توقع مختصون ومحللون نفطيون، أن تواصل أسعار النفط الخام ارتفاعاتها خلال الأسبوع الجاري، بدعم من الأجواء الإيجابية في السوق نتيجة تحرك المنتجين لاتخاذ خطوات فعالة نحو تنفيذ اتفاق الجزائر الخاص بخفض إنتاج دول المنظمة. وتترقب السوق نتائج الاجتماع الثاني للجنة العليا لخبراء الدول المنتجة الذي يعقد في مقر "أوبك" اليوم، لبحث قضية حصص خفض الإنتاج لكل من الدول الأعضاء تمهيدا لتقديم التوصيات النهائية إلى الاجتماع الوزاري لدول المنظمة رقم 171 الذي يعقد في 30 نوفمبر الجاري. وتلقى السوق دعما من الجولات المكوكية التي يقوم بها محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة أوبك في إيران وفنزويلا والإكوادور، خاصة بعد أن أبدى الجانب الإيراني مرونة أكبر وتفاؤلا بتحسن مستوى الأسعار إلى 55 دولارا للبرميل في حالة التوافق على آليات تنفيذ اتفاق الجزائر. كما أسهمت المشاورات غير الرسمية للمنتجين في الدوحة الأسبوع الماضي في تنامي التوقعات الإيجابية، بشأن قرب تحسن الأسعار واستعادة التوازن في السوق، بعد التوصل إلى أول اتفاق لتقييد الإنتاج بين دول المنظمة منذ ثماني سنوات وبالتحديد منذ وقوع الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وفى سياق متصل، أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أننا "في حاجة إلى استعادة الاستقرار في السوق حتى نتمكن من ضمان استدامة الاستثمارات النفطية في المدى الطويل، وهذا الأمر في مصلحة الجميع سواء المنتجين أو المصدرين أو المستهلكين". وأوضح باركيندو في تقرير لـ "أوبك" عن نتائج زيارة الأمين العام إلى الإكوادور ومباحثاته مع الرئيس الإكوادوري رافائيل كوريا، أن الاجتماعات المقبلة للمنتجين، ستكون ناجحة بفضل الاتصالات المكثفة والمشاورات المستمرة التي جرت أخيرا بين مختلف دول الإنتاج، خاصة دول خارج "أوبك" التي أبدت استعدادها لدعم تحركات "أوبك". وأشار باركيندو إلى أهمية استمرار دعم الاستقرار والحوار البناء بين أعضاء "أوبك" والدول غير الأعضاء، لأن استقرار السوق مرهون بتعاون جميع الأطراف والتحرك في منظومة عمل جماعي شاملة. ونقل التقرير عن الرئيس الإكوادوري كوريا تأكيده التزام بلاده بتحقيق "التماسك والتوافق" بين الدول الأعضاء في منظمة أوبك في الوصول إلى سوق مستدامة ومستقرة، مشددا على أنه ينبغي أن تستكمل هذه الجهود من خلال المساهمة الفعالة للمنتجين من خارج "أوبك". ونوه بأهمية تعميق الحوار بين كل الدول المنتجة الأخرى ومواصلة تعزيزه من خلال التفاعلات النشطة والاجتماعات المتواصلة، مشيرا إلى الإنجازات التي تحققت خلال الاجتماع الذي عقد في الجزائر، التي أنتجت "اتفاق الجزائر" الذي يعول عليه الجميع في إعادة التوازن إلى السوق. من جانبه، قال لـ "الاقتصادية" أرورو تاكاهاشى؛ مدير شركة طوكيو للغاز في فرنسا، "إن أجواء إيجابية تسود السوق منذ ختام الأسبوع الماضي، أدت إلى تحسن مستويات الأسعار التي من المتوقع أن تستمر خلال الأسبوع الجاري، خاصة إذا تم الإعلان عن حدوث تقدم ونتائج إيجابية في اجتماعات اللجنة العليا لخبراء الدول المنتجة التي تعقد في فيينا اليوم". وأضاف، أنه "من الواضح أن مباحثات الأمين العام لـ "أوبك" في طهران، قد أحرزت بعض التقدم حيث إن التصريحات الرسمية الإيرانية التي كانت تركز في السابق على ضرورة استعادة الحصة السوقية قبل فرض العقوبات الاقتصادية تطورت نسبيا، وأصبحت تركز على فكرة توافق المنتجين وعلى التوقعات باستمرار ارتفاع أسعار النفط