لو كنت من معجبي الممثل الأميركي براد بيت وفنّه، غاضّاً الطرف عن أخبار طلاقه من مواطنته الممثلة أنجلينا وكل ما يدور حول هذه الدراما العائلية، فهذا المقال الذي كتبه مؤلف فيلمه الأخير بالتأكيد سيسعدك. الفيلم يحكي قصة دارت أحداثها إبان الحرب العالمية الثانية وصورت أجزاء منه في المغرب وبريطانيا وهو من بطولة براد بيت والفرنسية ماريون كوتيارد. فقد خصَّ المؤلف المبدع ستيفن نايت وكاتب قصة الفيلم صحيفة Telegraph بهذا المقال، مسلطاً الضوء على قصة الفيلم الحقيقية، التي ظلّت حبيسة الأدراج لـ30 عاماً، منذ أن سمعها أول مرة وأجل كتابتها مرات ومرات. فيما يلي نص المقال: ظلَّت قصة فيلم Allied جاثمة لثلاثين عاماً أمام باب مكتبي مثل كلبٍ شارد، تنتظر أن تتحوَّل إلى فيلم. منذ سمعتُ الحكاية، عرفت أنَّها ستصلح لتكون قصة حب، وقصة حرب أيضاً. حكيتُ القصة الحقيقية عدة مرات، كما قيلت لي بالضبط تقريباً، ولم تعجز قط عن إصابة مَن يسمعها بالقشعريرة. عرفتً القصة عندما كنتُ أتسكَّع في الولايات المتحدة في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، كنتُ قد تخرَّجت للتو في كلية جامعة لندن، وكنتُ أعمل غاسل صحونٍ، وعامل ديكور وعاملاً في مزرعة قطنٍ. في منتصف تجوالي في البلاد، وجدتُني أعمل في نزل رخيص في أركنساس، أطلي الغرف وأنظِّف معدات المطبخ (الذي استغرقني إدراك كونه يُستخدَم ماخوراً أسابيع طويلة، ولكنَّني كنتُ شاباً وبطيء الإدراك). كنتُ أقطن مع امرأة إنكليزية، تزوَّجت خلال الحرب من ضابط أميركي، وهاجرت إلى الولايات المتحدة بعد الحرب. كانت هي مَن روى لي القصة، أذكر أنَّ ذلك كان وقت الغروب، في نهاية يوم جنوبي حار رطب، وقررنا الجلوس في حديقتها الخلفية الصغيرة، حيث كانت العصافير تتقاتل على الفتات. انتقل بنا الحديث إلى أخيها، ولم تفارقني القصة التي روتها لي حتى يومنا هذا. كان أخوها يعمل خلف خطوط العدو الألماني في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، كان ضابطاً في الهيئة التنفيذية للعمليات الخاصة (SOE) البريطانية، التي كانت تنفِّذ المهام الاستخباراتية والتخريبية في الأراضي التي يسيطر عليها الألمان. التقى امرأة فرنسية تعمل لصالح المقاومة، ووقع في غرامها، وحملت منه، وعندما انتهت مهمته الاستخباراتية طلب إذناً خاصاً بإحضارها معه إلى إنجلترا. مُنِح الإذن، ووُلِد الطفل، وحصل عميل الهيئة التنفيذية للعمليات الخاصة السابق على وظيفة مكتبية في بلدة صغيرة جنوبي إنجلترا، بينما كان الحلفاء يستعدون ليوم الاستقلال. في صباح أحد الأيام، ذهب إلى عمله، وأخبره قادته أنَّ لديهم أدلة يقينية على أنَّ زوجته، أم طفله، جاسوسة تعمل لحساب الألمان. كان التلميح إلى أنَّها كانت تعمل لحسابهم منذ التقته في فرنسا، وأنَّها تمرِّر المحادثات الحميمية إلى برلين عبر جهاز إرسال واستقبال لا سلكي. أُمِر ضابط العمليات الخاصة، الذي كان قد غادر منزله في الصباح زوجاً سعيداً، بالعودة إلى المنزل وإطلاق الرصاص على زوجته، وتسلَّم مسدَّساً معبَّأً بالذخيرة، وكان إعدامها سيثبت أنَّه لم يكُن يتعاون مع زوجته الخائنة. قيل لي إنَّ الرجل قاد سيارته إلى المنزل مطيعاً للأوامر، وأخذ الطفل من بين ذراعي زوجته، وأرداها قتيلةً. عليَّ أن أقول على الفور إنَّ هذه قصةٌ روتها لي امرأة لا يمكنني التحقُّق من مدى صدقها، وحاولتُ كذلك خلال الأعوام التي