تحتفل مملكة البحرين خلال الأسبوع الجاري بيومين عالميين هما اليوم العالمي لحماية الطفل من الإيذاء والإساءة، واليوم العالمي للطفل، حيث تم تحديد موعد الاحتفال بهما في الـ 19 و20 من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، وفقاً لقرارات منظمة الأمم المتحدة، وذلك ليتم تسليط الضوء خلالهما على حقوق الطفل وأهمية توفير الرعاية والحماية اللازمة له. وبفضل التوجيهات السديدة لعاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والمتابعة المستمرة من قبل رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، والمؤازرة الدائمة من قبل ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، تمكنت مملكة البحرين من الارتقاء والنهوض بأوضاع الطفولة في البحرين على مختلف المستويات القانونية والاجتماعية والتربوية والثقافية. وجاء المرسوم الملكي رقم (37) لسنة 2012، بشأن إصدار قانون الطفل ليترجم هذا الاهتمام، ويضعه ضمن أطر قانونية ودستورية تضمن الالتزام بتطبيق مفاهيم حقوق الطفل على أرض الواقع، وتشدد على حماية الطفل من سوء المعاملة من خلال نصوص قانونية ملزمة تتمثل في ضرورة الإبلاغ الفوري عن تعرض أي طفل لحالات سوء المعاملة،وتحديد حزمة من العقوبات الرادعة لكل من يتعرض للطفل بالإيذاء أو سوء المعاملة على اختلاف صورها. وقد قدّم قانون الطفل في مملكة البحرين تغييراً محورياً في آلية عمل مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني من خلال توفير مظلة تشريعية تضمن للطفل الحصول على كافة الحقوق التي نص عليها القانون والدستور. وجاء إنشاء مركز حماية الطفل التابع لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية ليؤكد مدى اهتمام مملكة البحرين بحماية الطفل من سوء المعاملة، حيث يعمل هذا المركز بشكل مستمر لمتابعة جميع البلاغات والحالات الواردة إليه والتصرف حيالها بشكل مهني ومباشر، وذلك بالتنسيق والتعاون مع مجموعة من الجهات الرسمية ذات العلاقة، وهي وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، ووزارة الداخلية، ووزارة الصحة، ووزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى المساهمات المستمرة من مؤسسات المجتمع المدني. وتعمل حكومة مملكة البحرين ممثلة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، على توفير مختلف المتطلبات الأساسية لتنشئة جيل قادر على النهوض بمستقبل البحرين بكفاءة واقتدار، فجاء تدشين الاستراتيجية الوطنية للطفولة في سبتمبر 2013، لتمثل أهم المبادرات التي تتخذها الدولة من أجل تعزيز مكانة الطفل، وحفظ حقوقه الصحية والتعليمية والاجتماعية، ولتسترشد بها الدولة في وضع خططها وبرامجها الخاصة بالطفل، وقد تم وضع الاستراتيجية المذكورة بالتعاون بين اللجنة الوطنية للطفولة، وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، ومكتب دول الخليج العربي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، إضافة إلى خبراء أكاديميين وأولياء أمور، مع إشراك الأطفال أنفسهم في ذلك. وتتمثل الرؤية الخاصة بالاستراتيجية الوطنية للطفولة في توفير بيئة آمنة وملائمة لتنمية قدرات الأطفال، وإيجاد مجتمع يتمتع فيه الطفل بحياة كريمة مستدامة، وتكفل له مشاركة فاعلة قائمة على المساواة والاحترام من خلال تطوير مجموعة منسجمة من السياسيات والبرامج للسنوات القادمة، والتي تعنى بالنواحي الجسمية والمعرفية والاجتماعية والانفعالية، حيث ترتكز الاستراتيجية على أربعة محاور رئيسية متمثلة في الحق في الصحة والبقاء، والحق في التعليم والنماء وبناء القدرات، والحق في الحماية، والحق في المشاركة وعدم التمييز، مستمدة ركائزها من الأسس الدستورية القائمة على احترام حقوق الانسان، وتكافؤ الفرص بين الجنسين، وإدماج ذوي الإعاقة. وتم ترجمة هذه الاستراتيجية إلى خطة عمل تنفيذية تضمنت العديد من الأنشطة والبرامج التي تهدف إلى تنمية القدرات والمواهب لدى الأطفال والناشئة، فضلاً عن إنشاء أندية خاصة تعمل تحت مسمى أندية الأطفال والناشئة، يمارس فيها الأطفال والناشئة أنشطتهم، بهدف تنمية ثقافة الطفل والناشئ البحريني من جميع النواحي البدنية والفكرية والفنية والعلمية. وهناك العديد من الجهود المبذولة على المستوى الرسمي لتوفير متطلبات تطبيق قانون حماية الطفل، منها خط نجدة ومساندة الطفل 998، وبيت بتلكو لرعاية الطفولة، والحضانة الأسرية في دار الامان، حيث تقوم هذه المؤسسات على حماية الطفل، إلى جانب مركز حماية الطفل سالف الذكر، بتوفير الأرضية اللازمة للدفاع عن الطفل من قبل المحامين والاخصائيين النفسيين الذين يعالجون اضطرابات الأطفال وإعادة إدماجهم في المجتمع. كما تم تنفيذ وتطوير البرامج التنموية المبنية على نتائج دراسات التقصي ومسوحات الاحصاءات الاجتماعية من خلال إعداد التقارير الوطنية الدورية لتقديمها إلى لجنة حقوق الطفل في جنيف، حيث تم تكليف اللجنة الوطنية للطفولة لتهتم بالنهوض بمستوى الطفولة البحرينية منذ العام 1999. وأصدر مجلس الوزراء قرار رقم (4) لسنة 2016 بإعادة تشكيل اللجنة الوطنية للطفولة المشكّلة من ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الرسمية والجمعيات الأهلية المعنية بالطفولة، والتي تختص بكافة الأنشطة والأمور ذات الصلة والعمل على تنميتها في كافة المراحل العمرية، والسعي لتوفير الحماية التشريعية للأطفال في مختلف المجالات، ورصد ودراسة المشاكل والاحتياجات الأساسية لهم واقتراح الحلول المناسبة، وذلك تأكيداً لوضع قضايا الطفولة في سلم الأولويات، علماً أن الأطفال يشكلون 27 في المئة من إجمالي حجم السكان في البلاد، وفقاً لإحصائيات الجهاز المركزي للمعلومات. وتجدر الإشارة إلى حرص مملكة البحرين على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية التي تدخل في اطار حماية وصون حق الطفل، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي صادقت عليها مملكة البحرين في العام 1992. كما أبرمت المملكة اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم مع المنظمات الدولية واللجان التابعة لها المعنية بالطفل، والتي من أهمها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وذلك من أجل ضمان حقوق الطفل دون تمييز، وأن مصالح الطفل الفضلى تشكل دائماً الاعتبار الأساسي في الإجراءات المتعلقة بالطفل. كما تعمل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على دعم منظمات المجتمع المدني ومشاريعها الخاصة بالطفولة لتحقق للدولة التزاماتها تجاه أطفالها وتجاه المواثيق الدولية. وباهتمام متوازٍ، فإن الأطفال من ذوي الإعاقة يتمتعون بعدد من المميزات المتمثلة في توفير الحماية الشاملة لهم كبقية أفراد المجتمع، حيث تعمل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على صرف مكافآت مالية لهم، وتوفير كافة أنواع الرعاية بما في ذلك العلاج والتعليم والتأهيل مجاناً، إضافة إلى توفير الأجهزة التعويضية والمعينات السمعية وتجهيز المؤسسات والمراكز التي تقدم كافة برامج الرعاية والتأهيل والتعليم لذوي الإعاقة، فضلاً عن منحهم البطاقات التعريفية للحصول على التسهيلات المناسبة لأوضاعهم. وإيماناً من مملكة البحرين بأهمية صون حقوق الطفل ومراعاة احتياجاته النفسية والاجتماعية والتربوية الخاصة، فقد استمرت في التزاماتها الدولية والإنسانية في مجالات حماية الطفل ورعايته، وتقديم كل الآليات التنفيذية الكفيلة بضمان حصوله على كافة حقوقه التي ضمنتها له كافة القوانين والشرائع الإنسانية.