×
محافظة المنطقة الشرقية

معرض للتوعويه بالمضادات الحيوية بمستشفى صبيا

صورة الخبر

المسرحية نجحت في إقامة توازن بين عناصر جعلت للضحك وأخرى تؤكد عمق الرهانات الفنية دون أن يطغى أحدها على الآخر. وبين لحظات يأس وأزمات من بكاء أو ضحك أو أرق، ينمو الحوار بين الرجلين في تناوب بين المفاهيم والتمارين الأساسية التي يقوم عليها التمثيل، وتحوم أغلبها حول الذاكرة الحسية ومخارج الحروف وقابلية تقمص عدة أدوار، قبل المرور إلى إحدى مسرحيات شكسبير، “هاملت”، والوصول إلى مشهدها المركزي “نكون أو لا نكون”، وهو سؤال جوهري يضع ضرورة التمثيل في صلب الحياة نفسها. وتتوالى التدريبات لتثري معيش جيبيتو اليومي كسجين خلف قضبان، فيبحث في أعماق ذاته عن حقيقة نصّ ما، ويروّض ذاكرته، وذاكرته الحسية، إلى أن يصير قادرا على قراءة هاملت، عاريا تحت مشمل أحمر. ومسار تحول جيبيتو، كما شاء له روبير، كان تصعيدا دراميا قويا، أمكن للممثل كاد مراد (واسمه الحقيقي قدور مراد وهو ممثل ومخرج سينمائي من أصل جزائري) عن طريقه أن يكشف عن روحه المرحة التي اشتهر بها في أفلامه، عبر مواقف مسلّية نستشف من خلالها إنسانية الشخصية التي يتقمصها، فيتحول المتفرج من الكوميديا إلى الضحك قبل أن يلج التراجيديا، وحول هذا المراس تنشأ العلاقة بين رجلين يختلفان في كل شيء: الأصول، ومسيرة الحياة، والثقافة، وتصورهما لمفهوم التمثيل. نجحت المسرحية في إقامة توازن بين عناصر جعلت للضحك وأخرى تؤكد عمق الرهانات المطروحة فنيا، دون أن يطغى أحدها على الآخر، مثلما أبدع نيلس أريستروب في دور الممثل المولع بمهنة يعرف خباياها وسلبياتها، وكذلك كاد مراد في تقمص دور الرجل البسيط التائق إلى غاية لا يملك أسباب تحقيقها، فيما ظل باتريك بوسّو، نجم الـ”وان مان شو” في حياته الفنية ملغزا في صمته ليضفي على المسرحية جانبها القاتم، وبذلك وضع المتفرج أمام نبرتين مختلفتين: الكوميديا والتراجيديا، عبر شخصيتين لا يجمعهما أي شيء. والمسرحية في النهاية هي دعوة إلى التفكّر في مفهوم المسرح ومهنة التمثيل، من جهة الأستاذ حينا، ومن جهة التلميذ حينا آخر، فكلاهما ينظر إلى المسألة من زاوية معينة. وهذه الزنزانة التي تحولت إلى مسرح، هل هي كناية على أن المسرح فرصة أمام الإنسان كي يهرب من وضعه ليحلق في عوالم أخرى، أم هو في وجه من الوجوه زنزانة استعارية ينغلق الإنسان داخلها ليوهم نفسه، ولو لزمن محدود، بأنه تجاوز مشاكله الراهنة؟ :: اقرأ أيضاً ماذا يفعل الشعر بكل هذا القبح في العالم كتاب يدرس دور الدراما وعلاقاتها بالتاريخ قصائد نسوية قصيرة خارجة من ألوان غامضة الفرنسي فرنان يبحث في أصول الفكر الإغريقي وتحولاته