طهران: «الشرق الأوسط» أعرب مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، أمس، عن قلقه إزاء القضايا الثقافية، وأشار إلى أنه يشاطر أعضاء مجلس خبراء القيادة القلق بشأن المسائل الثقافية في البلاد. وأكد خامنئي خلال استقباله أعضاء مجلس خبراء القيادة في إيران أمس على ضرورة «اهتمام المسؤولين بالثقافة الدينية والثورية في البلاد». وأضاف «لقد أدى الانحطاط الأخلاقي وتجاهل مبدأ الإنسانية وظهور هوية الثقافة الغربية إلى زعزعة الهدوء الظاهري في معسكر الاستكبار». وزاد قائلا «تتجلى مظاهر فشل الثقافة الغربية في انتشار ثقافة القتل والعنف، والفساد، وعدم الالتزام بالمبادئ الأخلاقية في انتشار زواج المثليين، والدعم الواضح للإرهاب الداعي للعنف في المنطقة، والإساءة إلى المقدسات الدينية ورموز الدين الإسلامي». وتابع مرشد الجمهورية الإسلامية أنه «يتعين على الحكومة المحترمة (بقيادة حسن روحاني) الانتباه إلى هذا الأمر، كذلك يجب على المسؤولين الذين يتولون الشؤون الثقافية الانتباه إلى أدائهم، لأن القطاع الثقافي لا يتحمل عدم الاكتراث». وأثارت القضايا الثقافية مثل الإنتاجات السينمائية، والخطوط الحمراء المرسومة لوسائل الإعلام، وانتشار الكتب خلال الأشهر الأخيرة، جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والسياسية في إيران. ولقي تجسيد بعض الشخصيات الدينية في الأفلام السينمائية، وفرض الرقابة على الكتب، والأهم من ذلك تأكيد وزير الثقافة الإيراني على ضرورة رفع الحظر عن موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ردودا حادة من التيار المحافظ. وأبدى مرشد الجمهورية الإسلامية مرارا قلقه العميق من السياسات الثقافية في إيران. وانتقد خامنئي في التصريحات التي أدلى بها خلال جلسة شارك فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الثقافة علي جنتي في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 2013 «بعض الأقوال غير المسؤولة بشأن ضرورة توفير الحريات الثقافية على غرار الدول الغربية، وأكد على ضرورة وضع الخطط، وإعطاء التوجيهات، والإشراف على أداء الحكومة في الشؤون الثقافية». وأضاف خامنئي آنذاك أن «تولي الشعب الشؤون الثقافية لا يلغي مهمة التوجيه والإشراف الحكومي على هذا القطاع. لا تنفي مساهمة الحكومة في الأمور الثقافية المشاركة الجماهيرية في هذا القطاع». وأكد الرئيس الإيراني ورئيس المجلس الأعلى للثورة الثقافية حسن روحاني في تلك الجلسة على ضرورة تولي المثقفين للشؤون الثقافية. من جانبه، قال جنتي، خلال الجلسة التي انعقدت في ديسمبر (كانون الأول) 2013، إنه «يتعين على الناشرين القيام بمهمة الرقابة على الكتب» لكن هذه الأقوال لم تطبق على أرض الواقع حتى اللحظة. وصرح وزير الثقافة الإيراني في حوار تلفزيوني في يناير (كانون الثاني) الماضي بأن «الحكومة الجديدة (بقيادة روحاني) ستنتهج سياسة تقوم على أساس توفير الحريات للصحافة، ونشر الكتب، وإنتاج الأفلام». وزاد قائلا «نسعى لانفتاح الأجواء للفنانين والوسط الثقافي لممارسة نشاطاتهم». واعتبر حسن روحاني خلال كلمة ألقاها في يناير 2014 أن «تصنيف الفنانين إلى الملتزمن بالقيم الإسلامية وغير الملتزمين بالقيم الإسلامية غير صحيح، لأن الفن في حد ذاته يحمل قيمة كبيرة». وقال روحاني إن «هيمنة الأجواء الأمنية على قطاع الثقافة لا تجوز، وإن الحكومة لا تسعى للتدخل في الشؤون الفنية». ويبدي المتشددون في إيران قلقهم من تجاهل الحكومة الجديدة لتحذيراتهم. واعتبرت جريدة «كيهان» المحسوبة على المتشددين في عددها الصادر يوم 11 يناير 2014 أن «بعض الفنانين عبارة عن عشب ضارة، فنانن غر حققن». وخاطبت الجريدة في هذا المقال الرئيس الإيراني وقالت «لا يتوقع منك أن تعتمد سياسة ذات توجهات علمانية في القطاع الفني». وقال مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي، في تصريحات أدلى بها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، إن ظاهرة «الغزو الثقافي» تحولت إلى حقيقة كان قد حذر منها منذ سنوات، إذ تتحدث الشخصيات الثقافية في الدول الأوروبية عن «الغزو الثقافي الأميركي» في بلدانهم. وقال عضو مدرسي الحوزة الدينية في قم المقدسة والأستاذ الجامعي في جامعة مفيد في مدينة قم، محمد تقي فاضل ميبدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس، حول تصريحات مرشد الجمهورية الإسلامية، إن «تحذيرات المرشد حول السياسات الثقافية لم تقتصر على الحكومة الحالية بل سمعنا تصريحات مماثلة في فترة ولاية محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد الرئاسية. لقد حذر المرشد المسؤولين في القطاع الثقافي مرارا من الغزو الثقافي الأجنبي للبلاد. لقد انشغلنا للأسف خلال السنوات الأخيرة بالصراع والمعارك السياسية بين الأجنحة والتيارات السياسية، وخلقنا مزجا غربا من الثقافات في إيران، لكنها لم تتمكن من لعب دور مؤثر في المجتمع».