×
محافظة المنطقة الشرقية

“الداخلية” تُنظم الملتقى الاول لمديري العلاقات في امارات المناطق والقطاعات الامنية

صورة الخبر

محمد البقالي-باريس على بعد ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية المقبلة، تخشى فرنسا من ارتدادات نزعة الانكفاء على الذات التي تجتاح أوروبا؛ فالأمر لم يعد مجرد فكرة مقلقة، بعد نتائج الانتخابات والاستفتاءات التي أجريت هذا العام في كل من أوروبا والولايات المتحدة. كما أن هناك العديد من الشواهد، بدءا من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وليس انتهاء بفوز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة، والتقدم المستمر لليمين المتطرف في فرنسا ودول أوروبية أخرى. ويثير كل ذلك قلقا شديدا في أوساط النخب السياسية الأوروبية التي ما زالت تؤمن بفكرة أوروبا موحدة ومنفتحة اقتصاديا وسياسيا على شركائها. الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي يخشى من أن تجرف هذه الموجة فرنسا إلى حضن اليمين المتطرف كان آخر المحذرين من تصاعد الخطاب القومي في أوروبا وفرنسا. ورأى هولاند في خطاب له بالجنوب الفرنسي أن التيار القومي العائد بكل قوة إنما يمثل خطاب "الانكفاء على الذات والانغلاق والخوف من الآخرين". وفي حين أكد أن قوة فرنسا على المستوى الدولي مرتبطة بأوروبا، فإنه تساءل "إذا أردنا الانكفاء ومغادرة أوروبا والانقطاع عن العالم، فماذا سيكون مستقبلنا؟" هذا السؤال لم يعد مجرد نقاش افتراضي؛ فالخروج من أوروبا والعودة إلى ما قبل زمن الحدود المفتوحة واستعادة القرار السيادي، بل والعودة إلى الفرنك الفرنسي عوضا عن اليورو هي بعض مطالب اليمين المتطرف الذي يعيش حالة انتعاش كبيرة حاليا. ولذلك لم تتأخر زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، فطالبت باستفتاء مماثل لذلك الذي جرى في بريطانيا بمجرد صدور نتائجه، وكانت أول من هنأ دونالد ترمب واختفت بانتصاره، وهي في ذلك تدرك أن الأمر يتعلق بحدثين كبيرين يختصران عليها مسافات إضافية في السباق نحو قصر الإليزيه المقرر في مايو/أيار المقبل. وهذا ما عبّر عنه الوزير الأول الفرنسي الأسبق جان بيير رافاران في حديث إذاعي تعقيبا على فوز ترمب، بالقول إنه منذ انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فإن "الجدار العازل الذي كان يقيمه العقل في مواجهة الشعبوية قد تهاوى، وهو ما يعني أن لوبان قد تفوز فعلا بالرئاسة في فرنسا". زوومستينغ: ظروف ومخاوف دفعت الأوروبيين للانغلاق على ذواتهم(الجزيرة) كل شيء ممكن ويعتقد مدير الدراسات في مؤسسة إيسبوس لاستطلاع الرأي ستيفان زوومستينغ أن "تدفق المهاجرين بأعداد كبيرة من أفريقيا والشرق الأوسط نحو أوروبا التي تعيش في ظل ظروف اقتصادية غير جيدة تماما، ومخاوف أمنية أذكتها العمليات الإرهابية، عمّق توجها لدى الأوروبيين بالانغلاق على ذواتهم ومطالبتهم دولهم بإغلاق الحدود أو تشديد مراقبتها". ولا يتعلق الأمر فقط بالمهاجرين القادمين من ثقافات أخرى مغايرة، بل إن فكرة الحدود المفتوحة والقرار السيادي المشترك لم تعد مغرية لكثير من الأوروبيين حتى عندما يتعلق الأمر بالعلاقات في ما بينهم، وهو الأمر الذي تحول إلى مبدأ تُنظّر له أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية التي تعتبر الفكرة الأوروبية انتقاصا من السيادة القومية. هذا الخطاب السياسي يغازل في نهاية المطاف -وفقا لزوومستينغ- حالة غضب تعم الشارع الأوروبي ضد النخب السياسية التقليدية وضد كل المؤسسات، بما فيها مؤسسة الاتحاد الأوروبي، إذا إن عددا متزايدا من الأوروبيين لا يفهمون "لماذا تتخذ القرارات في بروكسيل مقر الاتحاد الأوروبي وليس في باريس أو برلين أو لندن؟" وما يزيد من حالة القلق في فرنسا أن استطلاعات الرأي لم تعد قادرة تماما على استيعاب توجهات الرأي العام بدقة كما حصل في الانتخابات التمهيدية لليمين التي فاز بها مؤخرا على نحو غيرمتوقع فرانسوا فيون الذي كانت كل استطلاعات الرأي تضعه في المرتبة الثالثة، وهو ما يثير مخاوف من نجاحات أخرى غير متوقعة قد تحمل اليمين المتطرف إلى سدة الحكم من حيث لا يتوقع الجميع.