لم تنجح الاتصالات المتواصلة في حل الخلاف على من يتولى حقيبة الأشغال العامة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحزب «القوات اللبنانية»، في ضوء إصرار كل منهما على أن تكون من حصته، ورفضهما بالتالي أن يتولى أحدهما هذه الحقيبة في مقابل تولي الآخر وزارة الصحة العامة. وأكدت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات المكثفة التي يقوم بها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري أو التي يوكلها إلى مدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره النائب السابق غطاس خوري، أن حل عقدة حقيبة الأشغال سيدفع في اتجاه فتح ثغرة تؤسس لولادة الحكومة العتيدة في أقرب وقت ممكن. لكن المصادر نفسها لفتت إلى أن هذه الاتصالات لم تفتح الباب أمام خرق في موضوع وزارة الأشغال التي تعيق الإسراع في تشكيل الحكومة. وعلمت «الحياة» من المصادر نفسها أن التواصل بين الحريري وبري تركز على إقناع الأخير بالقبول بحقيبة الصحة بدل الأشغال التي كان الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون التزما بإسنادها إلى «القوات»، مقابل تخليها عن المطالبة بحقيبة سيادية. وأشارت إلى أن تواصل الحريري وبري مستمر ويتم بهدوء وإيجابية. ورأت أن الأجواء الإيجابية التي سادت الخلوة الرباعية التي عقدت في بعبدا على هامش استقبال الرئيس عون المهنئين بعيد الاستقلال، لم تحقق أي تقدم يؤدي إلى تسوية التنافس على حقيبة الأشغال بين الرئيس بري و «القوات». وقالت إن الرئيس الحريري، وان كان يفضل أن تتشكل الحكومة من 24 وزيراً، فإنه في المقابل لم يقفل الباب في وجه إمكان رفع العدد إلى 30 وزيراً، فيما نقلت مصادر أخرى عن الرئيس بري قوله أمام زواره إن إسناد حقيبة الأشغال إلى وزير ينتمي لحركة «أمل» من شأنه أن يسهل حل العقدة الأخرى المتمثلة بمطالبة زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية بوزارة من ثلاث: الأشغال، الطاقة والاتصالات. وأضافت أن الرئيس بري - كما نقل عنه - يأخذ على عاتقه التدخل في حال تقرر أن تكون الأشغال من حصة الشيعة لدى فرنجية لإقناعه بتعديل موقفه لجهة الموافقة على حقيبة أخرى وازنة غير هذه الحقائب. وفي هذا السياق، تردد أن فرنجية يميل إلى الموافقة على أن تكون حقيبة التربية من حصة «المردة» لكنه يربط موافقته النهائية بالاستجابة لطلب بري، كما تردد أن المشاورات ما زالت مفتوحة مع «القوات» لإقناعه بالقبول بحقيبة الصحة في مقابل تخليه عن مطالبته بالأشغال. لقاء الأربعاء وبعد لقاء الأربعاء، نقل نواب عن بري قوله إن «الأجواء حول تشكيل الحكومة إيجابية»، وهو يأمل بأن يتم تفكيك العقد الصغيرة لتأليفها في أسرع وقت ممكن. وقال بري: «هناك ورشة عمل تنتظر الحكومة الجديدة، وفي مقدمها درس وإقرار قانون جديد للانتخابات»، مؤكداً «أن هذا الموضوع يبقى على رأس المواضيع التي يجب إنجازها تمهيداً للانتخابات النيابية المقبلة». وحذر عضو كتلة «المستقبل» النائب جان أوغاسابيان «من استمرار المداولات في الحقائب الوزارية، ما قد يؤخر ولادة الحكومة الى السنة الجديدة وينعكس سلباً على العهد الجديد». وسأل ما إذا كان وراء خلاف الحقائب إبقاء لبنان في دائرة الدوامة بانتظار التطورات الإقليمية، لافتاً «إلى أن عقدة توزيع الحقائب وردود فعل الرئيس نبيه بري قد تكون ناتجة من الحساسية التي خلّفها التفاهم المسيحي إزاء الحال الجديدة التي فرضها تحالف التيار- القوات». «زمن الترويكا ولى» ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا، أن هناك زخماً بدأ مع وصول العماد عون إلى رئاسة الجمهورية يحاول البعض إجهاضه من خلال عرقلة تشكيل الحكومة. وقال إن «الوزير جبران باسيل الممثل الفعلي لرئيس الجمهورية، حريص جداً على الثنائية القواتية - العونية ولم يخل بأي شيء حتى اللحظة». وأكد زهرا أن «مشكلتنا ليست مع الرئيس بري، بل أن حقوقنا لدى رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية، وأتمنى أن يقدما على طرح التشكيلة لحسن سير المؤسسات»، وقال: «ان الحزب رسمياً لم يتطرق إلى هذا الموضوع، ولا الرئيس بري ولا حركة أمل». واعتبر زهرا «أن هناك نية في عرقلة العهد تظهر وكأن الرئيس بري يقوم بها، في وقت لا مصلحة له بإجهاض عمل المؤسسات، لأن المؤسسات الدستورية ستتضرر، وأكبر المتضررين هو المجلس النيابي». وأكد أن «زمن الترويكا ولى إلى غير رجعة». وسأل: «في زمن الترويكا لم يتمسكوا بالمالية، فلماذا اليوم؟». وكان مستشار رئيس حزب «القوات» العميد وهبة قاطيشا قال لـ «المركزية» أن «لا مشكلة لدينا في الحصول على وزارة الصحة كبديل من الأشغال العامة»، لكنه عاد فأوضح أن القرار في هذا الشأن يعود الى قيادة «القوات». وقال: «لكن يبدو أن الفريق المحسوب على النظام السوري «لم يشبع» من السلطة ومن السيطرة عليها، فلماذا كل هذا التشبّث بالحقائب وبالتمثيل الآن وعمر الحكومة لن يتعدى الأشهر الستة؟». وأسف لأن «مسار التشكيل عاد إلى المربّع الأول، والسبب الجوهري أن فريق الثامن من آذار لم يعتد على عهد جديد جاء «صنع في لبنان» وأن رئيس الجمهورية يريد تطبيق الطائف، لذلك نرى أن الرئيس بري وفي كل يوم يُخرج أرنباً من جيبه، مرّة لحقوق الطائفة الشيعية، ومرّة لتمثيل تيار المردة ومرّة أخرى لتمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي». ورأى النائب قاسم هاشم أن «كتلة التنمية والتحرير متمسكة بوزارة الأشغال، ومن المخارج المطروحة للتشكيلة الحكومية اقتراح للرئيس بري عرض الصحة على القوات والتربية على تيار المردة». وأمل رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك بـ «التسهيل للعهد الجديد بتشكيل حكومة وطنية جامعة، لا تكون حكومة إلغاء أو كيد أو ما شابه ذلك، فإن الأوطان تبنى بالتفاهم والحوار والوحدة والتكامل، وباستيعاب الجميع. نحن أمام فرصة، فلا تفوتنَّ هذه الفرصة». وطالب الجميع بأن تكون «بداية العهد هذا هي بداية التحول لمد اليد من الجميع إلى الجميع لنبني الوطن سوية وندعم الجيش والقوى الأمنية».