بعد المصادقة بنعم على قانون المالية الجديد لسنة 2017 بالبرلمان الجزائري انتشر فيديو صادم لنواب برلمانيين لا يعرفون أصلاً أبرز ما جاء في القانون، والأغرب أن أغلب هؤلاء البرلمانيين هم من أحزاب صوتت لتمرير القانون. فقد صوت البرلمان الجزائري بالأغلبية في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على قانون، وحضر جلسة التصويت 271 نائباً، فيما قاطع نواب كل من جبهة العدالة والتنمية وجبهة القوى الاشتراكية جلسة التصويت. وغادر نواب تكتل الجزائر الخضراء الذي يضم 3 أحزاب: "حركة مجتمع السلم، حركة الإصلاح الوطني، والنهضة" القاعة قبل الشروع في المصادقة، أما نواب حزب العمال فقد صوتوا ضد مشروع القانون. خارج مجال التغطية واعتبر الدكتور نعمان لعور رئيس الكتلة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء، أن ما تبينه مثل هذه الفيديوهات خطير للغاية، ولا يمكن تقبله من أناس يمثلون الشعب الجزائري. وقال لعور-الذي انسحب رفقة باقي البرلمانيين المنضوين تحت لواء الجزائر الخضراء- في تصريح لـ هافينغتون بوست عربي: "إن الأحزاب التي صوتت بنعم لتمرير قانون الموازنة لا يعلمون أصلاً بما يحتويه، وإلا لصوتوا ضد القانون". رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة القوى الاشتراكية الذي قاطع أشغال جلسة البرلمان شافع بوعيش يعتبر أن البرلمانيين الذين صوتوا للقانون لا يعرفون أصلاً محتوى وأبعاد الميزانية الجديدة 2016. وقال بوعيش لهافينغتون بوست عربي: "السلبيات الكبيرة التي يحتويها قانون الموازنة تجعل كل مدافع عن الشعب بحكم ضميره، يرفضه بمنأى عن الانتماء السياسي، فمصلحة المواطن والشعب هي الأساس". من أجل 248 مليون سنتيم تحدث قانون الموازنة الجديد، عن منح نواب البرلمان منحة نهاية العهدة والمقدرة ب248 مليون سنتيم جزائري، يرتقب تسلمها منتصف السنة الداخلة 2017 . ويقول المحلل للشؤون الاقتصادية والإعلامي عبد النور جحنين: إن الحديث عن هذه المنحة في عز ما يسمى ب"التقشف" هو التناقض بعينه. ويعتبر جحنين في حديث لـ هافينغتون بوست عربي، أن هذا المبلغ الموجه منحة حتى نهاية العهدة البرلمانية، قادر على تحسين عدد من القطاعات الاقتصادية والتنموية، وكان المتحدث يستبعد تصويت البرلمانيين ضد القانون أمام هذا الإغراء، كما قال. ويرى الدكتور نعمان لعور أن منحة الـ 248 مليون سنتيم، ما كانت إلا لتحفيز نواب البرلمان لتمرير القانون الجديد للموازنة، وهو ما تم فعلاً. الارتباك قبيل التصويت على القانون الجديد، تعالت أصوات المتتبعين للشأن الاقتصادي في الجزائر، أمثال الدكتور رشيد ولد بوسيافة، والمحلل الاقتصادي صالح سليماني تدعو البرلمانيين للتخلي على منحة نهاية العهدة خدمة لمستقبل البلاد. وإن كانت حركة مجتمع السلم، قد أبدت استعدادها لتخلي برلمانييها عن هذه المنحة، حسب تصريح رئيسها الدكتور عبد الرزاق مقري لهافينغتون بوست عربي، فإن بقية الأحزاب بدت مرتبكة. ويقول مقري: "البرلمان جاء لخدمة الشعب، والشعب اليوم يعاني من أزمة انهيار أسعار البترول، ويحتاج إلى تحسين حالته من خلال هذه الأموال الموجهة لنواب البرلمان" أما حزب العمال فقال على لسان أمينته العامة لويزة حنون، إن قانون المالية الجديد يحمل الويلات للجزائريين، وهذه الويلات لا يمكن تلخيصها في منحة 248 مليون سنتيم. وقالت حنون لهافينغتون بوست عربي: "الأزمة أعمق بكثير، وإن كانت منحة نهاية العهدة قادرة على إخراج الجزائر من محنتها فإن نواب الحزب سيتخلون عنها بالتأكيد". وكان قد انتشر فيديو لقناة البلاد الجزائرية طرحت سؤالاً على عدد من البرلمانيين وبدا الارتباك واضحاً، وتباينت الإجابة بين القبول والرفض والتهرب من الإجابة. كان يجب تأهيلهم من جهته يرى المحلل السياسي الجزائري بشير بودلال، ضرورة تأهيل البرلمانيين في ورشات عمل، لمعرفة الجديد في جل القوانين، حتى يكون التصويت بقناعة فعلية للنائب في البرلمان. ويعتبر بودلال في تصريح لهافينغتون بوست عربي، أن الأحزاب هي التي كان من الواجب أن تشرف على مثل هذه الندوات، سيما ما يتعلق بقانون الموازنة، فكما لاحظنا أغلب البرلمانيين يجهلون محتوى القانون". هذه النقطة ثمنها نعمان لعور عن تكتل الجزائر الخضراء، الذي أقر بأن حزبه أشرف على جلسات مع مختصين في القانون والاقتصاد، لمعرفة محتوى القانون وأبعاده، وهو ما جعل الحزب يقرر الانسحاب من جلسة التصويت عن قناعة. نظرة استشرافية وزير المالية الجزائري حاجي بابا عمي طالب بضرورة مواصلة العمل تدريجياً من أجل تحسين إنتاجية الاقتصاد الوطني في إطار نظرة استشرافية بعيدة المدى. وأضاف كما جاء في وكالة الأنباء الجزائرية إنه "يتعين توفير الظروف الملائمة من أجل اقتصاد يستجيب لمتطلبات المرحلة التالية من النموذج الوطني للنمو ابتداء من 2020". وكانت في الجزائر قد نشرت بالتفصيل توزيع الميزانية الجديدة على مختلف القطاعات والتي تتصدرها وزارة الدفاع بـ 29ر1.118 مليار دينار جزائري.