جيداً ولا يدخل في معركة من دون أن يربحها»، مشيراً الى أن ماتيس «يدعم الاتفاق النووي لكنه يدعو إلى التشدد أكثر مع إيران ووقف توسع نفوذها إقليمياً. ويعتبر ماتيس وفلين مِن المستشارين الأقرب لترامب، إذ يرافقه فلين في معظم لقاءاته الخارجية، خصوصاً خلال تلقيه الإيجازات الاستخباراتية. وقال الرئيس المنتخب لصحيفة «نيويورك تايمز» أن ماتيس أقنعه بعدم جدوى تعذيب المعتقلين خلال استجوابهم في مكافحة الإرهاب. وبانتهاجه استراتيجية أكثر تشدداً مع إيران إقليمياً، وموافقته المرجحة على عقوبات جديدة قد يمررها الكونغرس مطلع العام المقبل، يكون ترامب أكثر حذراً في التعاطي مع الاتفاق النووي. وقال مسؤول في البيت الأبيض حضر لقاء أوباما وترامب الأخير، إن الرئيس الحالي استعرض مع خلفه مضمون الاتفاق النووي، ورد الرئيس المنتخب بإعجاب وقال: «يبدو لي أنه اتفاق جيد». لكن توماس بيكيرينغ، المسؤول والسفير السابق في ست إدارات أميركية، قال لـ «الحياة» إن «أي عقوبات جديدة على إيران قد تفرض انسحابها من الملف النووي أو على الأقل من التزاماتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة» والتي تشمل اليوم عقود طائرات «بوينغ» وانفتاحاً اقتصادياً ولو محدوداً بين الجانبين. وأشار بيكيرينغ الى أن «الاتفاق النووي، دولي ويمكن لإيران أن تحافظ على التزاماتها مع الأوروبيين والإخلال بها مع واشنطن في حال إصرار الكونغرس على عقوبات». في الوقت ذاته، رأى هيراس أن سورية هي العقدة الأكبر «كون إيران متحالفة في هذا الشأن مع روسيا التي يريد ترامب التوافق معها». وتوقع الخبير الدفاعي أن يكون للكونغرس دور محوري في حل هذه العقدة وإيجاد مقاربة واقعية للأزمة السورية. وفي انتظار اختيار ترامب وزير خارجيته، فإن أبرز المرشحين للمنصب، وهم ميت رومني ورودي جولياني وبوب كوركر، مؤيدون لتشدد أكبر حيال إيران، وحذرون في الملف النووي ومقاربة مختلفة مع روسيا. على صعيد آخر، أكدت «أسوشييتد برس» أن ترامب سيقيم في البيت الأبيض بمفرده بعد تسلمه مهماته في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل، في حين أن زوجته ميلانيا ستلعب دور «الأميركية الأولى من بُعد»، إذ ستظل مقيمة في برج ترامب في نيويورك الى جانب ابنهما بارون (10 سنوات) الذي سيبقى في المدرسة الخاصة التي يرتادها، أقله الى حين انتهاء العام الدراسي. ولاحظ معلقون أن ميلانيا ستكون أول زوجة رئيس لا ترافقه إلى البيت الأبيض، على الأقل الى حين انتهاء الموسم الدراسي.