الخام". وأشار إلى أن الاجتماع الوزاري المقبل لـ "أوبك" هو من أكثر الاجتماعات في تاريخ المنظمة التي سبقها عديد من المشاورات والاجتماعات التحضيرية والجولات المتعددة للأمين العام في عدد من عواصم الدول المنتجة، وهو يجعل فرص نجاح الاجتماع كبيرة ويبشر بقرب خروج اتفاق الجزائر إلى النور مصحوبا بخطة تنفيذية متكاملة وشفافة. من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور بيرنارد ماير أستاذ الجيولوجيا في جامعة كاليجارى في كندا، أنه يتفق مع تحذيرات وكالة الطاقة بأن خفض إنتاج "أوبك" يجب أن يكون محدودا بشكل دقيق ومحسوب، من أجل إنعاش الأسعار والاستثمارات، حيث إن ارتفاع الأسعار إلى مستوى 60 دولارا للبرميل سيكون كفيلا بزيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي بكميات كبيرة قد تقود السوق مرة أخرى إلى أزمة تخمة المعروض. وأشار إلى أن تقلبات السوق كانت من أكثر العوامل السلبية المؤثرة في سوق النفط الخام على مدار السنوات الثلاث الماضية، مشددا على أهمية تعاون كل المنتجين سواء في "أوبك" وخارج مراقبة السوق واتخاذ الإجراءات الفاعلة والسريعة والمؤثرة لضبط الأداء والحفاظ على السوق متوازنة بصفة مستدامة. من جانبه، أشار لـ "الاقتصادية" رالف فالتمان المحلل في شركة اكسبرو إلى أنه على الأرجح أن الجانب الإيراني قد يقبل بفكرة تجميد الإنتاج عند مستوى 3.9 مليون برميل يوميا بدلا من خططه السابقة للوصول إلى مستوى 4.2 مليون برميل يوميا، مشيرا إلى أن التوصل الفعلي إلى هذا الاتفاق قد يكون بداية لانطلاق التحرك المشترك للمنتجين وتنفيذ اتفاق الجزائر، ومن ثم استعادة كثير من التوازن المطلوب في سوق النفط الخام. وتوقع استمرار تعافي الأسعار في السوق في الأيام المقبلة نظرا للتفاؤل المحيط حاليا باجتماعات "أوبك" الوزارية الذي ينعقد بعد أقل من عشرة أيام، وذلك على الرغم من استمرار ارتفاع المخزونات النفطية وتنامي أعداد الحفارات النفطية الأمريكية، وهى أبرز العوامل السلبية الضاغطة على الأسعار، لكن تأثيرها أصبح أقل بسبب حالة التطلع والثقة بإمكانية الوصول قريبا إلى سوق تتمتع بالتوازن بين العرض والطلب. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع، ارتفعت أسعار النفط الخام بنحو 5 في المائة على مدار الأسبوع وهو الارتفاع الأول بعد ثلاثة أسابيع من الهبوط، ويأتي هذا في ظل تفاؤل الأسواق بشأن توصل منظمة أوبك إلى اتفاق بشأن خفض معدلات الإنتاج. وجاء ارتفاع أسعار النفط الخام خلال تداولات الجمعة مع تزايد التفاؤل في أسواق النفط الخام أن منظمة أوبك ستتوصل إلى اتفاق مع الدول الأعضاء بشأن خفض معدلات الإنتاج خلال اجتماعها المقبل نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، وهو الأمر الذي ساعد على ارتفاع الأسعار خلال هذا الأسبوع. وفي سياق متصل، ساعدت تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية على ارتفاع الأسعار بعد أن أشار إلى تفاؤله بشأن التوصل إلى اتفاق بشأن خفض معدلات الإنتاج، إضافة إلى اتجاه الأسعار إلى التوازن بعد هذا الإجراء، الأمر الذي دفع أسعار النفط الخام إلى الارتفاع بشكل ملحوظ. الجدير بالذكر أن ارتفاع أسعار النفط الخام في ختام الأسبوع الماضي، يأتي على الرغم من ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوياته في 14 عاما مقابل العملات الرئيسية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلباً في أسعار النفط الخام في ظل العلاقة العكسية بينهما.