طرحت الدكتورة أميرة قاسم أبو هاشم كتابها الثاني ويحمل عنوان «الاستشراق الفرنسي والسيرة النبوية» ضمن إصدارات «دار النهضة العربية» في معرض الكتاب الدولي المقام حالياً في أرض المعارض. وكشفت أبو هاشم أن «الكتاب يتطرق إلى محطاتٍ تناولَ فيها المستشرقون الفرنسيون سيرة النبي الكريم محمد عليه السلام، وما لهم وما عليهم»، وتمنّت أن يشكل هذا العمل إضافة للمكتبة الإسلامية والعربية وينال استحسان كلَّ من يسعى إلى التبحّر في هذا الشأن. وأضافت: «حاولتُ التحري بحثاً عن الحقيقة التي تمكّنني من المساهمة في الذود عن دين الله الإسلام عقيدةً ومُثلاً، فإن أصبتُ في العمل فلي أجران، وإن أخطات، فأستغفر الله تعالى». ويبحث الكتاب في علاقة فرنسا بالإسلام ونبيّه عليه السلام، وهي قضية قائمة حتى اليوم بعد أن نشأت في القرن العاشر ميلادي حين انكبّ البابا سيلفستر الثاني على دراسة اللغة العربية بهدف فهم الإسلام والتمكن من الرد على المسلمين. وهكذا، كان الفرنسيون أول من ترجم القرآن الكريم على يد بطرس الناسك سنة 1143 م كي يردّوا على ما اعتبروه «هرطقة محمد». وبقدر ما سعى الفرنسيون بعد ذلك إلى دراسة وفهم الإسلام وحضارته بقدر ما آلمت دراساتهم هذا الدين وأساءت فهم سيرة نبيّه. ويشير كتاب «الاستشراق الفرنسي والسيرة النبوية» الى أن «فرنسا الاستعمار» تميّزت بتغلغلها الثقافي المؤثر في الشعوب المستعمَرة، حتى أن البعض تحدث عن فضل فرنسا الثقافي على تلك الشعوب، بيد أن ثمة أهدافاً أخرى كانت تقف خلف هذا النشاط الذي أرسى لغة تلك البلاد حتى بعد مضيّ سنوات طويلة على نهاية زمن الاستعمار واضمحلاله. ورغم شعارات الحرية التي لطالما تمسكت بها فرنسا عبر تاريخها، فإن أصواتاً كثيرة بقيت تنادي من وقت إلى آخر لمواجهة الإسلام والإساءة إلى نبيّه. والأكثر إيلاماً أن 37 في المئة من استطلاعات الرأي التي أجريت عام 2014 في فرنسا أيّدت الرسومات المسيئة إلى النبي، من دون أن ننسى سلسلة من الإجراءات التي كانت سبّاقة إليها بهدف التضييق على المسلمين المتواجدين على أرضها. وفي ضوء كل هذه المعطيات، يعتبر الكتاب توثيقاً أميناً للعلاقة بين الإسلام وفرنسا، وهو يفنّد كيفية تعاطي المستشرقين الفرنسيين مع سيرة النبي محمد عليه السلام، فضلاً عن خلاصات وضعها الكاتب تربط الماضي بالحاضر لتصل إلى حقيقة مفادها أن الاستشراق جزء من قضية صراع حضاري يتوجب علينا فهم طبيعته وكيفية مواجهته بغية الحفاظ على هويتنا والتمسك بزمام الأمور كي نظهر الإسلام على حقيقته شعلةً للحضارة والقيم الإنسانية النبيلة.