×
محافظة الجوف

بلدية القريات تصادر "كاكا" إسرائيلية المصدر

صورة الخبر

الرياض: بدر الخريف يعرف الباحث والمؤلف السعودي محمد بن عبد الرزاق القشعمي باشتغاله على جمع ورصد عدد كبير من سير رواد وأعلام الصحافة السعودية، وتوثيق سير أكثر من 370 شخصية ضمن مشروع التاريخ الشفهي في السعودية. وهو مؤلف أثرى المكتبة العربية بمؤلفات لامست الثلاثين، مع مؤلفات أخرى شارك بها وصلت إلى 28 مؤلفا، كما أشرف على إصدار العشرات من الكتب وقدم لها، وكتب مقالات ودراسات في الصحف والمجلات تناولت موضوعات أدبية وثقافية وسيرا لشخصيات ورصدا للتحولات في بلاده، وتاريخ الصحافة، فيما يمكن تسميته بالرصد الببليوغرافي الموثق، والتاريخ الشفهي الغائب، ليصبح القشعمي راصدا دقيقا لتاريخ أهمله التاريخ. التقينا الباحث محمد عبد الرزاق القشعمي في الرياض حيث يقيم وأجرينا معه الحوار التالي: * كيف ترد على من يقول إن أغلب كتبك عن السير هي (سيرة تبجيلية) وأحيانا انتقائية.. فهي لا تتضمن المحطات السلبية أو الأخطاء التي وقعت فيها الشخصية.. وبالتأكيد لا تتضمن نقدا لأي محطة من مشوارها؟ - قلت في مقدمة كتابي عن أستاذنا الفاضل عابد خزندار إنني لا أكتب عن أحد إلا لمن أحب، ومن حقي أن أبجل من أحب.. ولم أكتب إلا لمن يستحق التبجيل لما قدمه لمجتمعه ولوطنه. قل لي من كتبت عنه وهو لا يستحق. لقد كتبت عن سليمان الدخيل وعبد الكريم الجهيمان وأحمد السباعي وعبد الله الوهيبي ومحمد صالح نصيف وعبد الرحمن منيف وعابد خزندار وأخيرا حمود البدر. فأنا لا أمدح لمجرد المدح بل أعرض ما تيسر لي من معلومات عن الرجل وأقدمها للقارئ، فله أن يأخذها أو يرفضها، فأنا ما زلت معجبا بمن كتبت عنه وفي النية غيرهم إذا كان في العمر بقية. * حدثنا عن مشروع تسجيل «التاريخ الشفهي للسعودية» إذ أجريت لقاءات مع كبار الأدباء ورجال العلم والتعليم والمال والسياسة. كم بلغ حجم السير التي وثقتها؟ - التاريخ الشفهي بدأت به قبل عشرين سنة عند التحاقي بمكتبة الملك فهد الوطنية وبمجهود وتشجيع من أول أمين لها الدكتور يحيى محمود بن جنيد (الساعاتي) جرى التسجيل مع من وافق؛ إذ غيرهم وعد وأخلف أو تعذر. بدأت بأستاذنا الراحل عبد الكريم الجهيمان سجلت معه في الاستديو بالمكتبة وأكملت معه في مكتبته بالمنزل ثم دعوت معجب الزهراني وعبد الله المعيقل وعبد الله حسين آل عبد المحسن في شكل ندوة كل واحد تولى جانب من أعمال وإبداع الجهيمان، وبعد سنوات سمعت منه أشياء لم يبح بها فدعوته مرة أخرى وسجلت معه، وكنت أنوى أن يكون التعامل مع الآخرين على هذا المنوال، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، المهم سجلت مع نحو 370 شخصا من مختلف أنحاء المملكة منهم من قدم للرياض ومنهم من سافرت له في مكة وجدة وحائل والقصيم وغيرها، ثم كانت الفرص في من يحضر في المناسبات (معارض، مهرجانات، احتفالات) نستغل الفرصة ونسجل معه قدر المستطاع. نصف من سجلت معهم قد رحلوا. * ترحال الطائر النبيل * تتبعت سيرة الروائي الراحل عبد الرحمن منيف، وضمنت سيرته في كتابك «ترحال الطائر النبيل» حدثنا عن هذه التجربة؟ - عرفت الروائي الراحل عبد الرحمن منيف في معرض دمشق الدولي للكتاب عام 1991 وكنت قد قرأت له وعنه وتوثقت العلاقة وبدأت أجمع ما كتب عنه وما كتبه في الصحافة ولم يجمع في كتاب واستفدت من كتابه «الكاتب والمنفى» ففيه لمحات من سيرته وهجرة والده من القصيم إلى الشام ثم وجدت في روايته «سيرة مدينة» ما شجعني أكثر.. والحمد لله أنجز العمل في حياته «ترحال الطائر النبيل»، وقال لي شاكرا إنني أسديت إليه خدمة، فعندما يسأله أحد عن بداياته أو سيرته يكتفي بإعطائه الكتاب. وفي هذا العام ستجد الطبعة الرابعة من الكتاب الذي يحمل عنوانا آخر هو «عبد الرحمن منيف في ذكراه العاشرة»، إذ مضى على رحيله عشر سنوات، بمقدمة وافية من شقيقته حصة التي تؤكد أن والدتهما «نورة السليمان الجمعان» فوالدها من قرية (روض العيون) بقصيبا – القصيم، وليس كما يقال إنه من أب نجدي وأم عراقية. * كانت لديك ورقة عن عبد الرحمن منيف كنت تعتزم طرحها في ملتقى نادي القصيم الأدبي في أكتوبر (تشرين الأول) 2012 عنوانها «عبد الرحمن منيف والتحولات الثقافية»، استبدلت بها ورقة أخرى بعنوان «رائد الصحافة النجدية.. سليمان الدخيل». - هذه الورقة التي حيل بيني وبين إلقائها في ملتقى النادي الأدبي بالقصيم ألقيتها في الملتقى الثقافي الثاني عشر لـ«مجلة العربي» بالكويت في العام الماضي، وستجدها بالطبعة الجديدة. * ما رأيك أنت باعتراض عبد الرحمن منيف على نشر هاشم الجحدلي سلسلة لقاءاته مع منيف، إذ أصدر بعد نشر الحلقة الثالثة بيانا ساخطا ينتقد ما نشر ويطالب بوقفها فورا ويهدد باللجوء إلى القضاء، في حين قال هاشم الجحدلي لـ«الشرق الأوسط» إن لقاءاته مع منيف «شهد عليها محمد القشعمي وآخرون»؟ - بالنسبة إلى اعتراض منيف على ما بدأ بنشره هاشم الجحدلي في جريدة «عكاظ» من سلسلة مقالات عن سيرته ومسيرته، ونشره خبرا يعترض فيه ويهدد برفع دعوى عليه، فهذا لم يكن من منيف نفسه بل من زوجته؛ إذ كان وقتها مريضا بالمستشفى ولم يكن فيما نشر ما يستفز، إلا أنها غير راضية من البداية، ولهذا نشرت باسمه ما فهم منه أنه شكوى واعتراض، وكنت صالح بوحنية مدير جمعية الثقافة والفنون بالدمام برفقة الجحدلي عند مقابلته له بمنزله بدمشق قبل وفاته بعدة أشهر. * بدايات جيل الصحافة * سجلت سلسلة من سيرة «البدايات»، وتتبعت أعلام الصحافة السعودية في مختلف مناطقها.. كيف تمايزت تجربة الصحافة السعودية؟ - أميل بل أكاد أتهم بأنني منحاز لفترة «صحافة الأفراد» 1343 - 1383هـ، كان ذلك هو العصر الذهبي للصحافة المبكرة؛ إذ كانت تترجم الواقع وتنشر ما يؤمن به كاتبها دون رقيب، وكان سقفها عاليا. وهدفها رفع مستوى الوعي لدى المواطن، والمطالبة له بما ينقصه من خدمات صحية وثقافية وعلمية ومواصلات وغيرها.. وأتذكر قبل ستين سنة أن أهم صفحة في جريدة «اليمامة» هي التي تحمل عنوان «مطالب المدن والأقاليم»، فكان أدباء اليوم، وقسم قد رحل، يتبارون في نشر ما ينقص مدنهم وقراهم. * لماذا تقدمت التجربة الصحافية في أماكن كالمنطقة الغربية عن بقية المناطق؟ - سبقت المنطقة الغربية (مكة وجدة والمدينة) بقية المناطق بسنوات طويلة لأسباب أهمها: وجود الحرمين الشريفين، وقرب البحر، ووجود مقرات السلك الدبلوماسي والقنصليات الأجنبية في جدة، ودخول المطابع لمكة من عام 1300هـ وبداية صدور الصحف والمجلات في العهد التركي وعهد الأشراف، وفور دخول الملك عبد العزيز لمكة في 7-5-1343هـ صدرت جريدة «أم القرى» في 15-5-1443هـ بديلا لجريدة «القبلة» التي كانت تصدر أيام الأشراف وقبلها جريدة «حجاز» في العهد التركي. * كيف ساهم التواصل مع الجوار العربي (العراق ومصر والشام) في إثراء النهضة الأدبية وحركة الصحافة في السعودية؟ - لا شك أن دخول صحافة الجوار (العراق، الشام، مصر وغيرها) إلى الحجاز في وقت مبكر، وسفر البعثات الدراسية الأولى لمصر وغيرها أكسبا الرعيل الأول خبرة ومعرفة بالسلطة الرابعة، ونقلوا ما شاهدوه إلى واقعهم، فعلى سبيل المثال أثر ذلك في شخصيات بينها: عبد الله عريف، وحمد الجاسر، وأحمد عبد الغفور عطار. فقد كان العريف قد أعجب بالصحافيين المشهورين وقتها بمصر: محمد التابعي («آخر ساعة») وفكري أباظة («المصور») وبمجرد نهاية الحرب، نجده يتولى رئاسة تحرير «البلاد السعودية» التي صدرت بديلا لما كان يصدر قبل الحرب «صوت الحجاز» ويدخل مفاهيم جديدة لم تكن مألوفة ويأخذه الحماس ليحولها من أسبوعية إلى مرتين فثلاث فيومية، فهي أول جريدة تصدر يوميا قبل ستين سنة. ومن الطريف أن أذكر أنه مر بالحرم ووجد عبد الله بن خميس وعبد العزيز المسند (الطالبين بكلية الشريعة) عام 1372هـ يذاكران في الحصوة فطلب منهما أن يزوراه في مقر الجريدة فوق باب «الزيادة» حيث طلب منهما أن يقتطعا جزءا من وقتهما ليصححها المقالات «البروفات» قبل الطبع مقابل صحن فول وخبزة تميس، ولم يكن هناك مكان سوى «كسرة الدرجة» ليعملا تحتها. * هل كان هذا هو المدخل الذي ولج منه ابن خميس إلى صحيفة «اليمامة»؟ - نعم.. لقد كسب الشيخ ابن خميس خبرة من خلال عمله مصححا في جريدة «البلاد السعودية» أهلته للإشراف على طبع مجلة «اليمامة» عند انتقال طباعتها إلى مكة بعد أن كانت عند صدورها تطبع في القاهرة، فكان ابن خميس يشرف على طباعتها وهو في السنة الأخيرة من الكلية عام 1953، وجرى ذلك بعد أن وجد الشيخ حمد الجاسر فيه ضالته إذ قرأ له مواضيع منها كتابته في البلاد السعودية عن بلدته (الدرعية) وقصائد المناسبات؛ فكان يكتب افتتاحية «اليمامة» ويوقعها بالحرفين الأولين من اسمه (ع. خ). * لكن مسيرة الصحافة السعودية لم تكن على وتيرة واحدة، فهناك مناطق كان لها السبق. - طبعا المنطقة الغربية سبقت الشرقية والوسطى بسنوات طويلة إذ لم تطبع «اليمامة» في الرياض إلا في شهر رمضان 1374هـ قبل أن تتحول إلى جريدة وفي الوقت نفسه تصدر جريدة «أخبار الظهران» في 1-5-1374هـ برئاسة عبد الله الملحوق ثم عبد الكريم الجهيمان بالدمام. وبالنسبة لأداء هذه الصحف فقد كان متفاوتا.. فلا ننسى جرأة بعض الصحف، مثل «الأضواء» بجدة و«الفجر الجديد» بالخبر وفضحهما لبعض ممارسات الشركات وبالذات «أرامكو»، وعدم إنصافها للعمال السعوديين بمساواتهم بغيرهم وبتوفير السكن والمواصلات والإعاشة المناسبة، مما سبب إيقافهما عن الصدور. * هل هناك أسباب محددة أثرت في ظهور الصحافة هناك..؟ - بالنسبة للمنطقة الشرقية أدى وجود التجمعات العمالية والشركات الجديدة إلى ظهور صحف في وقت متقارب مثل «الفجر الجديد» و«الإشعاع» و«الخليج العربي» بالخبر، و«أخبار الظهران». ولا شك أن وجود الجاسر والجهيمان في الحجاز للدراسة وبداية نشرهما في صحفها في وقت مبكر، ثم سفر الجاسر إلى القاهرة للدراسة في كلية الآداب قبل الحرب العالمية الثانية وسفر الجهيمان برحلة طويلة إلى لبنان ومصر ثم أوروبا وبالذات باريس لأشهر تقرب من السنة قد أكسبتهما خبرة ومعرفة أهلتهما لريادة هذا المنبر الإعلامي. صحيح أن هناك من أبناء نجد من سبق من ذُكر مثل سليمان الدخيل الذي غادر بريدة شابا يافعا إلى حيث عمه جار الله ببغداد وتعلم على يد العالم الألوسي ثم سافر إلى الهند فعمل وتعلم لدى التاجر عبد الله الفوزان، وبعد عودته إلى بغداد رغب عمه وشجعه على إصدار جريدة «الرياض» عام 1910 وتوقفت عند بداية الحرب العالمية الأولى، وغيره مثل سليمان الزهير وعبد اللطيف الثنيان.. إلخ.