هكذا هم قالوا عنه. أما هو فقد قال عن نفسه: قاطعني الناس لأني أحب السلام، وأعارض كل من يدعو للحرب، وقاطعوني لأني استعماري. قوطعت من الآيرلنديين لأني صديق حميم للإنجليز، وقاطعني الإنجليز لأني صديق مخلص للآيرلنديين. قوطعت لأني صديق لليهود، ثم قوطعت لأني لست صديقًا لهم، اتُهمت بأني صديق لهتلر، وطرد هتلر جميع مراسليّ من بلاده لأني عدو له. لا يحبني الجمهوريون لأني لم أؤيد الرئيس (هربرت هوفر)، كما كرهني الديمقراطيون لأني لا أؤيد (روزفلت). والآن قاطعني الاشتراكيون والشيوعيون على السواء. أظن أن هذا سيئ جدًا ولكن لا يهمني في شيء، فإن أرقام التوزيع تَطّرِد ارتفاعًا باستمرار. هذا هو رأي (وليم راندولف هيرست) في نفسه، أو هو ما رآه من سلوك الناس نحوه فلم يهتم بشيء لأن غايته الأولى أن يزداد توزيع صحفه. وكان أبوه صاحب منجم للفضة، ولديه صحيفة لا يهتم بها كثيرًا وإنما تساعده على تحقيق بعض غايات سياسية، فطلب إليه ولده أن يعطيه إياها، فوافق وهو على يقين من أن ابنه يريد الصحيفة ليلهو بها. وبعد سنوات مات أبوه وورث منه سبعة ملايين دولار، ولم يكن يهمه المال ولذلك أنفق بسخاء، فكان يشتري كل شيء، كان يشتري المحررين والمصورين والرسامين الممتازين، واشترى في أواخر سنين حياته التحف النادرة من كل مكان في العالم، وأودعها القصر الضخم الذي بناه لنفسه في عزبته، ومساحتها (270) ألف فدان، أنفق عليها (40) مليونًا من الدولارات وزينها بتحف تكفي لملء متحف كامل، وزود القصر بمطار ومحطة سكة حديد خاصتين وحديقة للحيوانات. وكان يحب أن يشتري كل شيء، كل صحيفة يراها فاشلة يشتريها فيجعل من فشلها قصة نجاح خالدة، فاشترى وأصدر (42) صحيفة في (13) مدينة من مدن الولايات المتحدة، وزاد عدد قرائها في الثلاثينات عشرين مليونًا. فضح رشى رجال (الكونغرس) للصحافيين بالصوت والصورة وفضح فساد جداول الانتخابات، التي أدرجوا فيها أسماء الموتى وحتى أسماء القطط والكلاب. لم يكن مخلصًا في حياته لمبدأ أو فكرة، حتى أن مؤرخًا أميركيًا قال عنه: قابلت خلال الخمسين عامًا الماضية رؤساء للجمهورية وشيوخًا ونوابًا وقضاة للمحكمة العليا وأعضاء برلمان ومحافظين وأصحاب بنوك وصحافيين وعلماء وفائزين بجوائز (نوبل) للعلوم والآداب، فلم أسمع واحدًا منهم لم يقل معي بأن (وليم راندولف هيرست) أفسد الذوق الأميركي وكان عدوًا لكل شيء نبيل، ورغم هذا فإنه كان مخلصًا لغاية واحدة طوال حياته، وهي مهنته التي أحبها ووهب نفسه لها.. الصحافة!