×
محافظة المنطقة الشرقية

حاخامات يقودون اقتحاماً جديداً للمسجد الأقصى

صورة الخبر

«أصبت بالدهشة أمام لوحات فليكس فالوتون.. كنت في نهاية مراهقتي.. كانت اللوحة أكثر عنفا من ألوان باردة تحملها.. بل أحيانا أجدها أكثر قساوة.. رافقتني منذ ذلك الحين. فأصبحت حاضري اليومي ورفيقي في عزلتي.. لوحات فالوتون لا تمنحني اللحظات الكاذبة.. ولا تقذفني بالأوهام.. ولا تخدعني ببريق العينين.. فقط أشعر أنها تمنحني الدعم الدائم والنور حين يشتد الظلام». هكذا حاولت مارلين ديسبيول، الروائية الفرنسية، أن تبوح بما يختلج داخلها من دهشة أمام ألوان الرسام الشهير فيليكس فالوتون. أرادت أن تقول إنها تجد معنى جادا في تلك اللوحات من خلال إصدارها الأخير عن دار le seuil بعنوان: «فالتون غير مقبول». الكتاب جاء في 43 صفحة من القطع المتوسط، مرفقا بصور للوحات فيليكس فالوتون وصدر في شهر سبتمبر من سنة 2013. قدمت الروائية الفرنسية مارلين ديسبيول الرسام السويسري الذي عاش بفرنسا، بحلة جديرة بالاهتمام في كتاب قال عنه النقاد إنه أنصف فيليكس فالوتون. الكتاب يقدم قراءة في أعمال الفنان التشكيلي السويسري الأصل. وقد لقي رواجا شاسعا بفرنسا وسويسرا لما تميز به من سلاسة في الكتابة والتوصيف الدقيق من الروائية للوحات الفنان الذي عرف اسمه ولم تشتهر لوحاته.. الروائية كثيرا ما استعملت لغة الحوار الداخلي في محاولة لتوصيل مقاربة فنية للقارئ ليبحث في تلك اللوحات بنوع من الخيال العميق. مارلين ديسبيول التي دائما تتبنى أسلوب البحث عن المعنى وعن التاريخ، تطرز جملها برفعة وبدقة، وتخترع في الوجود دهشة لا مثيل لها، فتحيط القارئ بهالة من الغوص في الخيال حتى تجعله يصدق تلك اللحظات مع حروفها.. كاتبة تلتمس طريقها بجدية، وبالبحث، وبالشعور الذي يهرف من الألوان كينونة الانتماء لها، تأخذ الحياة على محمل الجد، وتداعب الكتابة بشيء من التقصي ولا تضمر للفكرة أية مخزون غير ذاك الذي تكتشفه.. تقول مارلين ديسبيول بداية الرواية: «أولئك الذين يعودون. ليس هناك ما يزعج أكثر من تلك المتاعب الكاذبة، بطبيعة الحال. هذه ليست بداية جيدة. وليس هناك شيء مزعج أكثر من قصة حلم، وليس هناك اعتراض على قراءة هذا الحلم والذي هو حلم رواية كتب في وقت مضى.. رواية مثالية.. ومكتملة». لا تختزل الكاتبة الفرنسية أي جملة لتنصف بها تلك الأعمال التي رأت فيها الإبداع الحقيقي المعبر عن الواقع، بل تذهب إلى أبعد من ذلك حين تعترف أن دفء تلك الألوان لا يمكن الشعور به إلا إذا لامس البرد أطراف دواخل الإنسان.. لحظتها فقط ندرك قيمة وندرة أعمال فالوتون.. الكتاب صدر بفرنسا عن دار لو سوي في شهر سبتمبر، وفي شهر أكتوبر أقيم معرض كبير بالقصر الكبير بفرنسا للوحات فليكس فالوتون، استمر إلى غاية نهاية شهر جانفي 2014. يشار إلى أن فيليكس فالوتون Vallotton، هو فنان تشكيلي غير قابل للتصنيف، حيث كانت أعماله الرائعة موضوع معرض مهم في القصر الكبير بالشانزليزيه منذ شهر أكتوبر 2013 إلى يناير عام 2014. اسم Vallotton، في معظم الأحيان، كان يعني ما يعني، ولكن معظم لوحاته غير معروفة نسبيا. ولد فيليكس Vallotton في لوزان في عام 1865، وتوفي في باريس في عام 1925. تجنس بالجنسية الفرنسية دون أن يتخلى عن الجنسية السويسرية الأصلية. بقي طويلا في المنفى، المنفى الذي كان في الوطن وجسده أيضا في لوحاته. كان فالوتون فريدا من نوعه، غير قابل للتصنيف ولا للتوصيف وغير مقبول في محيطه. كان معجبا بالرسام الفرنسي صاحب المدرسة الانطباعية بول سيزان، ولكنه لم يقتد به، فلم يشأ أن يكون تابعا، بل أراد أن يكون له أسلوبه وطابعه.. ورغم ما قيل حول لوحاته بأنها فاترة وباهتة، إلا أنه في واقع الأمر كان يرفض أن تكون أعماله جذابة، بل أبدا لم تكن محايدة، كانت عنيفة حد القساوة، تذلل الكبرياء وتتمرد في حد ذاتها عن المألوف، فتصبح غير قابلة للاسترداد.. زواجه من البرجوازية ابنة تاجر في اللوحات الفنية أدى إلى تخلي أصدقائه عنه كونه اعتبر خائنا. فأصبح منبوذا في محيطه. فقضى وقته بين الريشة والألوان، فظهرت لوحاته مميزة لا تسرد التاريخ، ولا تخترق الخيال ولا تذر الرماد في العيون ولا تصيبها بالبريق المزيف.. ولكن وحدها أعمال فالوتون، تقول مارلين ديسبيول، «تجعل الإنسان يشعر بنورها عندما يشتد الظلام».