تلت معرفتي بالقصة أن أبحث عدة مرات لأعثر على أي إشارة للحادث في الكتب العديدة التي كُتِبت عن الهيئة التنفيذية للعمليات الخاصة، ولم أوفَّق قط. قرأتُ خلال بحثي أنَّ الألمان لم يخرقوا الأمن البريطاني داخل الأراضي البريطانية قط، وقرأتُ كذلك أنَّ الألمان لم يستخدموا (معاوِنات من الإناث قط (رغم أنَّ هال فون، كاتب السير الذاتية الأميركي، زعم منذ خمس سنوات أنَّ مصمِّمة الأزياء كوكو شانيل كانت تنفِّذ عمليات تجسُّس وتجنيد لحساب وكالة الاستخبارات العسكرية الألمانية أبفير Abwehr. إذاً.. هل كانت القصة حقيقية أم لا؟ لم أكُن في ذلك الوقت كاتب نصوص سينمائية، ولا كاتباً من أي نوع، لذا فإنِّ اختلاق قصة كتلك وإخباري بها سيكون أمراً مثيراً للفضول، ما الذي قد يحثُّ شخصاً ما على اختراع سرٍّ مخزٍ يمسُّ الأُسرة؟ إذا كانت محدثتي قد اخترعَتها، فربما كان عليها أن تعمل كاتبةً، ووصلني كذلك انطباع مميز بأنَّ القصة تُروى بعاطفةٍ عميقة، ذكرى أليمة تُروَى. عاد أخوها إلى منزل الأسرة في تلك الليلة مرتدياً زيه العسكري، وغارقاً في دموعه، وروت أنها لم تنسَ قط صدمة رؤية أخيها المهندم في تلك الحالة السيئة. مع تطوُّر عملي في الكتابة، حاولتُ اكتشاف طريقة لعرض هذه القصة على الشاشة، وكنت منشغلاً تماماً بمهام أكثر إلحاحاً، وهكذا ظلَّت القصة منتظرة في صبرٍ، لم تفارق مخيلتي ولو حتى مرة واحدة. ثم كنتُ أعمل منذ 4 أعوام على مشروعٍ مختلف مع براد بيت، والتقينا لمناقشته في حديقة أحد فنادق لندن. انتقلت المحادثة إلى الحملة العسكرية والحرب العالمية الثانية، ثم برزت قصة ضابط العمليات الخاصة التنفيذية، فشجَّعني ردُّ فعل براد على الالتزام أخيراً بكتابة ما سيصير فيلم Allied. تتمتَّع نصوص هوليوود السينمائية بقصص مثيرة للفضول، ويكتب المرء أحياناً نصوصاً ثم يختفي، وفي أحيانٍ أخرى يظن أنَّه اختفى ثم تأتيك مكالمة هاتفية تخبرك أنَّ شخصاً ما قد نفض عنه الغبار، ويريد أن يلقي عليه نظرةً ثانيةً. كانت قصة Allied أقوى قليلاً وكان طريقها إلى الشاشة سلساً نسبياً، وكانت مشاركة شخص بقدرة بوب زيميكيس، مخرج فيلمي Back to the Future وForest Gump، في الفيلم بإخراجه مساعدةً هائلةً بالطبع. استمر التزام براد منذ ذلك اللقاء في الحديقة، وفي رأيي ورأي بوب، لم يكُن من الممكن التفكير حتى في شخصٍ آخر سوى ماريون كوتيار للعب دور الزوجة المنكوبة. لذا، أثمر الصبر، وتجمَّع فريق العمل الذي كان حُلماً بعيد المنال، وصُنِع الفيلم. أُحب الفيلم وأفخر به جداً، وكان من الضروري تغيير القصة كي أجعلها تصلح لتكون فيلماً، وكي لا تكون النهاية التي قرأتَها هي نفسها النهاية التي ستراها على الشاشة. وأعتقد أنَّ التغييرات التي أجريتها على بناء القصة ونهايتها تُنصِف أبطال القصة الحقيقيين. الفيلم استكشاف لشعور رجلٍ وهو يقود سيارته نحو المنزل إلى زوجةٍ يعرف أنَّها خانته، حاملاً مسدَّساً معبأً بالذخيرة في صندوق التابلوه، وهو كذلك دراسة لكيفية مواجهة شخصين يحبَّان بعضهما البعض حقّاً وقائع الحرب. لقد قدتُ سيارتي للتو في جادة Sun Set في قلب هوليوود، ورأيتُ ملصقاً عملاقاً للفيلم. وأخيراً غادر الكلب الشارد من أمام بابا مكتبي. يبدأ عرض الفيلم في دور العرض في 25 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Telegraph البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .