×
محافظة المنطقة الشرقية

كبريات شركات الطاقة تتجه نحو العالم الرقمي

صورة الخبر

«قبل أن ينقرض الحب»... حسناً، ولكن هل سينقرض الحب فعلا؟ لا.. فالحب هو ملاذ البشرية الأول وخلاصها الأخير، وفي عنوان شعري كهذا إشارة إضافية لافتة إلى خلود الحب ليس كقيمة إنسانية عالية وحسب بل أيضاً كضرورة أخلاقية وجمالية في الحياة وفي الشعر. وإذا كان هذا العنوان يمهد لحكايات شعرية ملحة لا بد من سماعها قبل أن ينقرض الحب، فالمتلقي سيشعر من مجرد قراءته لهذا العنوان أنه على موعد مع الحب في خلاصته الأخيرة. بين أيدينا الآن إذن تجربة لا أظن أنها مسبوقة في مكتبة الشعر العربي حيث يجتمع ثلاثة شعراء لينشروا كتاباً شعرياً واحداً من دون أن تطغى قصيدة على أخرى ولا اسم على آخر، ولعل في هذا التجاور المتناغم بين قصائد الشعراء الثلاثة صورة شعرية مستقلة بذاتها، ونوعاً شفيفاً من أنواع الحب.. رغم أن الحب كله شفيف أساساً. في الكتاب، الذي صدر عن الدار العربية للعلوم في بيروت قبل أكثر من عام، ثلاث سواقٍ للشعر تنبع من الحب وتعود لتصب فيه في حركة سمفونية مركبة تتصاعد إلى سماوات روحية عالية أحياناً، وتهبط أحياناً أخرى لتغوص في مياه الأنهار وطين البشر، من خلال تجارب متنوعة تتقاطع فيما بينها ثم تعود لتتوازى في خطوط مستقيمة لتصل إلى ذات النقطة في النهاية. ولا وصول حقيقي أو نهائي للشعر. يحيى السماوي وبلقيس الملحم وعلوان حسين يثبتون هنا، ربما من حيث لم يكن قصدهم الحقيقي، أن الشعر نبتة تطلع من أرض القلب ولتصير هي جغرافيا الروح. ورغم أن القصائد كلها، تأتلف في خيط النزق العراقي الشهير إلا أن هذا لا يجعل منها قصائد منتمية لأرض أو وطن معين، فشاعرة من السعودية وشاعران من العراق ينجحون في كتابة مجموعة من النصوص الشعرية بسياقات فنية صرفة فلا يكاد يشعر المتلقي باختلاف المنابع والمشارب. إنهم يعزفون هنا أنغام أغنية واحدة مؤثثة بالشجن الموروث ومسوّرة بالأناقة الراقية، حيث تنساب بثلاث آلات موسيقية متجاورة بشكل دقيق من دون أن تفقد عفوية الشعر ولا دهشة الخلق فيه، فهي تجربة على سبيل الخلق والدهشة ككل التجارب الشعرية الكبيرة، لتقول لنا في كل عبارة شعرية من عباراتها إن الحب لن ينقرض لأنه غير قابل لذلك لا في الشعر ولا في الحياة. قدم بهذه المجموعة الشاعر هاتف جنابي بكلمة نقدية موجزة قال فيها: «نحن أمام تجربة شعرية مختلفة ونادرة، تتمثل في تعددية شعرية صوتية: تعددية شعورية تلتقي في مجرى واحد. عند ينبوع يتدفق، تنطلق منه لتعود إليه، فيصير معبداً، وفضاءً فسيحاً. إنه جغرافيا الحب التي لا تحدّها حدود، لأنها محور الحياة والآخرة»... وربما لهذا بالذات.. لأن الحب محور الحياة ومحور الآخرة فلن ينقرض أبداً. خذوها من الشعراء الثلاثة.. ومني أنا أيضاً.